محمد طه ودرس اسمه ثم

محمد طه ودرس اسمه ثم

محمد طه ودرس اسمه ثم

 لبنان اليوم -

محمد طه ودرس اسمه ثم

طارق الشناوي
بقلم: طارق الشناوي

عرفت مصر رجلًا عظيمًا اسمه زكريا الحجاوى، آمن بالفن الشعبى على اعتبار أنه روح الإبداع الحقيقية للوطن، فهو يحمل فى (جيناته) الأصل والعمق، كان الحجاوى يلف القرى والنجوع بحثًا عن هؤلاء الموهوبين، وكأنه يبحث فى فدان قش على درة ثمينة، وقد يخرج بعد كل هذا المجهود المضنى خاوى الوفاض، ولا ييأس، بعد قليل يعيد التنقيب فى القش.

قدم العديد من هؤلاء الفطريين، مثل خضرة محمد خضر وبدرية السيد (بدارة) وأبو دراع وفاطمة سرحان، وغيرهم، كان الكاتب الكبير محمود السعدنى يعتبره من أساتذته الذين تعلم منهم، فلقد كان الحجاوى زاهدًا فى كل شىء، يكفيه القليل، بلغت قناعة السعدنى بالحجاوى أنه يضعه فى سطر واحد مع كل من كامل الشناوى وبيرم التونسى ومأمون الشناوى، وهؤلاء هم الأساتذة الأوائل لكاتبنا الساخر الكبير.

اكتشاف الموهبة يحتاج إلى موهبة استثنائية، وهو ما كان يتحلى به الحجاوى، كانت مصر من خلال الإذاعة، ثم التليفزيون، وأيضًا قصور الثقافة تقدم لنا بين الحين والآخر أحد هؤلاء الموهوبين.

أتوقف أمام محمد طه، الذى كثيرا ما كنت ألتقيه فى (ماسبيرو) صاعدًا أو هابطًا فى الأسانسير، فنان معتز بإنجازه، كل شىء يرتديه «مكوى» وعلى سنجة عشرة، الطربوش والعباءة والحذاء والشراب، ويملأ الأسانسير عطرًا فواحًا، التقطته السينما المصرية وشارك كثيرًا بالغناء، وقليلا بالتمثيل، كان يغنى ويصفق ع (الواحدة)، التفسير المتداول للتصفيق أنه قد سبقه ببضع سنوات مطرب شعبى آخر (محمد أبو دراع)، وصفة أبودراع تعنى أنه فقد أحد ذراعيه، وبالتالى لا يتمكن من التصفيق، ولهذا حرص محمد طه على أن يغنى بحلاوة ويصفق بذمة.

بلغ نجاحه الجماهيرى أن سمير غانم قدم «إسكتش» على طريقة (البارودى) بالسخرية من محمد طه وفرقته فى مسرحيته الشهيرة (المتزوجون).

كثيرا ما يصطدم هؤلاء باللوائح، تقدم لعضوية نقابة الموسيقيين، وكما هو متوقع رفضوه لأنه لا يحمل أى شهادة، رغم أنه كان يؤلف مئات من المواويل، يرتجل أغلبها على المسرح.

أقام دعوى قضائية ضد النقابة، طلب منه القاضى أن ينيب عنه محاميًا للدفاع، على الفور ارتجل هذا الموال: (أنا فى محكمة العدل/ أصل العدل للعادل/ أنا اسمى عدل الكرام محمد طه/ أبو نفس عالية ما يوم وطاها).

يعيش فى ذاكرتى موقف لا أنساه مع محمد طه، كنت مسؤولًا فى مطلع التسعينيات عن النشاط الفنى بنقابة الصحفيين، واقترح رئيس اللجنة الثقافية، الكاتب الكبير الراحل مجدى مهنا، إقامة حفل بمناسبة الربيع وشم النسيم، وبدأت فى التواصل مع المطربين، مثل عمرو دياب ولطيفة وهانى شنودة وفرقة (المصريين) وغيرهم، الكل كان سعيدا بالمشاركة وبلا مقابل، خاصة أن فقرات الحفل سوف يسجلها التليفزيون، ويقدمها على شاشته، وفى تلك المرحلة كان البث الأرضى فقط هو المسيطر، ولم نكن قد دخلنا بعد عصر الفضائيات، قررت أن أضيف لكل هؤلاء اللمسة الشعبية وخير من يعبر عنها محمد طه.

أيقنت أنه سيسعد جدا بالغناء للصحفيين على اعتبار أنه يضيف لجمهوره دائرة أخرى من المثقفين، كان لدى يقين بأننى أمنح محمد طه فرصة لا تعوض.

طلبت رقمه فى المنزل، رد علىّ بكل سعادة وترحاب، وبعد أن انتهيت أجابنى بكلمة واحدة (ثم)، كررت مجددًا الكلمات، جاء الرد هذه المرة بصوت أعلى (ثم يا أستاذ شناوى ثم)، كررت فقال لى (يعنى أروح للجزار وأقوله هاتلى كيلو لحمة بدون أن أدفع مقابلا، لأن نقابة الصحفيين قدمت لهم حفلًا مجانيًا؟)، وأضاف (فيه ثم ولا مفيش ثم؟)، قلت له مع الأسف إمكانيات النقابة لا يوجد فيها بند (ثم)!!.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد طه ودرس اسمه ثم محمد طه ودرس اسمه ثم



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 11:02 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 10:02 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 18:36 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

حقائب فاخرة لأمسيات رمضان الأنيقة

GMT 19:03 2022 السبت ,14 أيار / مايو

نصائح لاختيار ملابس العمل المناسبة

GMT 11:22 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

أجمل العطور النسائية برائحة الحلوى

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 15:36 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon