أستاذ التاريخ يعترض

أستاذ التاريخ يعترض!

أستاذ التاريخ يعترض!

 لبنان اليوم -

أستاذ التاريخ يعترض

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

أستاذ التاريخ د. خالد حسين محمود يعترض على مسلسل (الحشاشين). من حقه قطعًا أن يعلن على الملأ أن الحلقات يشوبها ما يراه هو وفريق العمل أخطاء، كان مكلفًا من المخرج والإنتاج بالقراءة وإعداد تقرير وهم أنجزوا- كما هو واضح - المهمة من وجهة نظرهم بدقة، من الواضح أن المخرج لم يلتزم بكل الملاحظات، البيان الأول الذى أصدره أستاذ التاريخ.

تضمن تعبيرًا بأن المخرج لديه أغراض أخرى، فتحت هذه الجملة الكثير من الرياح العاصفة خارج السياق، فمن الذى يملك تحديد تلك الأهداف؟ بعدها أصدر البيان الثانى الذى يؤكد أن البيان الأول أُخد بعيدًا عن السياق، وأنه وكل الأساتذة الذين شاركوه المراجعة لم يقصدوا التشكيك، وأن المسلسل فى حلقاته الأولى، ولا يزال متبقيًا أمامه الكثير ولا يجوز إصدار الآن حكم مطلق.

الفترة الزمنية بين البيان الأول والثانى ستكتشف أنها ساعات قليلة، مؤكد أن أسرة المسلسل وتحديدًا المخرج بيتر ميمى هو الذى طلب مراجعة أساتذة التاريخ، باعتبارهم خبراء فى مجالهم، والمخرج مثل القاضى، الذى يستعين بخبير فى مجال ما، اثناء نظر القضية، إلا أنه فى النهاية هو المنوط به إصدار الحكم، يأخذ أو لا يأخذ برأى الخبير هذه حكاية أخرى.

المسافة شاسعة بين الحقيقة التاريخية والحقيقة الدرامية، أتذكر قبل نحو 38 عامًا عندما طالب البعض بمصادرة فيلم (البرىء) وأقيم عرض خاص فى قاعة داخل مدينة السينما بالهرم، كان يطلق عليها (قاعة الوزير)، وحضر أربعة وزراء أحمد رشدى وزير الداخلية والمشير أبوغزالة وزير الدفاع وصفوت الشريف وزير الإعلام ود. أحمد هيكل وزير الثقافة، تناول اعتراض أبوغزالة كما قال لى كاتب الفيلم وحيد حامد على طريقة التحية العسكرية وكيف تتم بين الرتب المتعددة، تلك كانت هى التفاصيل التى استوقفته، رغم أن الفيلم كانت عليه اعتراضات أشد خطورة، متعلقة بأنه يثير الرأى العام، وهو ما لم يجد له وزير الدفاع الأسبق أى مبرر.

التاريخ كوثيقة لا تقدم كما هى دراميًّا، مثلًا لا توجد فى التاريخ شخصية عيسى العوام التى أحببناها وتماهينا معها فى فيلم يوسف شاهين (الناصر صلاح الدين)، كانت هناك ضرورة درامية لاختراعها أضفت الكثير على الأحداث، رجل التاريخ سيعتبر ذلك انتهاكًا، ولكن فى قانون الدراما هناك اعتبارات أخرى.

(الحشاشين) كان حريصًا على أن يقدم رؤية موازية للتاريخ وليست نقلًا للتاريخ، قد تعجبك أو لا تعجبك، إلا أن الحكم هنا يحتمل تعدد الآراء وأحيانًا تناقضها، كل منا يطل بوجهة نظره على الحدث، نحن جميعًا أسرى دائرة اهتمامنا، تخيل مثلًا عملًا دراميًا يقدم حياة صحفى على الفور ستجدنا معشر الصحفيين نبحث عن تفاصيل دقيقة لا تحدث واقعيًّا فى عالم الصحافة تصبح هى البطل بالنسبة لنا فى الحكم على العمل الفنى، وهو ما تجد له تنويعات فى العديد من المهن الأخرى، مثل الأطباء والمهندسين والممرضات، وفى العادة تبدأ مساحات من الاعتراضات تخيم تمامًا على الموقف.

المسلسل تحت مرمى الجميع، حق مشروع للجميع فى إبداء الرأى، على شرط أن ندرك أننا لسنا بصدد عمل فنى تاريخى ولكن من وحى التاريخ، مثلًا فى مسلسل (الإمام الشافعى) الذى عُرض العام الماضى عدد من المواقف لم تستند على وقائع مثبتة ولكنها ممكنة، قانون الدراما قائم على قاعدة الممكن، والإطار الذى يستلهم التاريخ يتسع لكل الأفكار الممكنة ويرفض فقط المستحيل.

سوف تتعدد مع استمرار عرض الحلقات الإطلالات والأفكار. (الحشاشين) فتح الباب لتعدد الرؤى، ولا أتصور أن هذا الباب سيغلَق حتى بعد نهاية رمضان!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أستاذ التاريخ يعترض أستاذ التاريخ يعترض



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:44 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

اقتحام مقر وكالة الأنباء الليبية في طرابلس

GMT 17:17 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

بسمة تضجّ أنوثة بفستان أسود طويل مكشوف عن الظهر

GMT 18:51 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

ملابس ربيعية مناسبة للطقس المتقلب

GMT 13:01 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

موديلات ساعات فاخّرة لهذا العام
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon