«حالة خاصة» متى تصبح عامة

«حالة خاصة».. متى تصبح عامة؟

«حالة خاصة».. متى تصبح عامة؟

 لبنان اليوم -

«حالة خاصة» متى تصبح عامة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

بأقل الإمكانيات نستطيع لو خلصت النوايا أن نقدم الكثير، على شرط أن نمتلك الموهبة والصدق، هذا هو الدرس الأهم لمسلسل (حالة خاصة). المسلسل عشر حلقات، عرضت فقط أربعة منها، إلا أنها كانت قادرة على المشاغبة الفنية والفكرية، معروض على (واتش إت)، أى أنه خضع للرقابة المصرية الصارمة بكل قيودها وحساسيتها، ورغم ذلك حظى بالعرض العام، دون تصنيف عمرى.

وهو ما يؤكد أن تحرر المجتمع يبدأ بهذا الهامش من الاشتباك مع الحياة بكل مفرداتها. المسلسل ينطوى حتى فى عدد من جمل الحوار على كلمات، لا توافق عليها عادة رقابتنا (المستحية) دومًا، من الواضح أن هناك من تحمّس وتحمّل المسؤولية ومنح الضوء الأخضر.

قطعًا ليس هذا هو فقط سر السحر، المفتاح يبدأ من (الكلمة)؛ فهى نقطة البدء، تستطيع أن تقول لدينا كاتبًا موهوبًا مهاب طارق، ومخرجًا شابًا مبدعًا عبدالعزيز النجار.. المسلسل التجربة الثانية لمهاب، الأولى كانت مشاركة المخرج محمد سامى فى تأليف (جعفر العمدة)، وهذا يعنى سيطرة سامى على الصياغة الدرامية فى (جعفر)، بينما هذه المرة مهاب هو صاحب الرؤية، يقينًا استفاد من موهبة سامى فى اختيار جملة الحوار التى تحقق مردودًا فى الشارع.

كاتب عصرى جدًا فى اختيار مفرداته والموقف الدرامى الذى يقدم من خلاله الفكرة، لديه ميزة التكثيف، فهو يحذف الكثير من جمل الحوار الزائدة ويصل مباشرة للحدث، ليقدم لغة تنتمى لهذا الزمن، أرى مهاب مكسبًا حقيقيًا للدراما.

تستطيع أن تحدد أن أضعف حلقة فى الأعمال الدرامية تبدأ من عدم توفر الكاتب الموهوب، دأبنا على وصف الأزمة بغياب (الورق)، ولهذا نحتفى بالموهبة الجديدة التى تملأ هذا الفراغ الذى نعيش فيه.

أتوقف أمام المخرج الشاب عبدالعزيز النجار، تستطيع أن تحدد نسبة 50 فى المائة من نجاح العمل الفنى تخضع لتسكين الأدوار، وكان عبدالعزيز مدهشا فى الرهان على كل هؤلاء، طه دسوقى وغادة عادل وحسن أبوالروس ونبيل على ماهر وهاجر السراج وأحمد الأزعر وهايدى كابوه وأحمد طارق.

وجوه لها طلة طازجة على الشاشة، حتى المخضرمة غادة عادل، أكثر الأسماء رسوخًا ولها رصيد ضخم، تشعرك فى أدائها بنبض جديد وقدرات عميقة فى الأداء، تذكرنى بفيلمها الأهم (فى شقة مصر الجديدة) للمخرج محمد خان.

شاهدت طه دسوقى فى مسلسل (الصفارة) رمضان الماضى، وراهنت عليه منذ طلته تلك بأنه مشروع نجم قادم، وتأكد ذلك فى العديد من الأعمال اللاحقة، مثل (فوى فوى فوى).

شخصية المتوحد بطبعها جاذبة، طيف التواجد له درجات مختلفة، لا تستطيع أن تضع قانونًا واحدًا لكل من يعانون التوحد، إلا أن هناك أشياء مشتركة مثل اللقاء الحميم يظل بالنسبة لهم معضلة مستحيلة. هم يرفضون التلامس بأى شكل، ولكن ردود فعلهم تتفاوت من حالة إلى أخرى، ليس لديهم القدرة على استيعاب ظلال الكلمات، الكلمة تحمل فقط معنى مباشرًا، تلمح أيضًا الذكاء المفرط فى عدد من جوانب الحياة.

لم يتعمد المسلسل تقديم درس فى التعامل مع المتوحد، إلا أنه تعمد، وهذا ما يُحسب له من الابتعاد عن زرع التعاطف المباشر مع شخصية طه دسوقى. تفاصيل علاقة المتوحد حتى بالإضاءة فى برنامج يشبه (من سيريح المليون)، عبّر عنه المخرج بأسلوب حساس جدًا وعن وعى، مع ممثل قادر على التعايش مع الشخصية.

عدد من الوجوه الجديدة لديهم جميعًا نفس المفتاح، وهو الطبيعية فى الأداء.

كل تلك التفاصيل تستطيع أن تراها مجسدة أمامك مع تضفيرها بموسيقى فرقة المصريين التى شكلت جزءًا حميمًا فى المزاج التعبيرى للشخصيات، وهو ما التقطه هانى شنودة فى استخدام موسيقاه التصويرية.

قطعًا تلك مجرد بداية للتحليل، فلا يمكن اعتبارها نهاية المطاف، الحلقات الست القادمة هى التى تكمل لدينا الرؤية. فقط أتمنى أن تصبح الحالة الخاصة عامة. منتج جرىء طارق الجناينى، ومنصة تتحمس لوجوه جديدة (واتش إت)، ويواكب ذلك رقابة تخلصت من ميراث الرعب المرضى الذى نعيش فيه!!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حالة خاصة» متى تصبح عامة «حالة خاصة» متى تصبح عامة



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 02:24 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الحبوب وأكثرها فائدة لصحة الإنسان

GMT 02:03 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مشاهير عالميون حرصوا على أداء مناسك عمرة رمضان 2024

GMT 15:36 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:38 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح عند اختيار طاولات غرف طعام مستديرة

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:47 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفكار لارتداء إكسسوارات السلاسل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon