تحليل السقوط الإجابة هي السؤال

(تحليل السقوط).. الإجابة هي السؤال

(تحليل السقوط).. الإجابة هي السؤال

 لبنان اليوم -

تحليل السقوط الإجابة هي السؤال

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

يجيد الخبير المتخصص التقاط الدرة الأجمل، مهما امتلأت الأجواء بالكثير من المغريات السينمائية، وهذا هو تحديدًا ما يميز اختيارات مدير مهرجان (الجونة)، الخبير السينمائى، انتشال التميمى في انتقائه للأفلام.

ربما يعتقد البعض أن الفيلم الفائز مثلًا بسعفة (كان)، مثل (تحليل السقوط) لجوستين تريبيه، التي شاركت أيضًا في السيناريو، لا يحتاج لاختيار، فهو يفرض نفسه بعد أن توج بأهم جائزة، إلا أن من يعلم ما يجرى في (الكواليس) يدرك أن الأمر يحتاج إلى قدرة استثنائية على التفاوض، (الجونة) ليس وحده في الحلبة، كما أنه ليس أيضا الأغنى، ولكنه يمتلك قوة تفاوضية تتكئ على خبرة تصل إلى أربعة عقود اكتسبها انتشال، ومنح الكثير من تلك المفاتيح لتلاميذه. عندما أعلنت جوائز (كان) جاء تفسير البعض أن المهرجان، أو تحديدًا لجنة التحكيم، قررت أن تواصل الانضمام إلى شعار الانحياز للمرأة المخرجة، خاصة إن (كان) متهمًا مسبقًا بالوقوف ضد المرأة، وتضاءل عدد الأفلام في المسابقة الرسمية التي تخرجها النساء، كم من مرة عايشت تظاهرات نسائية لا تخلو من رجال تتهم المهرجان بالتنمر ضد المرأة.

هذه هي السعفة الثالثة طوال تاريخ (السعفة الذهبية) من واقع 76 دورة، وهى نسبة قليلة جدًا كما ترى، والأقل منها الأوسكار 95 دورة لم تفز بأفضل فيلم سوى أيضاً ثلاث نساء.

هذا لا يعنى بالضرورة أنها مقصودة، كما أنه على الجانب الآخر لا يعنى أيضاً أن المطلوب لرفع الظلم منح المرأة جائزة استحقتها أم لا؟.

في الفن تحديداً يجب فرض قيود خارجة عن الإبداع، تحول دون اختيار الأفضل، وهكذا أرى استحقاق فيلم (تشريح السقوط) جائزة (كان) دون أن نضع في المعادلة أن المخرجة امرأة.

الظلم الأكبر يقع على الشريط السينمائى، لو اكتفينا بتوصيفه على اعتبار أنه فيلم جريمة، لدينا جثة قتيل، وعلينا أن نعثر على القاتل، ليس هذا هو أبداً (تشريح السقوط).

الفيلم يترك مساحات غامضة في كل الشخصيات، علينا اكتشافها، أنه سؤال عن الحقيقة التي كثيرًا ما نعتقد في لحظات أننا أمسكنا بها، بمجرد امتلاكنا لدليل إثبات، حتى لو كان، هناك دليل نفى، أو في الحد الأدنى تشكيك في قوة الدليل، ولهذا في العالم كله، لا يحكم القاضى بالإدانة إلا مع دليل قطعى، ويميل للبراءة لمجرد الاحتمال.

لسنا بصدد الثالوث الدرامى الشهير (الزوج والزوجة والعشيق)، وتبدأ أنت في حل اللغز، لكنها ثلاثية الزوج والزوجة والطفل، والأخير يعانى من إعاقة بصرية، وهو الشاهد الوحيد على الجريمة، لو صحت أنها جريمة ومع سبق الإصرار، مما يجعل القضية مستحيلة الإثبات القطعى. الطفل يكتشف مقتل والده وسقوطه من أعلى، ومن هنا جاء العنوان (تشريح السقوط) هل هو متعمد؟، أم أنه تعثر في الطابق الأعلى وفقد توازنه؟، أم ربما جريمة متكاملة الأركان دبرتها الزوجة.

مساحات الغموض كثيرة، وأنت لا تستطيع أن تملأها، موقناً من الحقيقة، والأهم أن هذا ليس هو تحديداً ما تبحث عنه المخرجة، لكنها أولاً وثانياً وحتى عاشراً، تريد إثارة الخيال بالتأمل في تفاصيل الشخصيات.

ليس مطلوباً منك أن تتقن تحديد ملامح الشخصيات، ولا دوافعها وأنت مطمئن تماماً إلى صدق رؤيتك، فلا توجد خطوط قاطعة تبنى عليها الموقف، ولكن هناك مساحات واسعة من الحيرة، وهذا هو ما اعتمد عليه بناء السيناريو، الذي قدم في أحد المشاهد صوتاً فقط. هذه هي الوثيقة التي احتفظ بها عقل الطفل شبه الكفيف، عن صراع بين الزوج والزوجة وصوت ارتطام، فهل تكفى لكى تنتهى إلى الإدانة؟. الفيلم قطعاً استحق السعفة، ودفعنى مجددًا لقراءة متأنية لسينما لا تقدم إجابة، ولكن يظل ترديد السؤال أثناء وبعد الفيلم هو الإجابة!!.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحليل السقوط الإجابة هي السؤال تحليل السقوط الإجابة هي السؤال



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:05 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 15:08 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

هزة أرضية تضرب ولاية تبسة شرقي الجزائر

GMT 16:31 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

الجزائري عسله الأكثر تصديًا للكرات في الدوري

GMT 23:10 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 9 مايو/ أيار 2023

GMT 19:03 2022 السبت ,14 أيار / مايو

نصائح لاختيار ملابس العمل المناسبة

GMT 18:36 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

حقائب فاخرة لأمسيات رمضان الأنيقة

GMT 15:28 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الكشف عن قائمة أفضل وجهات سفر عالمية في 2024

GMT 11:52 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

إتيكيت زيارات العيد

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 11:06 2022 الإثنين ,14 شباط / فبراير

أفضل الزيوت الطبيعية للعناية بالشعر الجاف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon