رسالة إلى المخرج الأشهر والأنجح والأكثر مفهومية

رسالة إلى المخرج الأشهر والأنجح والأكثر مفهومية

رسالة إلى المخرج الأشهر والأنجح والأكثر مفهومية

 لبنان اليوم -

رسالة إلى المخرج الأشهر والأنجح والأكثر مفهومية

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

إذا مدحت فيلمه فإنك، ولا شك، الناقد الجهبذ المنتظر، (الذى لم تلده ولّادة)، وإذا اقتربت ولو من بعيد لبعيد لتخوم تلك الحصانة الوهمية التى صنعها لنفسه (يا ويلك يا سواد ليلك).

تأملت حواره الأخير بعد أن منحته «المصرى اليوم» كل تلك المساحة المميزة، وهذا قطعًا من حقه، عليه فقط أن يكتفى بتوجيه المديح لنفسه كما يحلو له، على ألا يلقى حجارة عشوائية، على من يخالفونه الرأى.

يرى خالد أن إنجازه الأهم والأشطر والأذكى والأكثر إلمامًا فى العالم بالفن وأيضًا بالنقد، وبالتالى من حقه توجيه النقاد لما ينبغى عليهم أن يكتبوه عن أشرطته السينمائية، ويوضح لهم الذى عليهم أيضًا أن يتجنبوه، يغضب من عنوان فرضته الشاشة (الشعبطة على أكتاف أسامة أنور عكاشة).

ستكتشف هذه الأيام، أنه الأكثر احتلالًا للشاشات، والمنصات والمواقع الإخبارية، بين مخرجى كل الأفلام المعروضة، ولا يتوقف فى الدفاع عن فيلمه من استخدام كل الكلمات (الحنجورية) التى انتهى عمرها الافتراضى.

بعض الأعمال الفنية تبدو مثل فقاقيع الصابون (منفوشة) تشغل حيزًا، تحتل مكانًا، إلا أنها لا يمكن أن تعنى أبدًا مكانة.

سبق أن كتبت أن خالد يوسف تأمل أستاذه يوسف شاهين جيدًا، واكتشف أن أسطورته قائمة على ضلعين أساسين فنان مبدع، وصفته يومًا فى حياته أنه موسيقار السينما الأول ـ أحال (الكادر) المرئى إلى حالة تملك إشعاعًا موسيقيًا من فرط تكاملها وهرمونيتها، هذا هو الضلع الأول فى سيمفونية يوسف شاهين، أما الثانى فإنه ماكينة دعاية، لا تتوقف عن الحضور، لم يغب أبدًا (جو) عن ( الكادر) ودائمًا صوته يعلو، كان مغفورًا له أحيانًا انفلاته ببعض كلمات، خالد أخذ فقط الموهبة الثانية من يوسف شاهين، وهو التواجد وبكثافة على أمل أن يخلق له حماية جماهيرية، كان لدى يوسف شاهين قطعًا ما يستحق الدفاع عنه فهو مبدع استثنائى، لا يمكن استنساخه . أتذكر مثلًا أننى كتبت مقالًا على صفحات (روزاليوسف) عن فيلم يوسف شاهين (سكوت ح نصور)، عنوانه (سكوت ح نهرج)، فأخذ يهاجمنى فى كل الصحف والبرامج سواء داخل مصر أو خارجها، وبعد مرور أقل من عام، كنت أعد وأقدم برنامجًا عبر قناة (أوربت) واسمه (عمالقة الفن السابع)، سـألته فى نهاية الحوار الذى امتد أكثر من ثلاث ساعات، عن الأفلام التى يسقطها من تاريخه الذى يربو على أربعين فيلمًا أجابنى (نساء ورجال) و(سكوت ح نصور)!!.

العمل الفنى يدافع عن نفسه، لو كان يملك حقًّا وسيلة الدفاع، بينما خالد قرر أن يستخدم كل الأسلحة، حتى تلك التى تجاوزها الزمن، فهو يخترع حكاية وهمية عن صاحب الرأى ولا يناقش الرأى، فهو لا يملك الحجة لمناقشة الرأى. تفتق ذهنه عن تسويق كذبة للنيل من كاتب هذه السطور، قال إنه فى أحد البرامج سألوه عن النقد، وطبقًا لما ذكره بالحرف الواحد أنه أجاب (منذ وفاة سامى السلامونى وسمير فريد وعلى الراعى لا يوجد ناقد) وسأله المذيع عن شخصى الضعيف، فقال: كتاباته ليست نقدًا، ولكنها مجرد انطباعات صحفية، وأضاف أننى منذ تلك الواقعة، عندما يقدم فيلما أنتقده، انتقامًا منه على هذا الرأى.

وأنا فى الحقيقة لم أسمع من قبل هذا الرأى، وهو بالمناسبة لا يمكن أن يغضبنى، ومن حقه تمامًا، ولم يتجاوز فيه، ورغم ذلك فلك أن تعلم عزيزى القارئ أن الناقد الكبير سمير فريد رحل عام 2017 أى أن هذا الرأى أطلقه بعد هذا التاريخ، وقدم بعدها خالد فيلمًا واحدًا (كارما)، يعنى لو صح اتهامه فهذا يعنى أننى انتقدته بالسلب فى فيلم واحد فقط، وبالتالى لا يمكن أن يصبح هناك تعمد كما ذكر. كنت قد أشرت منذ أول أفلامه (العاصفة) إلى تلك المباشرة الفكرية فى التعبير السياسى، والتى لازمته كثيرا، حيث كان الفيلم يتناول الغزو العراقى للكويت، والانقسام العربى العربى.

وأشرت بعدها أيضًا إلى نفاقه للرئيس حسنى مبارك فى فيلمه (زواج بقرار جمهورى)، صاحب الفيلم دعاية صاخبة بسبب أن الرقيب د. مدكور ثابت تحفظ على تقديم شخصية الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، وشاهد الفيلم جمال مبارك فى عرض خاص وتم السماح بتداوله بمباركة الدولة وتشجيعها، فهو فى النهاية يدافع عن سماحة الرئيس، متهمًا الحاشية بالقصور، والفساد، أين هى الشجاعة المزعومة إذن؟.

فى فيلم (دكان شحاتة) لو تأملته جيدًا ستكتشف أنه يسوق لتوريث الحكم لابن صاحب الدكان، وكنا وقتها نتناول على صفحات الجرائد والفضائيات توريث الحكم، وقال الفيلم مباشرة «لو لم يتم ذلك سوف يسيطر التيار الإسلامى». وبالمناسبة نشرت هذا الرأى فى زمن مبارك. يقول مثلًا فى أحد حواراته إننى هاجمت فيلمه (حين ميسرة) رغم أننى لم أكتف فقط بالدفاع عن الفيلم ضد من أرادوا مصادرته، بل أقمت ندوة فى الأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام وحضرها قطعًا خالد والأبطال، إلا أنه سرعان ما تختلط عليه الأمور. أعلم أنه تعود على الحفاوة الزائدة، التى يلقاها فى بعض الدوائر لأسباب متعددة، وهو ما يمكن أن تفهمه فى إطار آخر غير النقد والصحافة، الرجل مثلًا يقول فى أحد البرامج إنه أفضل مخرج قدم معارك بعد يوسف شاهين، «رغم أننا شاهدنا حذاء (ماركة أديداس) فى معارك نابليون التى جرت فى القرن الثامن عشر». كيف مثلًا لمخرج مخضرم يكتب فى (الإسكندرانى) على الشاشة، (مرت عشر سنوات)، ثم تجد أن صور الأبطال جميعا ثابتة لم يفعل بها الزمن شيئًا، لن تجد إجابة،؟ اللغة السينمائية، التى كتب بها السيناريو تنتمى لزمن قديم، تمت إضافة مجموعة من التحابيش لترويجها، مثل معارك (العوضى)، ولا أتصور أن أسامة أنور عكاشة، المعتز دومًا بإبداعه، كان سيوافق على كل هذا العبث الذى يحيله السيناريو والحوار الذى يحمل اسمه إلى مجرد شريط سينمائى تجارى.

الحكمة تقول (إنك لن تستطيع أن تضحك على كل الناس كل الوقت).

أى فقط تستطيع أن تضحك على بعض الناس بعض الوقت، ودور الصحافة والنقد هو فضح الأكاذيب!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة إلى المخرج الأشهر والأنجح والأكثر مفهومية رسالة إلى المخرج الأشهر والأنجح والأكثر مفهومية



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 02:24 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الحبوب وأكثرها فائدة لصحة الإنسان

GMT 02:03 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مشاهير عالميون حرصوا على أداء مناسك عمرة رمضان 2024

GMT 15:36 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:38 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح عند اختيار طاولات غرف طعام مستديرة

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:47 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفكار لارتداء إكسسوارات السلاسل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon