المتاجرون بـ«سمعة مصر»

المتاجرون بـ«سمعة مصر»!

المتاجرون بـ«سمعة مصر»!

 لبنان اليوم -

المتاجرون بـ«سمعة مصر»

بقلم : طارق الشناوي

في الأيام الأخيرة تردد كثيراً في «الميديا» تعبير «الإساءة لسمعة مصر»، بعد عرض فيلم «ريش» في مهرجان «الجونة». أشهر هذا السلاح في البداية الفنان شريف منير الذي غادر دار العرض محتجاً بعد نصف ساعة، وتبعه آخرون، رغم أن أغلبهم لم يستكملوا مشاهدة الفيلم.
ولم تكن تلك هي الحالة الوحيدة؛ البعض قبل 30 عاماً طالب بنزع الجنسية المصرية عن المخرج يوسف شاهين، بعد عرض فيلمه «القاهرة منوّرة بأهلها» في مهرجان «كان»، وطالبوا السلطات بوضع اسمه ترقب وصول في مطار القاهرة.
في نهاية الثلاثينات أخرج كمال سليم فيلم أطلق عليه «الحارة». لم ترتح الأجهزة الرقابية -التابعة وقتها لوزارة الداخلية- للاسم. توجسوا في النيات، وطالبوا بتغيير العنوان، لأن «الحارة» توحي بظلال الفقر والعوز فصار اسمه «العزيمة»، ودخل تاريخنا السينمائي العربي كأول الأفلام الواقعية.
عندما قدم صلاح أبو سيف في منتصف الخمسينات فيلمه «شباب امرأة» اشترطت الرقابة للتصريح أن يكتب قبل «التترات» تحذيراً للأهالي حتى لا يتحول أبناؤهم إلى نسخ مشوّهة من إمام «شكري سرحان»، طالب الجامعة القادم من الريف، الذي يقيم علاقة محرمة مع شفاعات «تحية كاريوكا».
الكثير من الحكايات تؤكد أن سلاح سمعة الوطن كثيراً ما يُستخدم، مع تعدد أهدافه. عندما أخرجت قبل 16 عاماً، جوسلين صعب فيلم «دُنيا»، قالوا سمعة بنات مصر تنتهكها مخرجة لبنانية، رغم أنها تصدت لظاهرة ختان البنات، التي صدرت مؤخراً قوانين تجرّمها. تكرر الموقف مع فيلم «ريش». الفيلم قبل العرض في «كان» ثم «الجونة»، حصل على الموافقة من الرقابة المصرية، إلا أنهم دائماً ما يلقون بـ«ماء النار» في وجه من يريدون تشويهه.
تعددت التحليلات، مع زيادة عدد الجوائز التي حصدها الفيلم، صار هذا العام هو الأهم عربياً في كثير من المهرجانات، وآخرها «الجونة»، انتزع الجائزة عن جدارة، رغم أن البعض لا يزال يشكك في أحقيته، ولا أدري كيف تتعدد الجوائز التي يحصدها الفيلم من مهرجان إلى آخر بلجان تحكيم مختلفة، وتظل لدينا توجسات في مصداقيتها؟
الفيلم ينضح بالصدق، يقف فيه ممثلون لأول مرة أمام الكاميرا، يجيد المخرج تحريكهم بكل هذه الكفاءة محافظاً على تلقائيتهم، يستحق منّا كل حفاوة وتقدير.
يبدو أن البعض لا يعرف كيف يشعر بالسعادة والفخر. في العام الماضي فاز الفيلم القصير «أخشى أن أنسى وجهك» للمخرج سامح علاء، ولأول مرة في تاريخ السينما المصرية بجائزة «السعفة الذهبية» من مهرجان «كان»، الدورة أُقيمت افتراضياً. فوجئت بأن الفيلم الذي لم يشاهده سوى عدد محدود جداً من النقاد، يواجَه باتهام لا يقل ضراوة، وهو الإساءة للإسلام، لمجرد أنه قدم رجلاً يرتدي نقاباً حتى يتمكن من رؤية الفتاة التي يحبها.
المأساة ليست أبداً أن نختلف على تقييم عمل فني بطبعه يحتمل تعدد وجهات النظر، لديكم مثلاً فيلم «المومياء» لشادي عبد السلام، الحاصل قبل 8 سنوات على جائزة أفضل فيلم عربي من مهرجان «دبي» السينمائي، يراه البعض فيلماً مملاً، لا بأس من ذلك، فهو خلاف فني مشروع، تتعدد فيه وجهات النظر، ولكن البأس كل البأس، أن يواجَه العمل الفني بإلقاء ماء نار اسمه «سمعة مصر» في وجوه مَن نختلف معهم!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتاجرون بـ«سمعة مصر» المتاجرون بـ«سمعة مصر»



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم

GMT 05:28 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

نسرين طافش تَسحر القلوب بإطلالة صيفية

GMT 08:42 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

اتجاهات الموضة في الأحذية لربيع عام 2022
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon