أزمة اختلال العالم في أتون أوكرانيا

أزمة اختلال: العالم في أتون أوكرانيا

أزمة اختلال: العالم في أتون أوكرانيا

 لبنان اليوم -

أزمة اختلال العالم في أتون أوكرانيا

بقلم:يوسف الديني

لا يمكن لأحد أن يجلس على مقاعد الفرجة لما يجري في أوكرانيا، وليس الحديث هنا على الجانب الإنساني، وإنما لتوسع تأثيرات ما يجري على تشكل مفاهيم جديدة وعالم جيوسياسي جديد وحرب ما بعد باردة، حتى مع توقف المغامرة الروسية التي كانت نتيجة لحالة اختلال عميقة لا تكفي معها شعارات الناتو، أو التماسك الظاهري للاتحاد الأوروبي، علاوة على التبني والتخلي في آن واحد من قبل الولايات المتحدة، فيما تحضر ملفات عالقة وغائرة في كل ذلك، من أفغانستان إلى اليمن والحوثيين، ذراع إيران وطهران، التي بدورها تحاول أن تكون الأزمة والحل مع شره الغربيين المتعاظم إلى النفط على حساب عقلنة السلوك الإيراني الذي يختبر هشاشة المجتمع الدولي مرتين في أيام الضربة الأخيرة في أربيل العراق، ودفع الحوثيين إلى تكثيف محاولاتهم اليائسة لتغيير المعادلة في مأرب أو استهداف السعودية والخليج.
العالم اليوم في أتون أوكرانيا ومأزقها، وبغض النظر عن مآلات الحرب الروسية التي أيقظت الجميع؛ من المفكرين إلى علماء السياسة، وصولاً إلى أصحاب المشاريع الكبرى وآخرهم فرانسيس فوكوياما، الذي توقع في مقال له بمجلة «American Purpose» أن تتجه روسيا إلى هزيمة شاملة فيما يشبه المانفستو الآيديولوجي منه إلى التحليل الاستراتيجي، لكن الأهم أنه لم يتوقع، وفقاً للمعطيات اليوم، الوصول إلى أي حل دبلوماسي، وأن التكلفة عالية بالنسبة للأوكرانيين، لكن هزيمة الروس بحسب توصيفه ستجعل الحرية تولد من جديد، معترفاً أن هذا التحشيد لصالح أوكرانيا هو جزء من انتشال الغربيين من حالة الحزن من تراجع الديمقراطية في العالم!
ربما كان تحليل فوكوياما أقرب إلى الآمال منه إلى التحليلات، لكنه يستدعي أسئلة حرجة جداً حول هشاشة التبني الغربي للأزمات الكبرى ذات البعد الجيوسياسي على طريقة الوجبات السريعة... جرح أفغانستان كبير وما حدث لا يزال يلقي بظلاله على المفاهيم الكبرى المحركة للمجتمع الدولي والقوى الغربية، على رأسها الولايات المتحدة، لكن مثال اختطاف الحوثيين منذ سنوات للحالة في اليمن، وتجريف الهوية، وتدمير البلاد، وخطف الأطفال، وزرع الألغام، في ظل تلكؤ حتى في تصنيف الجماعة الإرهابية، علاوة على المقاربة الخاطئة للملف اليمني، بما في ذلك دور التحالف، في مقدمته السعودية، في إنقاذ اليمن بالمساعدات الإنسانية وتمكين الشرعية والخوف على المدنيين من دون استعجال للنتائج وتقديم كل فرص التفاوض، ومع ذلك كله المقاربة الخاطئة والمجحفة، وترك الحوثيين أداة طيعة لطهران وملالي إيران يثير أسئلة المصداقية، كما سيلقي بظلاله أيضاً حول موقف دول الشرق الأوسط حيال تلك الازدواجية، خصوصاً مع بناء روسيا بوتين علاقات جيدة مع معظم الدول جعلته على الأقل لا يندفع بالطريقة التي نراها اليوم، بمعنى آخر هناك «حالة عدم يقين» شرق أوسطي، حسب عبارة الخبيرة آنا بورشيفسكايا، في ندوة لمعهد واشنطن للسياسات حول التداعيات على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هناك حياد لدى دول المنطقة مؤيد لتماسك المجتمع الدولي ونبذ للحرب وإعادة الاعتبار للتوازنات ومخاوف من انتقال الحرب الباردة إلى شريعة الغاب للقوى المهيمنة، لكنها في مجملها تدرك تماماً أن ثمة كرة ثلج من الانحياز الغربي والازدواجية المتفهمة بحكم التخوم الأوكرانية لأوروبا لكن لا يمكن تبريرها، فالمبادئ والقيم لا تتجزأ، والأزمات تستدعي شراكات وليس مواقع مؤقتة، كما أن الواقعية السياسية تحتم التفريق بين الأسباب والنتائج والسياق الطويل للتجاذبات الروسية - الأوروبية وعلاقتها بالسيادة والحساسية الجيوسياسية التي هي اليوم في طول تشكلات جديدة، وربما أكبر من نطاق حرب أوروبا في 1945.
خليجياً لا يمكن التركيز على أوكرانيا، وغض الطرف عما يجري في فيينا، واللهاث حول اتفاق هش وذرائعي يغلف على أنه إنجاز دبلوماسي للأميركيين من دون ضمانات لتعديل السلوك الإيراني في المنطقة... فدول المنطقة تعلمت الدرس جيداً وربما أكثر مما يتوقعه فوكوياما هناك في البعيد!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة اختلال العالم في أتون أوكرانيا أزمة اختلال العالم في أتون أوكرانيا



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:03 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

العالم على موعد مع أول "تريليونير" في التاريخ خلال 10 سنوات

GMT 06:56 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أخطاء تجنبيها للظهور بصورة أنيقة ليلة رأس السنة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon