التصعيد الإيراني مناورات أم هويّة هجينة

التصعيد الإيراني: مناورات أم هويّة هجينة؟

التصعيد الإيراني: مناورات أم هويّة هجينة؟

 لبنان اليوم -

التصعيد الإيراني مناورات أم هويّة هجينة

بقلم:يوسف الديني

هناك جدل كبير مطروح في مراكز التحليل والبحث الغربية المختصة بالدراسات العسكرية المستقبلية حول الملف الإيراني، والملاحظ أن جدل التحذير من أن إهمال أخذ موضوع مشروع الملالي لعسكرة المنطقة، والوصول إلى خيارات الملالي قد انتقل من مرحلة التحذير إلى الشعور بالتهديد الوشيك.
السؤال المركزي في هذه النقاشات وما يتبعها من تقارير وندوات وتحليلات: هل طهران قادرة على صنع أسلحة نووية؟ كيف ومتى، ثم هل سيتبع ذلك الوصول إلى رؤوس صاروخية حربية قابلة للاستخدام، بما يعنيه ذلك من صعوبات فنية بالغة!
هناك شبه إجماع من الباحثين المراقبين للملف الإيراني على أن النظام الإيراني لن ينتظر هذه المرحلة المتقدمة من التطوير ليستعرض قدراته النووية، إذ يمكن للنظام أن يفعل استخدام الطائرات بديلاً للصواريخ في منطقة الإطلاق حتى لو كان اعتراضها أكثر سهولة لكنها خيار طهران المفضل.
ورغم المفاوضات الناعمة والمرتبكة مع إيران هذه الأيام، ولغة التصعيد والتلويح بالتدخل من قبل إسرائيل بلا مبالاة بأي امتعاض من بعض المسؤولين عن الملف الإيراني الأوروبيين، فإن الحراك النووي لو صحت التسمية في الداخل الإيراني يتصاعد ولو على الأقل من جهة التشغيب والتلويح بالقدرات الجديدة. المناورة الأخيرة في نهاية ديسمبر (كانون الأول) كانت مؤشراً على نوايا سنة نووية إيرانية جديدة ولو بالشعارات والضغط على فك الحصار عنها، ومن تابع مخرجات هذه المناورة الخطابية يدرك أن التلويح بالقدرات النووية هو جزء من الضغط السياسي باتجاه تخفيف العقوبات والتلويح بالانتقال من التحذير إلى التهديد كما جاء في خطاب اللواء غلام علي رشيد في افتتاحه لخطاب المناورة بمقر ما يسمى «خاتم الأنبياء المركزي»!
هدف المناورة بحسب ورقة لفرزين نديمي الخبير في الشؤون الدفاعية والملف الإيراني، تمثل في زيادة الاستعداد لأي حرب قادمة من خلال اختبار أسلحة جديدة ومحاكات سيناريوهات هجومية أكثر تطوراً، إضافة إلى محاولة لتحسين «قوة الردع الذكية» في مقابل ما يشاع من أن إسرائيل تسعى لضوء أخضر أميركي للقيام بعمليات نوعية بات التمهيد الكلامي لها محاولة للضغط، وهو ما قوبل بتهديد مضاد جاء على لسان غلام رشيد الذي وعد بـ«تنفيذ هجمات مدمرة فورية ضد كافة المراكز والقواعد والطرق والمجالات الجوية المستخدَمة لشن غارات جوية وتنفيذها ضد إيران».
الأجواء كلها تشير إلى أن التلويح بالحرب أصبح شعار المرحلة حتى لو كان ثمة صعوبات جوهرية لشن حرب، فما يحدث يشير إلى تحول «تعزيز الردع» إلى أداة لإعادة تفعيل المواقف السياسية بين طهران من جهة والدول الغربية التي بدأ يدرك باحثوها ومراقبوها، بعيداً عن خطابات السياسيين الناعمة والمتباينة، أن هناك تحركات غير مطمئنة لـ«الحرس الثوري» لإعادة فرض «الردع» بديلاً للمفاوضات ما يزيد الضغط على أمن المنطقة في العام الجديد وهو ما باتت معه النقاشات حول الاتفاق النووي أشبه بمسكنات سياسية في ظل زيادة أنشطة طهران الإرهابية المتمثلة في تفعيل أذرعها وميليشياتها في العراق ولبنان واليمن بوتيرة متصاعدة بهدف تخفيف الضغط على المركز «طهران» من خلال تشغيب «الأطراف» والظهور كقوة قادرة على التهديد في أكثر من موقع، وهذا ما يجعلنا نفهم ونثمن التحركات الأخيرة تجاه ميليشيا الحوثيين وانكشاف «حزب الله» وكوادره في مطار صنعاء الذي كان لإعادة ترسيمه كمقر حربي مقنع بمطار مدني أكبر الأثر في كشف نوايا الميليشيا الإرهابية بتدخل مباشر من «حزب الله» وملالي طهران.
الأكيد أنه ولى زمن إغراء طهران بالحوافز الغربية وشعارات السلام والوصول إلى اتفاق، وما يؤكده الخبراء الغربيون هو عودة إلى الأساسيات التي طرحتها الرؤية لدول الاعتدال، وفي مقدمتها السعودية، عن توصيف الحالة الإيرانية الذي يقضي بأنه لا يمكن النظر في الاتفاق النووي من دون معالجة مشروع طهران في المنطقة وتغيير سلوكها الحربي والآيديولوجي والميليشيوي. إيران الميليشيا لا يمكن التفاوض معها حتى تعود إلى منطق الدولة أولاً، وفي حال وجود أي مفاهمات مؤقتة سيكون من الصعب بناء آليات تدقيق وتحقيق لترسانتها علاوة على سلوكها وتمددها.
خلاصة القول أن أزمة إيران هي في هويتها التي تشبه مناوراتها الهجينة بين مكون الميليشيا في التعبير عن سياساتها، أو منطق دولة تدرك معنى السيادة والقانون. هذه الهوية الهجينة تفسر ارتباك المجتمع الدولي في قراءة هذه العلاقة بين طهران والميليشيات التي صنعتها منذ قيام ثورتها.
الميليشيات اليوم هي أكبر من مجرد صنيعة نظام طهران أو المحظية برعايته لأسباب مرحلة، بل باتت جزءاً من بنيته ونسيجه وأسباب بقائه، ولا يمكن تصور العودة إلى منطق الدولة والتخلي عن فوضى الميليشيا.
الميليشيات التي استنبتتها إيران في المنطقة، وإن كانت تعمل بشكل مخالف ومضاد بشكل كامل لمنطق الدولة، ليست مفهوماً فوقياً مفارقاً لبنية دولة الملالي، كما هو الحال مع جماعات العنف المسلح التي تولد بشكل ظرفي في مناطق التوتر والأزمات وهذه قصة أخرى كبيرة لها للحديث عنها بقية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصعيد الإيراني مناورات أم هويّة هجينة التصعيد الإيراني مناورات أم هويّة هجينة



GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

GMT 02:51 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليس مبعوثاً واحداً وإنما ثلاثة

GMT 19:33 2022 السبت ,07 أيار / مايو

البنطلون الأبيض لإطلالة مريحة وأنيقة

GMT 15:44 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

اقتحام مقر وكالة الأنباء الليبية في طرابلس

GMT 04:50 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

أفضل وجهات شهر العسل بحسب شهور العام

GMT 22:16 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

نفايات مسترجعة من تونس تسبب أزمة في إيطاليا

GMT 05:37 2022 الإثنين ,20 حزيران / يونيو

رسالة من وزير السياحة اللبناني إلى بلدية الغبيري

GMT 13:07 2023 الإثنين ,20 شباط / فبراير

منى سلامة تطرّز الشوكولاته بحب والدتها

GMT 21:18 2024 الأحد ,07 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الروسي يزور الصين غدًا

GMT 20:11 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هواوي تعلن رسميا إطلاق لاب توب Huawei MateBook 14
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon