عولمة التصعيد الحاجة إلى العقلانية السياسية

عولمة التصعيد: الحاجة إلى العقلانية السياسية

عولمة التصعيد: الحاجة إلى العقلانية السياسية

 لبنان اليوم -

عولمة التصعيد الحاجة إلى العقلانية السياسية

بقلم:يوسف الديني

الانتفاضات في إيران باتت شغل الصحافة المستقلة الشاغل، خصوصاً مع إمكانية رصد احتجاجات الشارع الإيراني ذات الطابع الشعبي غير المنظم، وللالتفاف على هذا الصدع الداخلي أدرك الملالي ضرورة تثوير مسألة «الملف النووي» مجدداً، وإعادة إنتاج خطاب الشعارات تجاه الغرب والمنطقة؛ إضافة إلى ادعاءات امتلاك قدرات دفاعية مؤثرة، من أبرزها أسطول الطائرات من دون طيار القادر على إحداث الفرق رداً على الاختراقات العميقة، التي أنتجتها حوادث الاغتيال الأخيرة لمسؤولين عسكريين رفيعي المستوى وعادة، والتي اشتغل الإعلام الإيراني بتوجيه أصابع الاتهام إلى أعمال إسرائيلية سرية، وفي كلتا الحالتين، فإن التلويح بالقوة وتفجير الأوضاع في المنطقة من قبل التصريحات العدائية المتصاعدة في طهران الفترة الماضية، يعني أن الذهنية السياسية للملالي، خصوصاً في الحرس الثوري يئست من أي تقدم في الوصول إلى تقدم في ملف المفاوضات.

التحولات في الداخل الإيراني ومناخ التصعيد بينها وبين إسرائيل، في ظل انشغال العالم بتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية ولاحقاً التصعيد الأميركي الصيني على مستوى التصريحات، كل هذا يعني أن العالم اليوم يمرّ بمرحلة حرجة فيما يشبه «عولمة التصعيد»، سواء العسكري أو التلويح بالحرب، انتقلت في شقها الإيراني من الاستهداف السيبراني أو ضرب الميليشيات الموالية لها في مناطق التوتر، خصوصاً في سوريا، إلى استهدافها في الداخل، وهو ما يعبّر عنه محللون إسرائيليون بتدشين «مبدأ الأخطبوط» إصابة الرأس لا الأطراف في محاولة لاستهداف مباشر للنظام، متمثلاً في رؤوس أمواله البشرية العسكرية، وليس في مناطق تأثيره أو الولاء له، ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي على مدى سنوات عديدة، نفّذ النظام الإيراني أعمالاً إرهابية ضد إسرائيل والمنطقة عبر وكلائه، ولكن لسبب ما تمتع رأس الأخطبوط - إيران نفسها - بالحصانة، أما اليوم فقد انتهى عصر حصانة النظام الإيراني.
وبحسب نيري زيلبر، الباحث في معهد واشنطن للسياسات، فإن هدف هذا التصعيد والاستهداف للداخل الإيراني إيصال رسالة للقوى الغربية والإدارة الأميركية بأن إسرائيل غير ملزمة أو مقيدة بأي اتفاق نووي يتم تجديده بين إيران والولايات المتحدة، الذي تبدو آفاقه غير مؤكدة حتى الآن، وبحسب عبارته «عقيدة الأخطبوط» ماضية بغض النظر عن البرنامج النووي الإيراني الذي يتوسع باطراد، وربما بالتزامن معه، ومع ذلك يؤكد الباحث أنه لا توجد ثقة أو ضمانات إسرائيلية حول مآلات هذا التصعيد سواء قيام حرب كبرى شرق أوسطية أم لا.
هذا التجاذب الإيراني الإسرائيلي، والتصعيد الصيني الأميركي، سيطرحان تحديات بالغة الصعوبة فيما يخص المواقف والمقاربات لهذه الوضعية الجديدة، من قبل الدول الفاعلة في المنطقة، خصوصاً العاقلة منها والمعتدلة وفي مقدمتها المملكة التي تسعى إلى التأكيد دوماً على منطق التهدئة والسلام وتحديد أولويات مكافحة التطرف والإرهاب، والتأكيد على مبدأ السيادة في كل الحالات.
الخليج اليوم بحاجة إلى رؤية صلبة وموحدة، في ظل انبعاث الإرهاب والتهاب منطقة الشرق الأوسط المتصاعد، على وقع تحوّلات العالم ما الأزمة الأوكرانية الروسية والتصعيد الصيني الأميركي، هذه الرؤية ضمانة خلق حالة تهدئة وإعادة ترتيب حسابات اللامنطق في عالم يفتقد العقلانية، مدفوعاً بقدرته على التأثير عبر تأثير الريادة الاقتصادية لإمدادات الطاقة، وطمأنة الأسواق العالمية وممرات التجارة الدولية.
وكما هو الحال في وضعية التصعيد، فإن دور الخليج أكبر في حال الوصول إلى أي مقاربات تفاوضية يجب أن تتضمنها رؤيته للسلام كما هو الحال في الملفات الكبرى، وذلك بهدف التأكد على المعالجة الناجعة، وبشكل متوافق مع القانون الدولي للحد من القدرات الإيرانية الصاروخية، وأنشطتها المناوئة وأذرعها المهددة لاستقرار العالم وأمنه وممراته التجارية والحيوية، هذه الضرورة السياسية التي تعكسها تصريحات السعودية الشفافة، هي جزء من إدراكها العميق لسيادة منطق الدولة والرفاه والمستقبل، قبل أي شيء ولتأثير الأوزان السياسية واقتصاداتها في المنطقة، بعيداً عن الشعارات أو التصعيد الذي يعكس ردود الأفعال فحسب.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عولمة التصعيد الحاجة إلى العقلانية السياسية عولمة التصعيد الحاجة إلى العقلانية السياسية



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 19:30 2022 السبت ,07 أيار / مايو

حقائب يد صيفية موضة هذا الموسم

GMT 20:40 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

اتيكيت الأناقة عند النساء

GMT 20:18 2022 الثلاثاء ,10 أيار / مايو

أفكار لتنسيق الجينز مع البلوزات لحفلات الصيف

GMT 05:22 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

نصائح لاختيار أحذية الـ Pumps بشكل صحيح

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 12:49 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين

GMT 12:29 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أقوى اتجاهات الموضة لخريف وشتاء 2024-2025

GMT 08:43 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

موديلات حقائب ربيع وصيف 2023

GMT 12:48 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب السعودي يتقدم 3 مراكز في تصنيف فيفا

GMT 11:15 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

خطوات بسيطة لتنسيق إطلالة أنيقة بسهولة

GMT 21:06 2022 الأحد ,17 تموز / يوليو

القطع المناسبة لإطلالات الشاطئ

GMT 01:34 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بلقيس فتحي تطرح أحدث أغانيها "أحاول أغير"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon