نهاية حفلة الشعارات متى تبدأ السياسة

نهاية حفلة الشعارات... متى تبدأ السياسة؟

نهاية حفلة الشعارات... متى تبدأ السياسة؟

 لبنان اليوم -

نهاية حفلة الشعارات متى تبدأ السياسة

بقلم - يوسف الديني

على طريقة النهايات الهوليوودية المبتذلة، انتهى صخب وحفلة الشعارات والمحاولات اليائسة لاستهداف السعودية، بحكم أن لعبة الأوزان السياسية هي الأكثر ربحية لدى أقلية اليسار الأميركي؛ رافعة بايدن الانتخابية ونقطة ضعف إدارته الجديدة. لا شيء يعبّر عن حالة الضعف والهشاشة ومرحلة الاستثمار في الشعارات على حساب السياسة والسيادة مثل التقرير الذي لم يأتِ بجديد، مما جعل العالم؛ وفي مقدمتهم السعوديون الذين حسموا أمرهم مبكراً، يتساءلون: «أين القصة؟!».
القصة بدأت بأن مملكة الاستباقية وبيت الحكم السعودي لديه تاريخ وثوابت راسخة من التقاليد السياسية العريقة، في التعامل مع الأزمات والمنعطفات الخطرة في تاريخ دولة تحولت إلى نموذج في تقديم «فضيلة الاستقرار»؛ من تصحيح الاندفاع المتشدد في «معركة السبلة» إلى «حادثة جهيمان» التي ارتفعت فيها عقيرة اليسار، مؤيدة وصفه بـ«الثائر»، وصولاً إلى حرب الخليج وما حملته من تكالب ذوي الأصوات النشاز بتأييد صدام، ثم «11 سبتمبر (أيلول)» والهالة التي صنعتها القوى المعادية للمملكة لتعود وتدرك أن ما حدث كان فناءً خلفياً لملالي طهران باستخدام «القاعدة» التي يقطن رموزها في طهران التي ترسل ميليشياتها لضرب القوات الأميركية في كل مكان، واستهداف أمن العالم في اللحظة التي تحاول فيها تلك الأصوات الضغط على الإدارة الأميركية لتمرير صفقة من شأنها تحويل المنطقة إلى ربيع للميليشيات والدم.
القصة أيضاً في استهداف المملكة في هذا التوقيت هي بسبب تحوّل رؤية وطموح الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي عرّاب التحديث وإعادة بناء مملكة عصرية جديدة واعدة، إلى نموذج في المنطقة بأسرها، لذلك يمكن أن نفهم هذا التحالف لملالي طهران والمشاريع التوسعية الأخرى من العثمانية الجديدة مع اليسار السياسي الذي يدرك أنه يمثل الأقلية الممسكة بزمام الإعلام والصوت العالي... إلى بناء وتمكين تحالف آيديولوجي استعدائي؛ سياسياً وطائفياً، حتى لو اضطر إلى تلميع الإرهابيين والخائنين أوطانهم بحجة حقوق الإنسان؛ القصة التي لم تعد تجد رواجها عند الأجيال الشابة الجديدة التي ترى في المستقبل الذي يعد به الأمير محمد بن سلمان ضرورة وليس خياراً يمكن أن يسمحوا لأحد بالمقامرة أو الاقتراب منه. تعاملت السعودية سابقاً مع كل أشكال التهديدات الانفصالية، والإرهابية، والاستعدائية وحملات التشويه، بحكمة وعقلانية منقطعة النظير.
والحال؛ لا يمكن فهم الهجوم المستمر على السعودية في هذه الأيام من دون أخذه في سياقات خارج ملف جمال خاشقجي؛ سواء على مستوى الشخص وما أحاط به من قبل ومن بعد من إشكالات وأسئلة تتجاوز مسألة مقتله الأليم والبشع، وعلى مستوى جمال بوصفه حالة سياسية ستكون أكثر نموذج يتذكره السعوديون جيداً في الابتزاز والمغالطة وسقوط رموز إعلامية وسياسية كبرى في فخ استباق التحقيقات وفقدان الأدلة سابقاً، ثم التلويح بوجود أدلة، ثم التشغيب الذي استثمر فيه «إعلام التضليل» طويلاً، إلى اتخاذ موقف بشكل مؤدلج حيناً، وبشكل غير أخلاقي وانتهازي في أحايين كثيرة؛ كما يدرك كل من تتبع الإطار الزمني في التعامل مع القضية التي حسمها القضاء السعودي وأخذت الدولة موقفاً واضحاً فيها على مستوى التحقيقات والمحاكمة والتشريعات لإعادة هيكلة مؤسساتها ذات العلاقة.
ما يحدث هذه الأيام تجاه المملكة هو استغلال المكانة الاستثنائية لهذه الدولة على مستوى الجغرافيا والتاريخ والإمكانات والفرص الاقتصادية ثم النفط، وصفقات الأسلحة والاستثمارات الضخمة، وهما محفّزان يمكن من خلالهما فهم هذا الاضطراب والتناقضات في التصريحات والمواقف من ولي العهد؛ الذي تفرّد بأنه كان صريحاً وحاسماً في تسمية الأشياء بأسمائها من القطيعة مع ثلاثية التطرف والفساد والمحسوبية؛ بلغة غير مواربة.
الاستثمار في استهداف السعودية أسقط أقنعة كثيرة حين تحولت رهانات صانعي البروباغندا؛ من وكالات إخبارية وصحف ومعلقين وجوقة من الشخصيات التي أفزعها حجم التحولات المدهشة في السعودية الجديدة؛ من ناقلة للخبر، إلى صانعة ومحللة للحدث، متجاوزة أبسط معايير المهنة والحياد، وساعية بكل ما أوتيت من قدرة على التضليل إلى سباق اقتطاف «الفاكهة المحرمة»؛ أي موجات استهداف المملكة ومشروعها الواعد، فباتت تتلقف أي تسريبات متناقضة وغير دقيقة، وتتخلى عن مصداقية البحث عن الحقيقة، وتتحول إلى مجرد قنوات لتمرير المواقف المسبقة والجاهزة التي تتسم دائماً بكثير من التناقض واللاعقلانية، وصولاً؛ من التشكيك في سيادة الدولة وقضائها، إلى محاولة استهداف رموزها.
القصة ليست في التقرير؛ بل في النجاحات الكبرى التي تتحقق اليوم على أرض السعودية، بفضل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، الذي يتجاوز توصيفه السياسي بتحوله إلى مشروع مستقبل وأمل لكل السعوديين، لا سيما الشباب؛ الذين عبروا بشكل واضح وحاسم عن إيمانهم به وبمشروعه وقطيعته مع الإرهاب والتشدد، ورغبته في تجاوز كل التجارب الإقليمية لتدشين مرحلة جديدة، وأهم تلك التمظهرات للجيل السعودي الجديد في حوارات ونقاشات ولقاءات أجرتها وكالات وصحف غربية مع عينات عشوائية من الجيل الجديد بعد حادثة خاشقجي، وكانت النتائج صادمة ومفاجئة لتلك المؤسسات، بينما عمدت صحف أخرى أكثر رزانة من الصحف التي تبنت أسلوب البروباغندا لأهداف سياسية، وباعتراف بعض الأصوات العاقلة القليلة في حفلة الصخب، إلى مثل تحقيق لمجلة الـ«نيويوركر» أثناء قمة حملات استهداف السعودية بسبب ملف خاشقجي، الذي حسمته بلا التفات إلى أصوات النشاز، جاء فيه: «الشعب السعودي عصيّ على الاختراق وغير قابل للتثوير بسبب أحداث أو جهات خارجية».
ما فعلته رؤية ولي العهد السعودي هو تعزيز صورة المملكة في العالم اليوم وتكريسها بوصفها أهم العلامات والنماذج التي لا يمكن تجاوزها، مستمدة ذلك من حقائق وليس شعارات؛ إذ بات ثقلها في خريطة الهوية العربية والإسلامية مضاعفاً، إضافة إلى المقدرات الاقتصادية الواعدة التي تتجاوز مسألة النفط وثقافة الرعوية إلى اقتصادات بديلة سرعان ما ستكون نقطة جذب للأسواق الدولية، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك كله على المجتمعات الإقليمية وهي تشاهد تطور السعودية السريع، وفي الوقت ذاته تستشعر الدور التاريخي والروحي المتمثل في وجود قبلة المسلمين في العالم على أراضيها، مما يجعلها مهوى أفئدة أكثر من مليار مسلم، واليوم مطلباً لكثير من الراغبين في الشراكة معها من حول العالم.
في 2018 قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، مهندس الرؤية السعودية الجديدة، في مقابلة حصرية مع كون كوغلن من «ديلي تلغراف» البريطانية: «نريد أن نحارب التطرف؛ لأننا بحاجة إلى بناء الاستقرار في الشرق الأوسط»، فهل ندرك الآن القصة في استهداف المتطرفين من كل اتجاه لمشروعه؟!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية حفلة الشعارات متى تبدأ السياسة نهاية حفلة الشعارات متى تبدأ السياسة



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 16:11 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 10 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 09:34 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

بريطانيا تُحقق في اغتصاب جماعي لفتاة بعالم ميتافيرس

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 20:21 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 3 مايو/ أيار 2023
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon