جماعة «الإخوان» و«خطب هتلر»

جماعة «الإخوان» و«خطب هتلر»

جماعة «الإخوان» و«خطب هتلر»

 لبنان اليوم -

جماعة «الإخوان» و«خطب هتلر»

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم: عبدالله بن بجاد العتيبي

التاريخ العربي الحديث مليء بالصراعات السياسية والفكرية، وتأثرت تيارات وأحزاب ورموز عربية بما كان يسيطر على العالم من أفكارٍ وتياراتٍ وتنظيماتٍ، فالشيوعية والقومية دخلتا العالم العربي من أوسع الأبواب وحكمتا العديد من البلدان، وورثت نفوذهما وتأثيرهما جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها «جماعة الإخوان».
في نقد «جماعة الإخوان» خطاباً ومبادئَ، أيديولوجية ومفاهيمَ، أفكاراً وتنظيماً، يتم تسليط الضوء على العديد من الزوايا في ذلك كله، وواحدة من نقاط النقد تتركز حول تأثر الجماعة بالتيارات السياسية والفكرية الأوروبية المسيطرة إبان نشأة الجماعة وتوسعها، وعلى رأس تلك التيارات والأحزاب السياسية، تيار النازية الألمانية وزعيمها هتلر وتيار الفاشية الإيطالية وزعيمها موسوليني، وحين يطرح النقد تأثر حسن البنا مؤسس الجماعة بهذين التيارين تثور ثائرة التشكيك في الناقد والنقد من قبل رموز وعناصر هذه الجماعة وبعض المدافعين عنها من تيارات أخرى، ويرمون الناقد بالعظائم ويتهمونه بالعمالة والارتزاق، في منظومة يتقنونها جيداً لإحراق الشخصية، يوجهونها لكل منتقدٍ بغض النظر عن صواب نقده من عدمه.
إعجاب حسن البنا مؤسس الجماعة بنازية هتلر وفاشية موسوليني محل نقدٍ يكشف عن شخصية البنا المولعة بالعنف والعنف السياسي المؤدلج الذي يستبيح قتل الملايين من البشر في سبيل الأيديولوجيا، وهو ثابت في نص كلام البنا نفسه، بعيداً عن تأويلات المتأولين ونقد الناقدين، فقد كتب في كتابه «مجموعة الرسائل» ما نصه بالحرف الواحد: «فقامت النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا، وأخذ كل من موسوليني وهتلر بيد شعبه إلى الوحدة والنظام والنهوض والقوة والمجد، وسرعان ما خطا هذا النظام بهاتين الأمتين في مدارج الصلاح في الداخل والقوة والهيبة في الخارج، وبعث في النفوس الآمال الخالدة وأحيا الهمم والعزائم الراكدة».
هذا النص واضحٌ وصريحٌ في إعجاب حسن البنا نفسه بالنموذجين النازي والفاشي في أوروبا، ويضاف لهذا أنه حوّل هذا الإعجاب لسياسة يتبعها داخل «جماعة الإخوان» وقد تحدث محمود عبدالحليم وهو المؤرخ شبه الرسمي لـ«جماعة الإخوان» في كتابه «أحداث صنعت التاريخ» ما نصه: «وكانت تصلنا خطب هتلر بنصها وكنا ننسخ منها نسخاً لتوزيعها على المشتركين في الجبهة» فكانت تتم تربية عناصر الجماعة على خطب هتلر ويتم توزيعها عليهم وتغذية عقولهم بأفكارها ومبادئها بشهادة مؤرخ الجماعة ومن راجعوا ما كتبه من قيادات الجماعة ووافقوا عليه قبل صدور الكتاب.
هذا بالإضافة للمعلومات المتكاثرة التي تتحدث عن علاقاتٍ نشأت بين «جماعة الإخوان» والحزب النازي في ألمانيا، والوعود المتبادلة بين الطرفين إبان الحرب العالمية الثانية، وذلك بعدما نقل حسن البنا البندقية من الإنجليز إلى الألمان، وإلا فالدعم الأهم في بداية إنشاء الجماعة كان قد جاء من الإنجليز.
وجدت خطاباتٌ ومواقف سياسية أيدت ألمانيا من غير «جماعة الإخوان» من سياسيين وكتاب في تلك الفترة، ولكن ذلك مع فارقٍ مهمٍ، هو أن الجماعة كانت تمهر مواقفها السياسية دائماً بالخطاب الديني، وأن مواقفها السياسية هي تعبير عن موقف الإسلام والدين، ولهذا استمر تمجيد النازية وهتلر لدى هذه الجماعة ورموزها إلى وقتٍ قريبٍ، وبقي رموز الجماعة يثنون على هتلر من نواحٍ متعددة وليس آخرهم يوسف القرضاوي.
أما تأثر الجماعة الأكبر والأوسع نطاقاً فكان بالشيوعية واليسار عموماً، على مستوى البنية الفكرية والبنية التنظيمية، وفي هذا كتاباتٌ متعددةٌ وشواهد لا تنتهي، في المفاهيم والأفكار كما في التنظيمات والسرية والهرمية، وهو ما توارثته عن الجماعة كل «جماعات الإسلام السياسي» و«تنظيمات العنف الديني». أخيراً، فالنقد حين يكون مبنياً على المعلومة، والتحليل حين يكون مبنياً على العلم، يؤديان إلى الغاية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جماعة «الإخوان» و«خطب هتلر» جماعة «الإخوان» و«خطب هتلر»



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:24 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 لبنان اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 20:45 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 11 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:08 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ربيع سفياني يكشف أسباب تألقه مع التعاون

GMT 19:29 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نائب رئيس الشباب أحمد العقيل يستقيل من منصبه

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 22:12 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:14 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 03:49 2024 الأحد ,17 آذار/ مارس

"Dior" تجمع عاشقات الموضة في حفل سحور بدبي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon