أسلحة المناخ بين الحقيقة والخيال

أسلحة المناخ بين الحقيقة والخيال

أسلحة المناخ بين الحقيقة والخيال

 لبنان اليوم -

أسلحة المناخ بين الحقيقة والخيال

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

منذ حدوث الزلزال المدمر الأخير في تركيا وسوريا، انقسمت الكثير من الآراء حول ما إذا كان الأمر من فعل الطبيعة، أم أنه نتاج عمل الإنسان وبعبارة أكثر وضوحا ومباشرة، باتت علامة الاستفهام تحلق في أفق ما يكاد يشبه حديث المؤامرة العالمية حول ما إذا كان هناك من يتلاعب بمقدرات الطبيعة والمناخ.

لم يكن هذا الأمر مفاجئاً، سيما أن هناك العديد من الروايات التاريخية عن تلاعب الروس والأمريكيين، ومن قبلهم النازيين واليابانيين بأحوال الطقس، وهناك بالفعل الكثير من التجارب السابقة التي تقطع بأن أمرا ما جرت به المقادير، فعلى سبيل المثال لا الحصر استطاع الأمريكيون ذات مرة من ستينات القرن المنصرم إهلاك محصول القمح الروسي ليجيء الرد الروسي سريعا بإفساد زراعة التفاح الأمريكي، ومن بعدها توقف الطرفان عند حد معين.

لكن الأسئلة تبقى قائمة سيما أن هناك تجارب لا تزال ماضية قدما حول الكرة الأرضية، مثل الاستمطار، وعليه فإن من يحدث أمطارا صناعية ليس ببعيد عن إحداث تسونامي، أو التسبب في زلازل من خلال الحفر عميقا أو القيام بتفجيرات لا ترى ولا تسمع عند طبقات تكتونية معينة من باطن الأرض.

تنقسم الآراء في واقع الحال إلى قسمين:

الأول يرى أن الكوارث الجيوفيزيائية التي تحدث وتلك التى تنتظرنا في المستقبل، ليست سوى ظواهر طبيعية عادية في صورة أشد وطأة.

والشاهد أنه في أي مكان وأي وقت تعطي الأرض وغلافها الجوي انطباعا بأنهما مستقران وآمنان، غير أن هذه فكرة خاطئة تماما في ظل تعرض كوكب الأرض لنحو 1400 زلزال يوميا، وثورة بركانية واحدة أسبوعيا، وكل سنه تتعرض المناطق الاستوائية إلى ما يصل إلى 40 زوبعة، وإعصارا استوائيا، وإعصارا حلزونيا بينما تحدث الفيضانات والانهيارات الأرضية في كل مكان بأعداد تفوق الحصر.

ومما لاشك فيه أن الفيضانات هي أشد المخاطر الطبيعية، وذلك من حيث عدد المتضررين الذين يبلغ عددهم نحو 100 مليون شخص في السنة على أقل تقدير، وهو وضع من المرجح أن يستمر في ضوء المؤشرات المستقبلية بارتفاع مستويات سطح البحر وازدياد حدة هطول الأمطار.

وتشكل العواصف واحدة من أكثر الأخطار الطبيعية تدميرا بسبب قدرتها على إحداث الفيضانات، وأيضا بسبب السرعة الهائلة للرياح المصاحبة لها. وعلاوة على ذلك، وبسبب شيوعها في عدد من أكثر مناطق العالم ثراء، فهي مسؤولة عن وقوع بعض الكوارث الطبيعية الأكثر تكلفة على الإطلاق.

ومن بين ما يسمى بالمخاطر الجيولوجية، التي تشمل الزلازل والثورات البركانية والانهيارات الأرضية، فإن مما لاشك فيه أن الزلازل هي الأشد تدميرا، في كل عام يقع نحو 3000 زلزال تصل قوته إلى 6 درجات على مقياس ريختر المعروف، وهي قوة كبيرة بما يكفي لتسبب الكثير من الأضرار في الأرواح والممتلكات، خاصة عندما تضرب المناطق السكانية غير المهيأة، والمشيدة على أسس واهنة في البلدان النامية، وتقتصر معظم الزلازل الكبرى على مناطق بعينها تقع فوق حدود الصفائح.

والزلازل الكبرى قد تحدث أيضا في أماكن بعيدة عن حدود الصفائح ويمكنها أن تسبب ما يعرف بموجات التسونامي.

تنشأ موجات التسونامي عندما يتسبب أحد الزلازل في الحال في دفع مساحة كبيرة من أرض قاع البحر إلى الأعلى ربما مترا أو نحو ذلك، فيندفع الماء المزاح بقوة إلى الخارج على شكل سلسلة أمواج. وعندما تدخل هذه الأمواج منطقة مياه ضحلة يزداد ارتفاعها، وتصل في بعض الأحيان إلى 30 مترا أو أكثر ـ وتصطدم بالمناطق الساحلية بقوة بالغة.

هناك ضمن نطاق الكوارث الجيوفيزيائية، البراكين النشطة، وعددها لا يقل عن 1500 بركان، وربما تزيد عن 3000 بركان، في كل عام يثور نحو 50 بركانا بعضها، مثل بركان كيلوا في هاواي أو بركان ستر ومولي في إيطاليا.

ومن بين جميع الأخطار الجيولوجية، ربما تحظى الانهيارات الأرضية بقدر من الاهتمام أقل مما تستحق، ربما بسبب كونها عادة نتيجة لمخاطر أخرى، مثل وقوع زلزال أو طوفان، ومن ثم فالخسائر في الممتلكات والأرواح الناجمة عنها تدرج ضمن إجمالي الخسائر التي تسبب فيها الحدث الأساسي.

ماذا عن الفريق الثاني؟

الثابت أنه يعترف بالفعل بأن الطبيعة في حد ذاتها عادة ما تشكل التهديد الأول والمباشر، من خلال ثوراتها إلا أن هناك من عرف كيف يستغل قدراتها، وأنتج أسلحة سخر فيها مقدرات الطبيعة هذه في مواجهة أعدائه.

الفكرة في حد ذاتها ليست حديثة، فقد استخدمها الرومان واليونان في حروبهم السابقة، من خلال تجميع أشعة الشمس عبر مرايا جامعة للأشعة وتسليطها على سفن الأعداء لتقوم بإحراقها، وكأنها كانت الجذور الأولى لفكرة أشعة الليزر، أحدث وربما أخطر أدوات الحروب المعاصرة بل إن برامج عسكرة الفضاء تعتمد اليوم في غالبيتها على هذه الفكرة.

ليس سرا الحديث عن برنامج أمريكي يسمى "هارب" ومهمته الرئيسة كما يقول أنصار الرأي الثاني هو توجيه ضربات ساحقة ماحقة لا تصد ولا ترد من عينة الزلازل التي لا تصد ولا ترد.

HAARP يعني "برنامج البحث الشفقي في مجال التردد العالي وبداية ظهوره كانت في عام 1990 حيث اشترك في تمويله سلاح الجو الأمريكي والبحرية الأمريكية وجامعة آلاسكا ووكالة البرامج البحثية الدفاعية وكان الغرض المعلن لهذا البحث هو دراسة منطقة "الأيونوسفير" في الغلاف الجوي للأرض بهدف تطوير تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية والترصد والمراقبة.

هل يصدق العالم لاسيما القوى القطبية الكبرى حقيقة هذا البرنامج، وكما تعلنها الولايات المتحدة الأمريكية؟
بالقطع لا، فروسيا بنوع خاص تشكك في الأهداف المعلنة لهذا البرنامج البحثي، لأنه يمكن من خلاله التحكم في نظم العدو الكهرومغناطيسية والإلكترونية وإتلافها، كما أنه حدد ضمن أهدافه رسم خرائط تفصيلية للبنية التحتية لبلدان مثل كوريا الشمالية وإيران وهي تبعا للتصنيف الأمريكي دول معادية، هذا بخلاف ما هو غير معلن عنه من أهداف أمريكية مستقبلية.

هنا تبقى الحيرة سيدة الموقف، فيما المواطن العادي يجد نفسه بين رأيين وليست لديه أدوات التقييم أو المعايرة للتفريق بين الصواب والخطأ، وما يزيد البلبلة شيوع وذيوع المعلومات في عصر السماوات التي انفرطت وأحاديث المؤامرة القريبة من الأساطير.

هل من خلاصة؟

تبدو الحقيقة وضع متوسط بين تطرفين، هكذا يقول المثل اللاتيني.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسلحة المناخ بين الحقيقة والخيال أسلحة المناخ بين الحقيقة والخيال



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:09 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 13:32 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 17:30 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن

GMT 19:00 2022 السبت ,14 أيار / مايو

موضة خواتم الخطوبة لهذا الموسم

GMT 04:58 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 12:27 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 15:46 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

مكياج ربيعي لعيد الفطر 2022
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon