تعطيل التأليف يُعيد فتح التكليف

تعطيل التأليف يُعيد فتح التكليف؟

تعطيل التأليف يُعيد فتح التكليف؟

 لبنان اليوم -

تعطيل التأليف يُعيد فتح التكليف

طارق ترشيشي
بقلم : طارق ترشيشي

فيما بعض المعنيين بالاستحقاق الحكومي يصرّ على التأكيد انّ العوامل الخارجية هي التي تعوق إنجازه، فإنّ البعض الآخر منهم كان ولا يزال يصرّ على أنّ هذه العوامل ـ المعوقات، داخلية بإمتياز، سيكون القابل من الايام كفيلاً بكشفها على حقيقتها.

يجزم بعض الاقطاب السياسيين، في انّ ولادة الحكومة لم يحن اوانها السياسي بعد، في ضوء الانتظارات التي يعيشها الأفرقاء المعنيون، او بعضهم على الاقل، لانّهم تعوّدوا الاعتماد على الآخر في التقرير نيابة عنهم، راهنين مصيرهم بمشيئته وإرادته، جاعلين من الكلام عن السيادة كلاماً اجوف وممجوجاً لم يعد يصدّقه أو يأخذ به.

فالبلاد، إزاء الانهيار الذي تعيشه على كل المستويات، وبات يهدّد الأمن الوطني عموماً، تحتاج الى حكومة فاعلة اليوم قبل الغد، الامر الذي لم يحصل. والسبب، في رأي هؤلاء الاقطاب السياسيين، هو انّ بعض المرجعيات المعنية بالتأليف الحكومي، عادت لتشتبك في ما بينها على التكليف، جاعلة من الرئيس المكلّف سعد الحريري العقدة التي تعوق هذا التأليف، متجاهلة بقية العِقَد الداخلية منها والخارجية، التي لا تقلّ صعوبة عنها. ولذلك، فإنّ ما يجري تحت جنح المشاورات الخاصة بالتأليف، والتي تبوء بالفشل حتى الآن، هدفه نسف التكليف من اصله، عبر وصول الحريري او إيصاله الى الاعتذار، والدفع الى استشارات نيابية جديدة لتكليف شخصية جديدة.

وفي هذا السياق، يقول البعض، انّ الفريق المؤيّد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يعد متحمساً للحريري ولا يضيره كخيار اول، ان يُقدم على الاعتذار عن التأليف أو أُجبِر عليه تحت وطأة عدم توصله الى اتفاق مع رئيس الجمهورية  على الحكومة العتيدة، لأنّ في حسابات هذا الفريق، انّ الحريري، ومع موقعه على رأس الحكومة في خلال الفترة المتبقية من ولاية رئيس الجمهورية، سيشكّل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط حلفاً ثلاثياً مؤثراً في استحقاقات سنة 2022 الدستورية النيابية والرئاسية، خصوصاً اذا كانت وزارتا الداخلية والعدل من حصّة هذا الحلف الثلاثي، نظراً لدورهما المؤثر في الإشراف على هذه الاستحقاقات وادارتها. علماً انّه يمكن ان ينضمّ الى هذا الحلف كتل سياسية ونيابية اخرى وكل من يقف في موقع المعارض او المتضرر من «العهد العوني»، إذا جاز التعبير.

اما الخيار الثاني البديل من إعتذار الحريري او دفعه الى الاعتذار، فهو استحواذ هذا الفريق المؤيّد للعهد على «الثلث المعطل» في الحكومة العتيدة، بما يمكنه من تعطيل اي مشروع للفريق الآخر، يرى فيه ما يهدّد مصالحه السياسية، كذلك بما يمكنه من ان تكون له اليد الطولى او المؤثرة في الاستحقاقات الدستورية عام 2022، خصوصاً في ظلّ طموح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل للوصول الى رئاسة الجمهورية خلفاً لعون.

وفي المقابل، فإنّ الحريري الذي يواجه صعوبة في التوصل الى اتفاق مع رئيس الجمهورية على التشكيلة الوزارية الجديدة، لا يبدو انّه في وارد الاعتذار، ويدعمه في هذا الموقف رئيس مجلس النواب، الذي يلحّ على الإسراع في تأليف الحكومة، وكذلك يدعمه بقية الحلفاء، علماً انّ الحريري يبني حساباته وموقفه على اقتناع، بأنّ اي اعتذار يشكّل نكسة سياسية كبرى، خصوصاً اذا لم يُعاد تكليفه في هذه المرحلة التي تشهد «تغيير دول» بين إدارة أميركية راحلة عن البيت الابيض في 20 كانون الثاني لتحلّ الإدارة الجديدة. وبالاضافة الى ذلك، فإنّ الحريري يحرص على عدم التفريط بالمبادرة الفرنسية، التي يعتبر انّ تكليفه كان من نتاجها أو انّها صيغت لتكون برنامج حكومته، خصوصاً بعد اعتذار مصطفى اديب، الذي تعدّدت الاسباب والجهات التي دفعت اليه من ضمن البيت الواحد وخارجه.

على انّ الحريري يتسلح، في ضوء إنعدام توافقه مع رئيس الجمهورية حتى الآن على التشكيلة الحكومية الجديدة، في انّه يتصدّى لمحاولات عون والفريق المؤيّد له، إحداث اعراف في تشكيل الحكومة، تنال أولاً من صلاحيات الرئيس المكلّف الدستورية في إعداد التشكيلة الوزارية التي تصدر مراسيمها بعد الاتفاق بينهما عليها، وثانياً عندما يطالب بحصّة وزارية له في الحكومة، لأنّ الدستور جعل رئيس الجمهورية حكماً وليس طرفاً في السلطة التنفيذية، بدليل انّ الدستور لا يعطيه حق التصويت على القرارات في مجلس الوزراء.

وفي ضوء هذه الوقائع أو المعطيات ـ المعوقات، التي تمنع الولادة الحكومية، وفيما تبدو المعوقات الخارجية غير ذي موضوع، فإنّ جميع المعنيين بهذا الاستحقاق الدستوري يفضّلون التريث في انجازه، انتظاراً لخروج الرئيس الاميركي دونالد ترامب من البيت الابيض، وما يمكن ان يسبقه او يعقبه من تطورات على مستوى الموقف الاميركي، في حين انّ الوضع اللبناني بكل مستوياته لا يحتمل أي تبرير لتأخير الولادة الحكومية ـ فهذا التأخير وفي ظل تفاقم الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، قد يفتح الباب امام خيارات جديدة، تنجم عن اضطرابات كبرى قد يشهدها الشارع، لأنّ النقمة الشعبية على الطبقة السياسية عموماً تتعاظم كلما تأخّرت المعالجات والاصلاحات العملية المطلوبة داخلياً وعربياً ودولياً لوقف الانهيار.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعطيل التأليف يُعيد فتح التكليف تعطيل التأليف يُعيد فتح التكليف



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 22:08 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

حملة ميو ميو لصيف 2021 تصوّر المرأة من جوانبها المختلفة

GMT 15:01 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.6 يضرب منطقة شينجيانج الصينية

GMT 12:38 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يجدد عقد خليفة الحمادي 5 مواسم

GMT 18:03 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصاميم ساعات بميناء من عرق اللؤلؤ الأسود لجميع المناسبات

GMT 14:06 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

إتيكيت عرض الزواج

GMT 19:33 2022 السبت ,07 أيار / مايو

البنطلون الأبيض لإطلالة مريحة وأنيقة

GMT 11:29 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف

GMT 10:06 2022 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار الأحذية النود المناسبة

GMT 11:21 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نجم تشيلسي أندي تاونسند يعتقد أن صلاح فقد الشغف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon