أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية
أخر الأخبار

أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية

أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية

 لبنان اليوم -

أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

سنة 1969، كانت عام التداعي الكبير والسريع في ليبيا. الولايات المتحدة ألقت أضواءها الدبلوماسية والأمنية والعسكرية على ما يجري في البلاد، التي لها بها قاعدة عسكرية تعد من أكبر القواعد العسكرية الأميركية خارج التراب الأميركي. السفير الأميركي لدى ليبيا في أواخر العهد الملكي، ديفيد نيوسوم، كان له وجود متحرك في ليبيا، وربطته علاقات قوية مع كامل الطيف السياسي الليبي، وارتبط بعلاقات مباشرة مع الملك إدريس السنوسي وولي عهده الحسن الرضا السنوسي. رؤساء الحكومات الليبية، بمن فيهم من غادر المنصب، توالت لقاءاته بهم. كل ما سمعه في اجتماعاته العديدة والطويلة مع كبار السياسيين أرسله السفير إلى وزارة الخارجية الأميركية في وثائق طويلة تحتوي على تفاصيل ما قال وما سمع. الدبلوماسي الراحل نبيل محمد حميمة جمع عدداً كبيراً من تلك الوثائق وترجمها إلى اللغة العربية، ونشرتها «دار الرواد الليبية» حديثاً.

الوثائق الأميركية التي أُفرج عنها، حملت صوراً حية عن واقع الحياة السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية في ليبيا. الصراع الصامت بين الأشخاص القياديين في البلاد كان له صوت خاص يتحرك في دوائر المثقفين والمعنيين بما يجري في البلاد. الأحزاب ممنوعة ومجرمة منذ الاستقلال، والنقابات نشاطها محدود جداً، والمجتمع المدني لم يترعرع بعد. شخصيات معدودة دخلت المعترك السياسي بعد الاستقلال، ومنهم من كان عضواً في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، أو تولى حقيبة وزارية، كان بعض هؤلاء هم من يلاحق خفايا الصراع السياسي أو يلاحقه. تضمنت الوثائق التي أرسلتها السفارة الأميركية في ليبيا إلى وزارة خارجيتها أسماء الشخصيات السياسية الليبية التي تخوض في ميدان الخلاف السياسي. كان التوتر وعدم اليقين والخلاف العام وسط السياسيين هو ما وسم عام 1969 منذ بدايته إلى نهايته التي طوت صفحة المرحلة الملكية.

أهم الشخصيات في المشهد السياسي كان بالطبع الملك إدريس السنوسي، الذي بلغ من العمر عتياً، وصار زاهداً في الحكم، وبعد اغتيال أقرب المقربين له وأخلص المخلصين، رئيس ديوانه إبراهيم الشلحي، هجر مدينة بنغازي وأقام في مدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي، واعتاد أن يقضي شهوراً طويلة خارج البلاد في فصل الصيف للعلاج والاستجمام.

ولي العهد الحسن الرضا السنوسي، يقيم في مدينة طرابلس، ويزور من حين إلى آخر مدينة بنغازي. لم يندمج في تفاصيل الحياة السياسية في البلاد، ولم يكن الملك على تواصل مباشر معه. كان الملك ينوي تغيير نظام الحكم إلى النظام الجمهوري، وعقد اجتماعات لمناقشة هذا الأمر، لكنه واجه معارضة قوية من أطراف وشخصيات فاعلة في البلاد.

أسرة إبراهيم الشلحي، خصوصاً أولاده البوصيري وعمر وعبد العزيز، كانوا بمثابة أبناء الملك إدريس الذي لم ينجب، وفضلهم على جميع أبناء العائلة السنوسية.

صار الحديث عن مصير النظام الملكي في حالة وفاة الملك، وتحركات أبناء إبراهيم الشلحي، خصوصاً العقيد عبد العزيز، وهو من هو في قيادة الجيش الليبي، صار حديث النهار والليل في كل أنحاء البلاد، وبين رجال كل البعثات الدبلوماسية. موقف عائلة الشلحي السلبي من ولي العهد الحسن الرضا السنوسي كان حديث السياسيين والقريبين منهم.

الوثيقة رقم2 بتاريخ 31-1-1969 من السفارة الأميركية طرابلس إلى وزارة الخارجية. المكان منزل محمد بن عثمان الصيد رئيس الوزراء الليبي السابق، والسفير الأميركي والمترجم. الموضوع خلافة ولي العهد ومؤامرات معارضيه.

طلب بن عثمان من السفير زيارته بمنزله بمرافقة مترجم فقط. وتطرق إلى سبب طلبه الاجتماع مباشرة. تؤكد الأحداث في الأشهر القليلة الماضية احتمال وجود مؤامرة تُحاك منذ فترة طويلة ضد الملكية في ليبيا. تحدث بن عثمان في هذا الاجتماع عن العقيد عبد العزيز الشلحي والعقيد عون رحومة. وعن اغتيال العقيد العيساوي سنة 1962 وعزل نوري الصديق عن رئاسة الأركان سنة 1968. وقال الصيد إن هناك مؤامرة تحاك ضد ولي العهد.

وثيقة رقم3

الموضوع ولي العهد. الحضور عبد الحميد البكوش، سفير ليبيا لدى فرنسا والسفير الأميركي. تحدث البكوش عن لقاءاته بولي العهد، وقال من المهم أن يؤكد على دعم قوات إقليم برقة له. وعرض البكوش مجموعة من الأفكار التي طرحها على ولي العهد. وتضمنت الوثيقة ما عبر عنه البكوش من ضرورة دعم ولي العهد، وجملة من الملاحظات عن أبناء الشلحي.

الوثيقة الرابعة..20-31969 الحاضرون: ولي العهد والسفير الأميركي. المواضيع:

زيارة ولي العهد إلى المغرب العربي، موقف الولايات المتحدة من الخلافة، زواج الشلحي من ابنة مازق. التهديد الذي يشكله الجيش الليبي. الجمهورية العربية المتحدة. رؤية ولي العهد. رحلة فرنسا وتركيا. عبّر السفير عن دعم بلاده للنظام الملكي في ليبيا، وخلافة ولي العهد. ذكر ولي العهد أسماء أشخاص يؤيدون تحول البلاد إلى النظام الجمهوري، لكن غالبية الليبيين يرفضون ذلك. تناول الاجتماع الحديث عن عائلة الشلحي وزواج عمر من ابنة حسين مازق. تحدث ولي العهد أيضاً عما يشكله الجيش من تهديد، وكذلك عن التأثير المصري في ليبيا، لكن ذلك ضعف بعد هزيمة يونيو. وأكد على انتهاج نفس سياسات الملك إدريس عند توليه عرش البلاد.

الوثيقة السابعة.. بتاريخ 17-5-1969

السفير الأميركي مع الملك إدريس..

المواضيع:

أخبار الفضاء، الشباب الليبي، المعتدلون العرب والفدائيون، السفير الأميركي الجديد لدى ليبيا، القصة غير الحقيقية عن طائرات البوينغ، زيارة الملك القادمة لليونان، عمر الشلحي، أم كلثوم، قاعدة هويلس. تحدث الملك والسفير عن مهام عمر الشلحي كمستشار للملك، وعن زواجه من ابنة حسين مازق. لاحظ السفير أن الملكة فاطمة التي كانت معهما في الاجتماع لم تعلق عند الحديث على عمر الشلحي. وجرى الحديث عن أم كلثوم وملاحظات الملكة فاطمة عن تكبرها، وحب الملك للموسيقى الكلاسيكية، وعلى سبيل المثال البجعة وفالتز فيينا.

وثيقة رقم 8 من السفارة بطرابلس إلى وزارة الخارجية بتاريخ 2-6-1969

الموضوع: عائلة الشلحي ونفوذها

1.. آل الشلحي والملك إدريس، العائلة الملكية غير الرسمية.

أعضاء عائلة الشلحي، صعود آل الشلحي، معضلة الملك: اغتيال الشلحي، العلاقة مع رؤساء الوزارات، موقف الملك: غض النظر. موقف الملك الثقة، موقف الملك المحاباة، أكثر آل الشلحي شهرة، الشلحي تجار النفوذ. عمر الشلحي. لطيفة الغماري. الشلحي العسكر، العقيد عبد العزيز الشلحي، العقيد عون رحومة. رئيس هيئة الأركان السنوسي شمس الدين السنوسي. الفساد في الجيش وقوة الشلحي المتزايدة. (قائمة المواضيع التفصيلية طويلة، وكلها حول آل الشلحي). أعتقد جازماً أن هذا التقرير المفصل الذي أرسلته السفارة الأميركية في ليبيا إلى وزارة الخارجية الأميركية هو أهم وأخطر تقرير أرسل إلى واشنطن من طرابلس، قبل ثلاثة شهور من إسقاط النظام الملكي. كان استيلاء عائلة الشلحي على السلطة في ليبيا بدعم من الملك إدريس أمراً معلوماً ومحسوماً. لكن السلطة كانت ملقاة على قارعة المجهول، سنرى من تمتد يده القوية لأخذها بعد أشهر قليلة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

درّة زروق بإطلالات كاجوال مثالية في صيف 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 22:19 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 15:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 14:20 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ساعات يد أنثوية مزينة بعرق اللؤلؤ لإطلالة

GMT 04:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 18:42 2021 الخميس ,30 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لصبغ الشعر في المنزل للعام الجديد

GMT 15:39 2022 الخميس ,20 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة آثار الحبوب السوداء من الجسم

GMT 17:42 2022 الأحد ,23 كانون الثاني / يناير

3 فنادق فخمة في روسيا من فئة الخمس نجوم

GMT 18:30 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مالك مكتبي يعود بموسم جديد من "أحمر بالخط العريض"

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 08:28 2022 الإثنين ,11 إبريل / نيسان

موديلات متنوعة لأحذية السهرة لإطلالة أنيقة

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 10:51 2020 الأحد ,26 إبريل / نيسان

انضمام هند جاد لـ "راديو9090" خلال شهر رمضان

GMT 16:03 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 2.5 يضرب منشأة فوردو النووية في إيران

GMT 09:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تنسيق الفستان الأبيض تحت العباية المفتوحة في موسم 2025

GMT 09:59 2024 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

أبرز العطور التي تتناسب مع أجواء الخريف

GMT 02:47 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير حلى التوفي البارد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon