الفلسطيني محايداً ما أطيَب العيش

الفلسطيني محايداً... ما أطيَب العيش!

الفلسطيني محايداً... ما أطيَب العيش!

 لبنان اليوم -

الفلسطيني محايداً ما أطيَب العيش

فـــؤاد مطـــر
بقلم: فـــؤاد مطـــر

ما يتمناه اللبنانيون في أكثريتهم تحييد وطنهم المنقوصة سيادته المصادَر قراره والمجمَّد اختيار رئيس له المستغرقة بعض زعاماته في أحلام البقاء الأبدي والتائهة بعض أطيافه الحزبية محتارة في أمر اتخاذ قرار يرضي العباد... ما يتمناه اللبنانيون، يتمناه الفلسطينيون الحماسيون بعد الفتحاويين، وتشاركهم التمني أطياف امتزجت رؤاهم العقائدية باصطفافات إقليمية بين المحيط والخليج صادرت منهم خاصية الموقف المستقل.

وكما هنالك دوافع للتمني اللبناني، هنالك مثيلها وأكثر للتمني الفلسطيني. فقد ذاق الفلسطيني الكثير من قساوة التشريد والحرمان والعيش غير الكريم وإلى درجة أن المخيمات باتت هي الوطن، هذا قبل أن يبدأ العدوان على الغزاويين ويمعن قصفاً وتدميراً وتجويعاً العهد البنياميني بأمر من رئيسه وأحقاد مَن اختارهم وزراء في حكومته فباتوا كما لو أنهم أصحاب قراره الذي يتخذه. وجديد هذه الحالة أن نتنياهو لا يأبه بظاهرة الاحتجاج المتنامية يوماً بعد يوم ولا حتى بصيغة حل مفاجئة من جانب الرئيس الأميركي جو بايدن تنقذ نتنياهو من الاستقالة فالمحاسبة فالسجن، وتتمثل محاولة بايدن الإنقاذية للخارج على طاعته؛ أي نتنياهو، في العمل على استيلاد الدولة الفلسطينية التي كان بايدن واضحاً للمرة الأولى شكلاً وموضوعاً في طبيعتها، وهي دولة منزوعة السلاح مع بعض التفاصيل تصاغ لاحقاً إذا كُتبت له النجاة من مخاطر خسارة تجديد الرئاسة مقابل فوز دونالد ترمب الرئيس السابق المشاكس كما لم يشاكس مرشح من قبل ويرمي منافسه بكل أنواع التقليل من الشأن مستنداً في ذلك إلى حالات غير سوية تصيب كبار السن ولا بد ستصيب ترمب عندما يصبح في الثمانينات ومن نوع ما أصاب وما زال يصيب بايدن في التعبير أحياناً وعند السير على درجات السلالم في بعض التحركات والنشاطات الرسمية. وفي أي حال فإن أسلوب ترمب وتوصيفاته المسيئة لخصمه ومنافسه اللدود بايدن ليس من شيم الذين يحترمون أصول المنافسة الكريمة.

يأتي مسعى بايدن الذي يرضي بعض الرضا الشعب الفلسطيني ولا يلقى كثير الاعتراض العربي وترتاح له أطياف من الإسرائيليين ناقمة على ما يفعله نتنياهو بأسراهم وبالشعب الغزاوي، يستبق استقالة لا بد منها رغم التفاف نتنياهو عليها بعد أن تضع معادلة الاحتجاج الشعبي والتحفظات داخل المؤسسة العسكرية من جانب بعض كبار الضباط حداً لإدارة الحكومة ومضي جيشها في التدمير والإبادة وتكريس ظاهرة التجويع، وكيف أن ردود الفعل الدولية واليهودية في جانب منها تستنكر بشدة طبيعة الحرب التي لم تحسم مطالب ذوي الأسرى ووضع نهاية لهذه الحرب، ويريدها نتنياهو ومحالفوه غلاة التطرف والحقد على العرب أن تستمر إلى خاتمتها الرفحية، بحيث يصيب رفح ما أصاب قطاع غزة.

ما يريده الرئيس بايدن بمثابة تكفير عن مساندته بدايةً للحرب، وتنظيراً من أركان إدارته الدبلوماسية من جهة والأمنية والمخابراتية من جهة أُخرى للفعل المتوحش ضد البشر والحجر في غزة، هو استيلاد منزوع القوة العسكرية لدولة فلسطينية تأخذ مقعدها كعضو في منظمة الأمم المتحدة وبذلك تطمئن إسرائيل. وثمة بعض التنظير المنسوب للرئيس الأميركي الذي صال وجال مع نتنياهو في هذا الخيار من دون أن يحقق مبتغى القبول. ومن ملامح التنظير كلام منسوب للرئيس الأميركي في صيغة العبارة الموجزة الآتية: «هناك عدد من الأعضاء في الأمم المتحدة ليس لديه جيشه الخاص، وأعتقد أن هناك طرفاً يمكن أن ينجح بها»، وجاء طرح الصيغة بعدما كان أوجع نتنياهو باستضافة الإدارة الأميركية وزير الدفاع الإسرائيلي.

اللافت أن نتنياهو بدل الترحيب والقول للحليف - الصديق بايدن خيراً تقترح وليس أفضل من خشبة خلاص لما فعلناه في حق الشعب في غزة، ودرءاً لما قد يصيبنا ويصيب شعب فلسطين في الضفة ثورة عارمة على إسرائيل، وكذلك ما قد يصيب المجتمع الإسرائيلي بشقيْه المدني والعسكري، مثل هذا الذي تراه وتنوي تسويقه... فإنه بدل الترحيب رفض جملة وتفصيلاً الفكرة الكثيرة الوضوح مفتتحاً بذلك حالة من الجفاء قد تتفاعل وبحيث تصحو المنطقة ذات يوم على أن ما يراه الرئيس بايدن دولة فلسطينية ومن دون جيش وهموم تسليح وخلاف ذلك بات على طريق الإنجاز. وفي حال حدوثه فإن الفلسطيني سيشكر الرئيس الأميركي ويغفر له خطوات غير ودية وغير مستحبة، إضافة إلى وقفات عدائية كتلك التي واكبت حرب الإبادة والتجويع البنيامينية على غزة. أما لماذا سيكون الفلسطيني شاكراً الرئيس الأميركي؛ فلأن علاقة بايدن اضطربت مع رئيس العدوان والتجويع، ومثل هكذا اضطراب أنتج خطوة نوعية على طريق التهدئة وترطيب المشاعر العربية - الأميركية التي كادت تتيبس، فضلاً عن أن أمنية العمر للأجيال الفلسطينية منذ 1948 وحتى إعلان قيام الدولة بالصيغة التي طرحها بايدن ورفضها جملة وتفصيلاً وربما حتى إشعار آخر نتنياهو، هي طي صفحة اللجوء وفقدان الوطن. وهذا التحفظ من نتنياهو على ما يطرحه بايدن يعود إلى حقد متأصل في نفسه، وتوضح عبارة أحتفظ في أرشيفي منذ اثني عشر عاماً بقصاصة من نشرة «وكالة الصحافة الفرنسية» ليوم الجمعة 17 يناير (كانون الثاني) 2012 تضمنت خلاصة كلام ﻟنتنياهو في صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي أعادت نشْره صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في اليوم نفسه. والكلام البنياميني المشار إليه كان تعليقاً على حادثة اصطدام في القدس يوم الخميس 16 يناير لقي فيها عشرة أطفال فلسطينيين مصرعهم وأصيب أكثر من أربعين آخرين بجراح. ولقد علَّق نتنياهو في صفحته على مواقع التواصل بأنه «يتمنى الموت لكل العرب ويستغرب تقديم المساعدة للجرحى. كما أنه يتمنى إرسال شاحنة أخرى للقضاء عليهم جميعاً». واللافت أن نتنياهو - على حد قول الصحيفة - لم يتراجع عما قاله ويعتذر عن إبداء الأسف العدائي.

هذه المشاعر من جانب نتنياهو تفسر شغفه بحرب الإبادة والتدمير والتجويع في غزة وإلى حد الاستمتاع حتى بمنظر أطفال يتم انتشالهم من تحت الركام أو يموتون في أحضان أمهاتهم ويلتحقون بالآباء والإخوة والأخوات الذين سقطوا بفعل القصف على مدار أشهر... وكلهم عرب.

لكن مثل هذا الشغف ستبدده الأحوال في ظل الدولة الفلسطينية المحايدة المنزوعة السلاح الإيراني وغير الإيراني التي يطيب العيش لشعب فلسطين بعد استحداثها. ولهذه الهوامش بقية كلام وتأملات.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطيني محايداً ما أطيَب العيش الفلسطيني محايداً ما أطيَب العيش



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 13:47 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:05 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 08:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 17:32 2023 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الفنان طارق عبد العزيز بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة

GMT 17:32 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

خريجو الجامعات اليونانية يلتقون فلاسيس بدعوة من فونتولاكي

GMT 23:31 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 11:15 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع لتطوير قدراتك العملية

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon