القضاء على حماس

القضاء على حماس

القضاء على حماس

 لبنان اليوم -

القضاء على حماس

عمرو الشوبكي
بقلم - عمرو الشوبكي

لم تتوقف إسرائيل عن المطالبة بالقضاء على حماس، وكررت حكومتها المتطرفة تصورها بضرورة إقصاء حماس واجتثاثها من غزة وباقى الأراضى الفلسطينية.

والمؤكد أنه من شبه المستحيل اجتثاث فكرة أو عقيدة من أي مجتمع، صحيح أنه يمكن تهميشها أو تجاوزها بفعل تطور المجتمعات وتغير السياق السياسى والاجتماعى المحيط بها، إلا أن الفكرة ستبقى، حتى لو خفتت بفعل تغير الظروف.

صحيح أن النظم الاستبدادية تحاصر الأفكار، وتقمعها، وتتصور أنها اجتثتها، والحقيقة أنها قد تُضعفها، ولكنها لا تقضى عليها، وأن تاريخ الإنسانية ملىء بالعبر في التعامل مع الأفكار التي تعلمت منها كثير من الدول والشعوب، ماعدا إسرائيل، التي لا تزال تستخدم مفردات القضاء الكامل ليس فقط على حركة عقائدية مثل حماس، إنما على شعب بأكمله. إن محاربة الأفكار المتطرفة لا تكون أساسًا بقمع مَن يحملونها، إنما تغيير الظروف التي أدت إلى انتشار «التطرف» لأن قوتها أساسًا في الفكرة وليس في الأعداد الكبيرة أو الصغيرة لمَن يحملونها.

والحقيقة أن تجربة إسرائيل في التعامل مع حركات المقاومة بمختلف توجهاتها تمثل أسوأ صور تجارب الاجتثاث في العالم وأشدها قسوة ودموية، فخطاب إسرائيل المعلن لتبرير عدوانها على غزة هو أنها ترغب في القضاء على حماس، كما سبق أن قالت أمريكا وحلفاؤها في العراق حين رفعت شعار اجتثاث البعث، والنتيجة أنها فعلًا اجتثت التنظيم، ولكنها حولت جانبًا كبيرًا من أعضائه نحو تنظيمى القاعدة وداعش، أي نحو خيار إرهابى شديد التطرف، وفى نفس الوقت لا يمكن القول إنها قضت على الفكرة البعثية أو القومية في داخل العراق أو خارجها. صحيح يمكن لإسرائيل أن تُضعف قوة حماس، بل يمكن أيضًا أن تفكك قدراتها العسكرية، وتقتل الآلاف من الفلسطينيين، ولكنها لن تستطيع أن تقضى على فكرة أو أيديولوجية مقاومة المحتل لأنها ستعود مرة أخرى في ثوب جديد، قد يكون أشد تطرفًا أو اعتدالًا، لكنها ستعود لأنه مادام هناك احتلال، فستصبح هناك مقاومة أيًّا كان اسمها وتوجهها.

إن كثيرًا من العرب والفلسطينيين وليس فقط الأمريكيين يختلفون جذريًّا مع حركة حماس، ولكن هذا لا يعنى قبول وهم اختفاء الحاضنة الشعبية أو الفكرة التي قامت عليها حركة المقاومة، وإذا كان هناك مَن يعتبر أن حماس حركة متطرفة، فإن المطلوب هو تغيير الظروف، التي جعلت هناك أسبابًا لتصاعد هذا «التطرف»، بخلق بيئة تشجع على الاعتدال والحلول السلمية العادلة وترفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى حتى ينال حقه في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

لا يمكن القضاء على أي حركة تقاوم محتل، حتى لو صنفها البعض جماعة إرهابية، ولا يمكن اجتثاث فكرة، حتى لو قضيت على التنظيم الذي يتبناها، لأنها مرتبطة بدعم مجتمعى يتوافق على مواجهة سلطة احتلال، وليس فقط مجرد خيار عقائدى لتنظيم يمكن تجاوزه.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القضاء على حماس القضاء على حماس



GMT 19:25 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

نبوءة يمنيّة

GMT 19:21 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

هل يتكرر في غزة ما حدث في كوسوفو؟

GMT 19:19 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

الجولة الثانية من الحرب على غزة وآفاقها

GMT 19:16 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

اليمن الجنوبي (هدية بزبديّة)

GMT 19:13 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

نوع من الرياضة العقلية ليس أكثر

ريا أبي راشد بإطلالة أنيقة جذابة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي

الرياض - لبنان اليوم

GMT 10:11 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

لحظات في عالم الموضة لا تنسى خلال عام 2023
 لبنان اليوم - لحظات في عالم الموضة لا تنسى خلال عام 2023

GMT 10:46 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

معالم سياحية بارزة في لندن تستحق الزيارة
 لبنان اليوم - معالم سياحية بارزة في لندن تستحق الزيارة

GMT 10:34 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الطاولات الجانبية لغرف المنزل العصري
 لبنان اليوم - أفضل الطاولات الجانبية لغرف المنزل العصري

GMT 10:58 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

انشقاق بين صفوف الصحافيين الأميركيين بسبب حرب غزة
 لبنان اليوم - انشقاق بين صفوف الصحافيين الأميركيين بسبب حرب غزة

GMT 09:55 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

إيطاليا وجهة مثالية تجمع بين الفن والثقافة وجمال الطبيعة
 لبنان اليوم - إيطاليا وجهة مثالية تجمع بين الفن والثقافة وجمال الطبيعة

GMT 07:21 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز نباتات التزيين الداخلي الدارجة في 2024
 لبنان اليوم - أبرز نباتات التزيين الداخلي الدارجة في 2024

GMT 19:00 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

منع الإعلامية ريهام سعيد من الظهور على الشاشة
 لبنان اليوم - منع الإعلامية ريهام سعيد من الظهور على الشاشة

GMT 09:30 2023 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجعات سياحية مثالية في جزر المالديف لإقامة رومانسية

GMT 15:41 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الهيئة الملكية لمحافظة العلا تدشن رسمياً إذاعة "العلا FM"

GMT 15:46 2023 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية تضرب غرب تكساس الأميركية بقوة 3 درجات

GMT 15:43 2023 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب “هاتاي” التركية

GMT 01:37 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

أفضل 7 وصفات منزلية لعلاج فعال لحصى الكلى

GMT 05:37 2013 الخميس ,18 إبريل / نيسان

رسائل عربية حول سوريا؟

GMT 19:30 2023 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال عنيف بقوة 6.7 ريختر يضرب دولة فانواتو

GMT 07:58 2020 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

تأملات في عالم مُتغيّر (2)

GMT 14:31 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

أبيات من شعر حافظ ابراهيم

GMT 11:59 2022 السبت ,23 تموز / يوليو

مي عمر تتألق بالفساتين الصيفية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon