التطبيع والحق الفلسطيني

التطبيع والحق الفلسطيني

التطبيع والحق الفلسطيني

 لبنان اليوم -

التطبيع والحق الفلسطيني

حسين شبكشي
بقلم: حسين شبكشي

جاء الإعلان الأخير عن التطبيع بين المملكة المغربية وإسرائيل كحلقة أخيرة من سلسلة التغييرات في العلاقات السياسية بين بعض الدول العربية وإسرائيل.
هذه المرة جاء اتفاق التطبيع، الذي كان برعاية الولايات المتحدة وبإشراف شخصي من الرئيس الأميركي، الذي شارفت ولايته الرئاسية الثانية على الانتهاء، بإغراء مميز ومختلف، يتكون من اعتراف أميركي دبلوماسي وصريح بولاية وأحقية المغرب على كل الأراضي الصحراوية الغربية، التي كانت موقعاً لاجتهادات سياسية ودبلوماسية مختلفة بخصوص أحقية الولاية عليها. وهذا الاعتراف بحد ذاته يعد انتصاراً مهماً جداً للمغرب، يخلق سابقة لافتة من الممكن البناء عليها مع دول أخرى مهمة ومؤثرة.

وفي هذه الأثناء، لم يلقَ خبر استقالة السيدة المحترمة حنان عشراوي، من العمل السياسي في منظمة التحرير الفلسطينية ومطالبتها بإعادة هيكلة الجهاز السياسي فيها، والقيام بإصلاحات جذرية داخلها الاهتمام الكافي. كانت سفيرة عظيمة وواجهة مشرفة، يفتقدها الفلسطينيون بسبب خلافات محمود عباس وإسماعيل هنية و«فتح» و«حماس» على حساب القضية السياسية الأهم. وهو السبب نفسه الذي أدى ذات يوم إلى ابتعاد إدوارد سعيد المفكر الشهير، وحيدر عبد الشافي، وفيصل الحسيني، من واجهة العمل السياسي.

أخفيت قسراً الوجوه المشرفة للقضية لصالح الإبقاء على مستفيدين من إبقاء الوضع على ما هو عليه. وفي ظل الهجمة الإسرائيلية لإعادة كتابة السردية التاريخية لفلسطين، لتطبيق مقولة إن «فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، وإثبات أنها الأرض الموعودة التي وعدها الرب لأحفاد إبراهيم بحسب الرواية التوراتية، كان من الممتع جداً لي أن أقرأ مجموعة في غاية الدلالة والأهمية عن تاريخ فلسطين والفلسطينيين، كتبت بطريقة رائعة ومستخدمة لمنهجية علمية وبحثية محترمة ودقيقة جداً. الكتاب الأول «إعادة اكتشاف فلسطين: أهالي جبل نابلس 1700 - 1900» بقلم بشارة دوماني، الذي يروي حكاوي وقصص التجار والزارعين والمسؤولين من خلال أوراق عائلية خاصة وسجلات إدارية رسمية وبيانات المحاكم الشرعية العامة، وهو هنا كغوص في عالم «فلسطيني» خفي.

وهناك كتاب آخر بعنوان «أوراق عائلية: دراسات في التاريخ الاجتماعي المعاصر لفلسطين» من مجموعة محررين وبمراجعة صالح عبد الجواد. ويعتمد الكتاب على نفس مصادر الكتاب السابق، ولكن يضيف إليها المستندات الرسمية والخاصة لإسرائيل والشرطة البريطانية.

وهناك العمل الجبار لنور مصالحة، الذي جاء في كتاب مثير ومدهش بعنوان: «فلسطين: أربعة آلاف سنة من التاريخ»، تم استعراض وتوثيق الوجود الفلسطيني الذي تشكل من وجود تراكمي عبر الأزمان، مكوناً هوية فلسطينية تاريخية. وهناك كتاب «حياة أسرة: تاريخ اجتماعي» للمؤلف بشارة دوماني، الذي يوثق الحياة الاجتماعية لأسرته كنموذج للمدينة وكامل فلسطين نفسها. أيضاً هناك كتاب «حرب المائة عام على فلسطين: تاريخ استعمار المستوطنين من عام 1917 - 2017» للمؤلف الكبير رشيد الخالدي، الذي سبق له كتابة الكتاب البالغ الأهمية «الهوية الفلسطينية».

هذه الكتب (وغيرها بطبيعة الحال) تبقي السردية الفلسطينية حية ومحترمة بعيداً عن الخلافات السياسية البينية المسيئة، لأنها أكبر شهادة ميلاد مستمر ومتواصل، لأن هذه الكتب لا تزال تصدر من أهم الجامعات الأميركية والتي حاول اللوبي الإسرائيلي جاهداً إيقافها.
فلسطين حقها واضح في أرضها، والسردية الفلسطينية تبقى حية بجهود الأوفياء والمخلصين.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التطبيع والحق الفلسطيني التطبيع والحق الفلسطيني



GMT 19:29 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

ما يملكه الضعفاء

GMT 19:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

في الحنين إلى صدّام

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 19:12 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إيران أكبر عدو لنفسها

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 23:51 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 17:03 2023 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

المدارس الألمانية تواجه معضلة في التعامل مع حرب غزة

GMT 15:02 2023 السبت ,15 إبريل / نيسان

موضة المجوهرات لموسم 2023-2024

GMT 12:53 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

برفوم دو مارلي تقدم نصائح قيمة لاختيار العطر المناسب

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 02:42 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير حلى "الشوكولاتة الداكنة" بالقهوة

GMT 21:41 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

تسريحات شعر قصير للعروس في 2022

GMT 08:14 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

ساعة أكسكاليبور بلاكلايت ساعة روجيه دوبوي الجديدة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon