حكاية تستحق أن تُروى

حكاية تستحق أن تُروى

حكاية تستحق أن تُروى

 لبنان اليوم -

حكاية تستحق أن تُروى

بقلم: سوسن الشاعر

فيفيان لي وبن هابرد كتبا تقريراً عن المملكة العربية السعودية عنوانه «بينما ينتشر الدمار والتخلف والحروب في العواصم العربية التي كانت يوماً ما رمزاً للحضارة والثقافة العربية، فإن السعودية في الوقت الحالي هي الأمل الوحيد لدى العرب في إبراز حضارتهم وثقافتهم إلى بقية العالم» - («نيويورك تايمز» 27/ 12/ 2021)، وذلك أثناء تغطيتهم مهرجان السينما الذي أقيم في جدة.
لاستقرار الدول الخليجية في ظل هذا الدمار المحيط بها ونموها وتطورها وانفتاحها على العالم حكاية تروى، إذ لم توجد هذه الدول من فراغ ولم تخلق كنبات الفطر؛ هناك حكايات عظيمة وروايات وراء هذا النمو وهذا الثبات والاستقرار.. حكايات يقف لها المرء احتراماً وإجلالاً لقصص التأسيس والبدايات.
جميع «الملكيات» في العالم روت حكايتها درامياً إلا الدول الخليجية ما زال التحفظ يحيط بها كروايات شعبية.
رواية الملكية البريطانية والأوروبية بشكل عام عرفها العالم عن طريق الدراما أكثر من الكتب والوثائق، ومثلها روايات الملكيات الشرقية الصينية واليابانية والروسية، إذ هناك عشرات، إن لم تكن المئات، من الأعمال الدرامية التي عرفت الشعوب بشكل واسع الانتشار بكيفية بناء تلك الدول وتأسيسها ونشوء تلك الأسر الملكية.
«وُلد ملكاً» هو الإنتاج السينمائي الوحيد الذي يروي سيرة الملك فيصل، رحمه الله. أما الرواية التاريخية للأسر الحاكمة في تأسيس «دول» الخليج العربي وتحويل الصحراء القاحلة إلى دول ثابتة ومستقرة ومتقدمة ومتطورة، ثم الانتقال والتحول بها إلى كونها الثقل العربي والإسلامي سياسياً واقتصادياً وحتى ثقافياً، فما زالت حبيسة بين ضفات الكتب وفي أروقة المتاحف فحسب، متاحة لمن يزورها فقط، في حين أنها تستحق أن يُحتفى بها ومنحها التقدير الذي تستحقه ونشرها على مدى واسع ليعرف أبناء هذه المنطقة أولاً والدول العربية ثانياً والعالم أجمع، أن هذا الاستقرار والازدهار بُني بالعرق وبالتعب وبالجهد وبالكفاح وبالإصرار وبفكر استراتيجي فطري حمله الآباء المؤسسون.
تلك القصص المثيرة مدونة في الوثائق التاريخية في الكتب، في أرفف المكتبات، في المتاحف، في المواقع الأثرية، وأياً كان عدد قرائها وزوارها فلن تكون حكاية تُروى على ألسن الغالبية، حتى لو وضعتها ضمن المناهج التاريخية فستروى بأسلوب تلقيني يفتقد التأثير، في حين أنها روايات مثيرة ومشوقة وبها جميع مقومات الدراما ولا حاجة إلى أي إضافات، فقصة الدولة السعودية على سبيل المثال تقف أمامها إجلالاً واحتراماً لتلك الإرادة وذلك العزم والتصميم قياساً بالتحديات التي واجهتها.
رواية «المصمك» على سبيل المثال، رواية توحيد المملكة العربية السعودية، رواية سقوطها ونهوضها لثلاث مرات، روايات الملك عبد العزيز مع القبائل العربية، كل منها عمل درامي بحد ذاته.
هذا الذي دفع الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، حين افتتح «مركز الملك عبد العزيز التاريخي» بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة بإصدار توجيه ملكي لجميع أفراد الأسرة المالكة بزيارة المركز والتعرف على تاريخ الحكم، فتوافد النساء والرجال وكبار السن والأطفال منهم أفواجاً، وتلك حكمة عظيمة من أجل الاقتراب أكثر من الرواية الحقيقية وتعزيز مشاعر الفخر والولاء لجهد الآباء المؤسسين، وهذا ما ندعو له ونؤكد عليه بأن الرواية التاريخية لتأسيس دول المنطقة تستحق أن تُعرض للعالم أجمع، وما دمنا أقدمنا على الأفلام الوثائقية فلنخطُ أكثر لتحويلها إلى عمل درامي.
صحيح أن لدينا متاحفنا ولدينا آثارنا ومقتنياتنا، ولدينا الكثير من وسائل عرض هذا التاريخ بطريقة مشوقة وعصرية، إنما تبقى الدراما هي الأكثر تأثيراً والأسرع وصولاً إلى القلب وتناسب كل الأعمار.
هناك مئات الأحداث والمواقف والشخصيات التي مرت على هذه المنطقة وحكامها، كل منها يصلح أن يكون عملاً درامياً رائعاً؛ الصعاب التي مروا بها والتحديات والمخاطر، احتاجت إلى حنكة وذكاء ودهاء ومقومات للحكم وكاريزما مرت بمواقف وتركت أثراً تعجب منه ويدهشك، هي تحتاج فقط إلى قرار جريء يزيح عنها الحساسية المتحفظة إزاء الصورة المحاطة بهيبة الحكم، وذلك غير صحيح بتاتاً، فالنتائج النهائية لجهود الآباء الأوائل والمتمثلة بهذه الدول التي تبهر العالم الآن، هي التي تمحو أي أثر نتصور أنه قد يكون سلبياً على الصورة المثالية، بل بالعكس تضفي على الرواية الطابع البشري والإنساني الواقعي الذي يزيدها إبهاراً، حين ترى أثرها النهائي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية تستحق أن تُروى حكاية تستحق أن تُروى



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:24 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 لبنان اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 20:08 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 11:04 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

لاعب برشلونة مارتينيز يشتبك مع مشجع خارج الملعب

GMT 04:53 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

مكياج العيون من وحي الفنانة بلقيس

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon