«حماس» بين ما هو كائن وما يجب أن يكون

«حماس» بين ما هو كائن وما يجب أن يكون

«حماس» بين ما هو كائن وما يجب أن يكون

 لبنان اليوم -

«حماس» بين ما هو كائن وما يجب أن يكون

سوسن الشاعر
بقلم: سوسن الشاعر

يبدو أن «حماس» لم تدرك الفارق في مفهوم «اليوم التالي» بينها وبين إسرائيل، ومعه إدارة ترمب، فـ«اليوم التالي» عند «حماس» هو الذي سيلي وقف إطلاق النار بينها وبين إسرائيل، أي اليوم التالي لما بعد الاتفاق على هدنة طويلة المدى.

أما «اليوم التالي» بالنسبة لإسرائيل هو ما بعد خروج قادة «حماس» وسلاحهم من غزة.

فإسرائيل ترى أن لا يوم تالياً ولا عودة للحياة في غزة إلا بعد خروج «حماس». فهل يمكننا الحديث عن إعادة إعمار غزة، قبل أن تحل هذه العقدة التي في المنشار؟ وهل يمكننا البحث عن تمويل لإعادة إعمار غزة وهي ما زالت تحت التهديد بعودة القتال؟

ليس الإسرائيليون مَن يسأل هذه الأسئلة فحسب، بل حتى الفلسطينيون يسألون، لأنهم يعرفون أنهم سيبقون تحت التهديدات بالقصف ما دامت هناك بقايا لـ«حماس» وسلاحها تحت بيوتهم.

فمن سيسكن مبنى تحته أنفاق ومخازن أسلحة ويعرض نفسه للموت من جديد؟ بل مَن سيعمر هذا المبنى أصلاً، إن كنا نتحدث عن خطة لإعادة الإعمار؟

ما زالت «حماس» تتعامل مع ما يجري على الأرض، وتتفاوض مع الآخرين على أساس ما يجب أن يكون، وإسرائيل وإدارة ترمب تتعامل مع ما هو كائن - بغض النظر عن مدى أخلاقياته - وهذا هو الفرق في أدوات التفاوض بين الاثنين. وكنتيجة لذلك، لن تستوعب «حماس» أبداً مقدار الخسائر التي ستتكبدها لاحقاً، ظناً منها أن هناك خطوطاً حمراء لن تتجاوزها إسرائيل!

بذات النفس غير الواقعي الذي جعلها تقدم على 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والذي دفع موسى أبو مرزوق القيادي في «حماس» للقول بعد فوات الأوان، أنه «لم يكن ليؤيد الهجوم لو كان يعلم بالدمار الذي سيخلفه في قطاع غزة»، مؤكداً أن معرفته بالعواقب كانت ستجعل من المستحيل عليه أن يؤيد الهجوم، قبل أن يعود ويتبرأ من الكلام.

هو ذات النفس الذي ترد به على تهديدات ترمب الأخيرة. كلام «حماس» ببيان ينطلق مما يجب أن يكون، لا بما هو كائن. فحازم قاسم المتحدث الرسمي للحركة، في تصريحات صحافية، يرد على ترمب: «هذه التهديدات تعقّد المسائل المرتبطة باتفاق وقف إطلاق النار، وتشجع حكومة الاحتلال الإسرائيلي على التهرُّب من تنفيذ بنوده»! وهل أتى بجديد؟

«حماس» تفاوض وكأنها ما زالت تملك أوراق ضغط في يدها، فلا تقبل بتسليم السلاح ولا تقبل بإطلاق سراح الرهائن وغير مستعدة للخروج من غزة؛ فهل كانت «حماس» تتوقع أن تحترم إسرائيل اتفاق الهدنة لأن ذلك ما يجب أن يكون؟ هل تتوقع أن إسرائيل ستسمح للغزاويين بالعودة لحياتهم الطبيعية وهي بينهم؟

أياً كانت الأسباب التي سمحت لـ«حماس» بالوجود وإدارة القطاع والصرف عليه طوال العقود الأخيرة فجميعها قد انتهت، هذا ما هو كائن الآن، إنما «حماس» ما زالت مصرة على أن تخاطب الآخرين بما يجب أن يكون، بعيدة عن الواقع بفجوة واسعة، والمأساة أن سكان غزة هم من سيدفع ثمن هذه الفجوة في العقلية التفاوضية لدى قادة الحركة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» بين ما هو كائن وما يجب أن يكون «حماس» بين ما هو كائن وما يجب أن يكون



GMT 17:06 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

«الانتقالي» فتح عشَّ الانفصاليين

GMT 17:05 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

تمنيات للجزائر

GMT 17:04 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

زيتونة فلسطينية تناجي ياسر عرفات

GMT 17:03 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

مخالب «داعش» ما زالت تخمش

GMT 17:02 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

خلوة صير بني ياس... التفكير الهادئ في زمن الاضطراب

GMT 17:01 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

«موجز القوة» ومستقبل العسكرية الأميركية

GMT 17:00 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

نظرية ماكس فيبر... وأسباب تفوّق الملَكية

GMT 16:59 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

الأيام الجهمة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:05 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الطيبة جنوبي لبنان
 لبنان اليوم - غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الطيبة جنوبي لبنان

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة

GMT 17:29 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تصميمات Lanvin من وحي الخيال

GMT 11:27 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يستقبل عام 2021 بتحوله لـ"ملاكم" في كليب "Anyone"

GMT 05:03 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"Roberto Cavalli" تطرح مجموعة من المجوهرات لعام 2017

GMT 06:30 2013 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

العمل مع "الزعيم" شرف كبير وأنا لست إعلاميًا

GMT 14:20 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

اجتماع لوزراء الصحة الأفارقة حول لقاح كوفيد ـ 19

GMT 14:47 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

النفط يبلغ أعلى مستوى منذ شهور وخام برنت 53.17 دولار للبرميل

GMT 03:53 2015 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

جزيرة فوليجاندروس أجمل مكان لمشاهدة غروب الشمس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon