المشهد العربي المأمول من القمة الخريفية

المشهد العربي المأمول من القمة الخريفية

المشهد العربي المأمول من القمة الخريفية

 لبنان اليوم -

المشهد العربي المأمول من القمة الخريفية

بقلم : فـــؤاد مطـــر

بمزيد من الأسى تراجَعَ الاهتمام الدولي بالموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي وبات أمراً ثانوياً في جدول أعمال الدول الكبرى المتعاطية مع هذا الموضوع بأمل إنجاز خطوة متقدمة على طريق حسْم صيغة الدولتيْن، خصوصاً بعدما بات هنالك تشجيع عربي نسبي في ضوء زيارات متبادلة تمت وتسجيل مواقف من حُسْن النية تنتظر الرد عليها بالمثل. ومن الطبيعي حدوث هذا التراجع أو فلنقل إعادة الترتيب في جدول الأعمال الأشبه بإعادة تموضع القوات من دون أن يعني ذلك انتهاء المواجهة، بعد الهجمة البوتينية المباغتة والمتخذة شكلاً كلامياً على أميركا ودول الأطلسي والمتخذة على الجانب الآخر (الجانب الأوكراني) أشد مفردات التحدي، ما يذكر الجالسين أمام الفضائيات بالأفعال التدميرية الأميركية - البريطانية في العراق جزاء فِعْل اقترفه العراق الصَّدَّامي بالكويت وسبق به روسيا البوتينية باثنتيْن وثلاثين سنة.
هل ستكون النهايات واحدة؟ هذا حتى إشعار آخر في عِلْم الغيب. كما أنه في عِلْم الغيب أيضاً هل يكون الرئيس بوتين على درجة من الحصافة ليتشبه بأهل الحُكْم الصيني في تعاملهم مع كل من تايوان وهونغ كونغ، قبل وقوع الفؤوس على الرؤوس؟ فيما يتعالى الصوت الأطلسي بمفردات متنوعة يهدد بالويل وعظائم الأمور بتراكم العقوبات التي بدأت تؤذي، لكن لا بد أن قيصرها متحسب سلفاً لذلك، كما لا بد أنه وضع على الطاولة خيارات وعلاجات تقيه مفاعل الخيبة في حال اكتملت مقدمات صمود الطرف المعتدى عليه.
قبل أن يتراجع الاهتمام الدولي بالموضوع الفلسطيني حدث تراجع مماثل بالمحنة اللبنانية والمحنة السورية والارتباك المستحكم في أهل الحُكْم. وفيما بدأ الأطراف الثلاثة يمنون النفس بأن هنالك قمة عربية عادية ستنعقد من حيث مبدأ دورية الانعقاد السنوي في العاصمة الجزائرية، وأن هذه الأطراف ستغتنم مناسبة الانعقاد ليضع كل شكاواه وملفاته ومطالبه أمام الملوك والرؤساء الذين سيشاركون في القمة.
هذه الحرب سيشمل تأثيرها شعوب أميركا وأوروبا أيضاً وتعالجه الحكومات بالتي هي أمكن، عملاً بقاعدة الدروس المستفادة من حربيْن عالميتيْن مضتا، إلا أن وطأة النضوب المتدرج للقمح في إهراءات بعض الدول العربية، وارتفاع متزايد في أسعار النفط والغاز تفوق قدرة عشرات ألوف العائلات العربية ستكون بالغة الشدة، وذلك لأن الحكومات وتفادياً للشمول، نقول بعضها، لا تحسب حساباً لما تخبئه عاديات الأيام الآتية في طياتها. أليس في ضوء ذلك تجد اللبناني والسوري والعراقي والسوداني... هؤلاء بالذات دائمي الخشية من تلك العاديات والتي أكثرها قساوة على النفوس أن تنتهي الأزمة الروسية - الأطلسية، أزمة عالمية بامتياز حاملة في طياتها حروباً متنقلة لا قدرة للشعوب على تحمل ويلاتها.
ليس واضحاً بعد أي جدول أعمال ستكون عليه بنود القمة العربية المتثاقل أمر عقْدها بدليل جعْل الانعقاد خريفياً (1-2 نوفمبر (تشرين الثاني) بدل الانعقاد المتعارف عليه ربيعياً (أواخر شهر مارس (آذار) من العام) لكن الحراك المصري - الخليجي الذي يواكب تطورات الأزمة الروسية - الأطلسية وأحدثه لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومحادثاته مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم الثلاثاء 8 مارس 2022 يتيح المجال أمام التوقع بأن انفراجات لا بد من حدوثها. وهناك مفردات نقرأها فيما يقوله الرئيس السيسي أمام زائريه على هامش التواصل بين مصر والمملكة العربية السعودية، وقبل ذلك ببضعة أسابيع منها تواصُل مصر مع كل من الجزائر وتونس وليبيا والمحادثات التي عقدها مع القادة والمسؤولين العرب الذين التقى بهم في القاهرة بعد الإمارات، وكذلك في ضوء زيارة لبضع ساعات قام بها إلى الكويت بعد الإمارات. إننا في ضوء هذا الحراك الذي يكتسب صفة السعي الحميد، سنكون في حال لم يصب انعقاد القمة بمكروه تأجيل آخر، أمام مشهد مختلف للأحوال العربية يحل محل المشهد الذي زاد هوة التباعد اتساعاً.
مشهد يتطلب تكاتفاً وإجماعاً على التمسك بوحدة الصف لا يخترقه الغريب أخاً إيرانياً كان أو إسرائيلياً متلهفاً يطلب التعايش من دون تقديم مؤهلات التعايش المطمئن. وكذلك مشهد يترجم قراراً ملزماً من القمة بتفعيل تحريم التدخل في الشؤون الداخلية، واهتداء التائهين والحالمين إلى الصراط المستقيم، وكذلك تحريم السلاح على غير جيش الدولة وتحريم التجريح بالعلاقات والمقامات.
بهذا تصطلح أحوال الأمة وتنجو قدر الإمكان من وطأة صراع دولي قد ينتهي حرباً عالمية ثالثة. وفي استطاعة الأمة إن هي خرجت من القمة المؤمل الانعقاد الخريفي الناجح لها، أن تكون إحدى وسائل تهدئة بوتين روسيا وبايدن أميركا ودول الأطلسي، فلا يحترق العالم فيما هنالك طرفان متفرجان روسي وأميركي خارجان على قاعدة «على الأرض السلام وفي الناس المسرة».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشهد العربي المأمول من القمة الخريفية المشهد العربي المأمول من القمة الخريفية



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:20 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 15:01 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:19 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 19:51 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

بدائل التدخين تخفّض وفياته ولا تخلو من المخاطر

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:08 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

نادي يوفنتوس يعلن إصابة مدافعه دي ليخت بكورونا

GMT 17:15 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

ميلنر يستبعد صلاح وماني من تشكيلته المثالية

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 19:02 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

نزهة في حديقة دار "شوميه"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon