على قلب كوكب واحد

على قلب كوكب واحد

على قلب كوكب واحد

 لبنان اليوم -

على قلب كوكب واحد

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

تكاد تكون قضايا المناخ والبيئة الوحيدة القادرة على توحيد شعوب الأرض.

ويتصاعد هذا الإيمان في ظل أوضاع الكوكب الملتبسة سياسياً والمعقدة اقتصادياً والمتشابكة أيديولوجياً. فمن الصراع العربي الإسرائيلي، إلى الحرب الروسية الأوكرانية، ومنها إلى الاحتقان الأمريكي الإيراني والتنافس الأمريكي الصيني.

ومنهما إلى صراعات جماعات الإسلام السياسي بأنواعها، وما يجري في السودان، والوضع المرتبك في اليمن، وما يدور في أثيوبيا، والصفيح الساخن في أفغانستان وقائمة الصراعات تطول.

ما الذي يجمع بين كل هؤلاء المتحاربين والمتصارعين؟ وما الخطر الوحيد المحدق بثمانية مليار إنسان على وجه الكوكب؟

إنه مناخ الكوكب وبيئته وكربونه المنبعث ونفايات طعامه، وتنوعه البيولوجي المهدد وتلوثه البلاستيكي وغاباته المتقلصة والمعرضة للحرائق وتلوث هوائه وذوبان جليده وارتفاع مستوى سطح بحاره وتضاؤل أمنه الغذائي والمائي ونفايات منسوجاته وقائمة المهددات التي تجمع المتحاربين والمتصارعين والأعداء والأصدقاء طويلة وتتوسع.

توسع المخاطر الناجمة عن تغير المناخ ومشكلات البيئة لن توقفها صراعات على أرض أو بحر، ولن تعرقل توسعها خلافات عقائدية وأيديولوجية، ولن تردع قسوتها أو ترجئ آثارها المميتة إلى أن تتيسر أو تتحسن ظروف الشعوب لتتمكن كل دولة على حدة من مواجهة ما تتعرض له في داخل حدودها من تحديات ومخاطر.

تغير المناخ وقضايا البيئة ومشكلاتها ومخاطرها لن تنتظر أحداً. وما جرى في «كوب 28» في دبي من اجتماع لم يضم فقط زعماء العالم، ولكن كل مهتم ومتضرر ومتسبب في ضرر للكوكب وبيئته ومناخه، ومخرجات هذا التجمع الأهم في تاريخ الكوكب الحديث هو نجاح بكل المقاييس. فإن يأتي ذلك الاجتماع في أعقاب عام هو الأقسى مناخياً.

والذي ألحق أضراراً مميتة لكل مظاهر الحياة على وجه المعمورة، وأن يعرف الجميع ـ بمن فيهم من كان ينكر تغير المناخ ومن كان يعتقد أن كل ما يتعلق بالبيئة هو قضايا الغرب أو النخب فقط ـ أن قادة العالم ومؤسساته ومنظماته الأهلية والحكومية والخاصة مجتمعة على قلب إنسان واحد في دبي في محاولة لتحسين وإنقاذ الحياة هي نجاحات بكل تأكيد.

التأكيد على مبدأ العدالة المناخية هو جزء لا يتجزأ من «كوب 28». ويكفي أن الأرقام القياسية المناخية (بمعناها السلبي) التي تحققت في عام أوشك على الانقضاء سبة في جبين البشرية.

بتنا نسمع عن الدول الأكثر تسبباً في إنتاج غازات الاحتباس الحراري مثل الصين وأمريكا والهند وروسيا. وأصبحنا نعرف أن الآثار المميتة والسلبية لتغير المناخ تتكبدها دول لم تكن هي السبب فيما أصاب الأرض من أضرار.

والجميع يترقب حالياً سرعة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وأن تعرف الأموال اللازمة للعمل المناخي طريقها من الدول الأكثر ثراء إلى الدول الأكثر فقراً، وأن تعرف الطبيعة والبشر وصالح الأرض طريقها إلى رأي أولويات الجميع، لا سيما صناع القرار والمشرفين على تفعيله.

وإذا كان تفعيل القرارات هو المطلوب، فإن الاختراق الحقيقي لجمود العمل المناخي، وكسر حلقة عقد القمم واتخاذ القرارات التي تليها خفوت الهمم وتجميد الإجراءات .

حدث مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم. الصندوق مصمم بغرض سد فجوة التمويل المناخي، وتيسير الحصول عليه بكلفة مناسبة، وهدفه تحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030.

الصندوق خطوة كبيرة على طريق إنقاذ الكوكب. ولا سبيل إلى تحقيق المراد وتصحيح المسار إلا بمعالجة أزمة المناخ. والأمل معقود على «كوب 28» وقدرة الإمارات ـ كدولة منظمة ومضيفة وكذلك صاحبة ريادة في مجال تحسين البيئة ـ على العمل مع باقي الدول لإنقاذ الجميع.

وما لحق بالأرض ومناخها وبيئتها على مدار عقود، لا يتوقع أن يتم حله في أيام. هناك خلافات معروفة حول قضايا شائكة عدة، مثل مستقبل الوقود الأحفوري، والحاجة الماسة إلى المال، وتطبيق العدالة المناخية وغيرها. في الوقت نفسه، عوامل الإنجاح متوافرة، والكل يعلم أن عليه الوقوف على قلب كوكب واحد.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على قلب كوكب واحد على قلب كوكب واحد



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 22:26 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

مصارع يضرم النار بمنافسه على الحلبة

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon