طبخة الملح المفقود

طبخة الملح المفقود

طبخة الملح المفقود

 لبنان اليوم -

طبخة الملح المفقود

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

 البعض يسميها «الوقوف على الواحدة». والبعض الآخر يعتبرها ملحوظات استفزازية، حيث ينبغى أن تكون الأولوية دائماً للجهود التى ينبغى أن تبذلها الدولة لإطعام ملايين الأفواه التى يتم ضخها كل عام وكرتونة رمضان وكعك العيد ولحمة العيد الكبير ورنجة شم النسيم وحلاوة مولد النبى. وفريق ثالث يعتبر الحديث عن الكيف وليس الكم مقتصراً على الأغنياء ودول العالم الأول.

والحقيقة أن الحديث عمن يصر على «إفساد الطبخة علشان شوية ملح» لا علاقة له بمستوى الفقر أو الغنى، لكنه يرتبط بمنظومة ثقافية وتربوية. طرق وكبارى رائعة لم يسبق أن شهدنا مثلها، أبهرتنا وأفادتنا، لكن لا بد أن تجد بقايا عمود إضاءة مكسور ملقى على جانب الطريق، وأسلاك كهرباء متدلية بإهمال ورعونة من صندوق الكهرباء الرئيسى، أو تجهيزات كاميرات المراقبة، أو تلالاً من الزلط والطوب دسها أحدهم بعيداً عن خط سير موكب الافتتاح أو حملات التفتيش.

افتتاح محل جديد أنفق صاحبه «شىء وشويّات» على الديكور وعناصر الإبهار لا بد أن يترك فى الخلفية طوباً أحمر مكسوراً أو مواسير سباكة متهشمة أو تلال «رتش» متلاصقة.

مصلحة حكومية خضعت للتجديد حيث الطابق الذى تعمل فيه مدام عفاف مزين بالكامل ويرحب بالزائرين ويعلن أن ما تم هو بفضل الله والأستاذ حسين المدير العام. أما الطابق العلوى، فعبارة عن مخزن أطلال للكراكيب التى تم رفعها من الطابق السفلى، وهلمّ جرّا.

وجرى العرف ألا يضايق هذا الـ Finishing الكريه العين أو يؤذى قبحه القلب أو يستنفر غباؤه العقل. اعتاد أغلبنا الأعمال نصف المكتملة والمهام «الكلّشنكان». أصبحت اللكلكة أسلوب حياة ندافع عنه ونورّثه لأبنائنا ونرفع رايته بكل فخر واعتزاز. «مش أحسن من مافيش؟!» «أصله سلوك مواطنين» «معلش مايجراش حاجة» وغيرها من رايات الدفاع المقيت تحلّق فى سماء التبرير السخيف.

سخافة التبرير لا ينافسها إلا هراء التعلق بقشاية «الغلابة». من قال إن ضيق ذات اليد مبرر لـ«اللكلكة» أو ذريعة للكلفتة، لا سيما أن إنجاز المهمة بنظافة ودون ترك ركام أو أطلال أو بقايا لن تضع كلفة إضافية على المهمة الرئيسية. وأضيف أن سمة إفساد المهام العظمى عبر الكلفتة والطلصأة ليست حكراً على من يتم تصنيفهم تحت بند «الغلابة» فقط، بل إن بين علية القوم والأثرياء كذلك من يلكلك ويطلصئ، فقد أصبحتا أسلوب حياة.

أسلوب حياتنا المغموس فى نكهة إيمانية عميقة يفترض ألا يستوى مع اللكلكة وإفساد الأعمال العظيمة دون سبب واضح اللهم إلا عدم الاكتراث. والمسألة لا تتعلق بإرث سياسى شعبى تلخصه مشاهد عاصرناها جميعاً فى كنس ومسح المدرسة التى سيزورها السيد المحافظ، أو الكوبرى الذى ستخترقه سيارة الوزير، أو الهيئة التى ستشهد اجتماع السادة المسئولين، والتى سرعان ما تعود إلى سابق وضعها المزرى عقب انتهاء الزيارة. لكنها تتعلق بقيمة أساسية من قيم الحياة.

فمن يصلى بضمير ودون لكلكة ويركز فى الكلمات التى يتفوه بها ويتمعن فى المعانى والغاية من الصلاة، سينجز عمله بضمير وسيركز فى تفاصيله، وسيتمعن فى جوانبه الجمالية والغاية منه ولن نجد أنفسنا محاطين بطبخات أفسدتها شوية ملح.

ملحوظة أخيرة: جانب لا يستهان به من انبهارنا بموكب المومياوات هو أنه خذل توقعاتنا، وخرج بصورة أقرب ما تكون إلى الكمال.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طبخة الملح المفقود طبخة الملح المفقود



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 22:26 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

مصارع يضرم النار بمنافسه على الحلبة

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon