شعبويتنا ويميننا المتطرف

شعبويتنا ويميننا المتطرف

شعبويتنا ويميننا المتطرف

 لبنان اليوم -

شعبويتنا ويميننا المتطرف

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

طالعت عنوانًا يقول: «صعود الشعبوية يؤدى إلى اضطهاد الأقليات». ونحن فى منطقتنا حين نطالع أخبارًا أو تقارير تتناول الشعبوية أو اليمين المتطرف، فإن أول ما يطرأ على أذهاننا أن رجالًا ونساءً بيضًا يضطهدون المُلوَّنين والمهاجرين والمسلمين. شىء غريب أن نظن أن «الشعبوية» و«اليمين المتطرف» حكر على فئات فى الغرب، وكأننا لسنا غارقين فى شعبوية قبيحة أو نرزح تحت ركام يمين متطرف رهيب.

أليست الشعبوية القبيحة التى هجمت علينا فى سبعينيات القرن الماضى، وتُرِكت لتتغلغل وتتوغل وتتغول سببًا رئيسيًا فيما نحن فيه من سطحية وانتهازية وشعور كاذب بالفوقية؟ وألم تكن هى الفاعل الرئيسى وراء تدنِّى وضع المرأة، إلى درجة جعلتها هى نفسها تدافع عن تدنِّيها، وتتشبث به، فى ترجمة فعلية لـ«متلازمة ستوكهولم»، التى تجعل المريض يتعاطف ويتعاون مع مَن أساء إليه وأَضَرَّه، ويدافع عنه وقت اللزوم؟! ووقت اللزوم علينا أن نتعامل مع «اليمين المتطرف» من منظور يتسع لكل أنواع اليمين بدلًا من اقتصاره على «اليمين الغربى».

وعلينا أن نعى أن لدينا يمينًا غارقًا فى التطرف والتشدد ومدعاة لقلق يفوق ذلك اليمين المتمثل فى حزب سياسى أو توجه أيديولوجى فى دول غربية، فيميننا لا منافس له، وهو يحظى بحماية عقائدية حينًا، ودعم بالسكوت عليه أحيانًا ومباركة مجتمعية عبر اعتباره فوق القانون باعتباره هوية وخصوصية علينا حمايتها بدلًا من محاربتها. خذ عندك مثلًا، حين يكون لدينا حزب سياسى رسمى نظمى فهمى قائم على أساس الشعبوية العقائدية والفوقية الفكرية، وجذوره متوغلة فى اليمين المتطرف الفكرى والاجتماعى، حيث الإيمان العميق بأن غير المسلم كافر مثلًا، وأن المسلم- الذى لا يؤمن بما يؤمن به مشايخ الحزب ومفتوه، من نسخة متطرفة متشددة، لا علاقة لها بالزمان أو المكان، من التفسير الدينى المستورد، الذى نبذه مبتكروه أنفسهم أخيرًا- أليست هذه عين الشعبوية المسكوت عنها؟ على الأقل فى الدول التى نعتقد أن الشعبوية واليمين المتطرف حكر عليها.

هناك أحزاب أخرى تحقق نوعًا من المعادلة والتوازن، كما أن لديها قوانين وآليات يلجأ إليها مَن يقع ضحية لاعتداء أو عنصرية أو إقصاء، ولدى هذه الدول منصات إعلامية تقليدية وجديدة تقول وتفضح وتعرض ولا تكتفى بتوجه أو فكر واحد. صحيح أن الحياد الكامل لا وجود له، وصحيح أن تطبيق القانون لا يتم دائمًا بالشكل الأمثل، لكنهما على الأقل مطروحان. هذه الكلمات دعوة إلى التفكُّر الهادئ والمراجعة المتأنية. الشعبوية التى تضطهد الأقليات، (بمَن فيهم المسلمون من غير المنتمين إلى فكر هذه الجماعة أو تلك المجموعة)، موجودة عندنا، وبكثرة. واليمين المتطرف، الداعى إلى حماية التقاليد والأعراف والقيم باجتهادات شخصية للمواطنين العاديين فى الشارع، موجود، ويمتد أحيانًا إلى مواطنين يتقلدون مناصب رسمية. خلاصة القول قالوا لنا: «ماعندناش شعبوية أو يمين متطرف»، وهُمَّه عندهم جُوَّة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعبويتنا ويميننا المتطرف شعبويتنا ويميننا المتطرف



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon