بطرسبرغ للمناخ وأوان الرايات الحمر

{بطرسبرغ} للمناخ... وأوان الرايات الحمر

{بطرسبرغ} للمناخ... وأوان الرايات الحمر

 لبنان اليوم -

بطرسبرغ للمناخ وأوان الرايات الحمر

بقلم : إميل أمين

على مدى اليومين الفائتين، شهدت العاصمة الألمانية برلين، انطلاق حوار بطرسبرغ للمناخ بمشاركة وزراء 40 دولة، وبهدف واحد لا يغيب عن أعين المجتمعين، وهو التحضير الجيد لقمة المناخ العالمي Cop27 التي ستشهد أعمالها مدينة شرم الشيخ المصرية، على شاطئ البحر الأحمر، في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث تعلق عليها الكثير من الآمال، وتواكبها تحديات وآلام أكثر، من جراء فقدان العالم لقيادات حكيمة قادرة على استنقاذ الكوكب الأزرق، خصوصاً قيادات الدول التي تعتبر نفسها أقطاباً أممية.

ولعله من متناقضات القدر، أو تصاريف الطبيعة، أن ينعقد لقاء بطرسبرغ، في وقت تضرب فيه موجات حرارة غير مسبوقة أرجاء العالم كافة.
على سبيل المثال لا الحصر، لم يكن أحد وحتى عقدين أو ثلاثة عقود سابقة، يخطر بباله أن ترتفع درجات الحرارة في جنوب غربي أوروبا إلى نحو 40 درجة مئوية، كما الحال في ألمانيا وبريطانيا، إلى درجة رفع العلامة الحمراء من قبل هيئات الأرصاد الجوية، ما يعني أن البشر هناك في خطر حقيقي، وليس تهويمات سطحية.
لا يقتصر الأمر على أوروبا، بل يمتد إلى آسيا بدورها... هناك حيث الصين تعاني من درجات حرارة عالية، تؤثر في سير الحياة اليومية.
وبالانتقال إلى غرب الأطلسي، نجد الولايات المتحدة وقد دخلت عبر موجة احترار تجاوزت السجلات السابقة، وقد شهدت ولاية مثل تكساس العام الماضي، تحذيرات لنحو 35 مليون نسمة، من قبل الشركة المشغلة لشبكة الكهرباء، بضرورة تخفيض استخدام الأجهزة من جراء الحر الفظيع الذي خيم على الأجواء، وما يمكن أن يستتبعه من كوارث، فيما كانت ولاية كاليفورنيا، تشهد حرائق بشعة في غاباتها، بل الأكثر هولاً هو أن الولايات الشرقية والغربية، تنتظرها موجة أعاصير عاتية هذا العام، ومرد ذلك ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات، بسبب الاحتباس الحراري الكوني... ماذا يعني ذلك؟
باختصار غير مخل، أنه ما من بشر على سطح البسيطة، إلا وسوف يتعرض لأذى بالغ من جراء الحرب الإيكولوجية، التي تشنها الطبيعة على الإنسان، بسبب تعدي الأخير عليها، والاستهانة بقوانينها للتوازن البيئي براً وبحراً وجواً.
يتساءل بعض كبار العقول في خوف وفي لهفة معاً: «أترى هناك بعد فرصة سانحة لتأمين مستقبل مستقر ومستدام في كل مكان على سطح الراحل كوكب الأرض، إن ظل الحال على ما هو عليه؟».
دعونا نذكر أن هناك رابطاً جذرياً بين استخدام الطاقة، وبنوع خاص الفحم، وبين غازات الدفيئة التي حوّلت وقادرة على تحويل الحياة البشرية إلى عذاب مقيم، فقد قادت أزمة القصور في واردات النفط والغاز لا سيما في أوروبا إلى تخليها عن أجندتها الخضراء، والعودة إلى تشغيل محطات الطاقة بالكربون الأسود.
يبدو الأوروبيون بين أمرين أحلاهما مر، وأمام حلين كلاهما أعرج، فإما أن يوجهوا شتاء قاسي البرودة، يقوده الجنرال الأبيض من دون تدفئة، وإما العودة مرة جديدة إلى الفحم ومن ثم تفاقم أزمة التلوث والتغير المناخي من دون فائدة.
عوّل الكثيرون على مؤتمر غلاسكو للمناخ العام الماضي، وبالقدر نفسه تعوّل الكثير من الأصوات على مؤتمر شرم الشيخ الذي سينعقد في نوفمبر المقبل، غير أننا لا نصدم القارئ حين نعود إلى بيانات اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، وفيها تأكيد واضح ومقلق على أنه حتى لو تمكن العالم من إبقاء درجات الحرارة العالمية تحت 1.5 درجة مئوية، وهي العتبة التي يعتقد العلماء أنه لا ينبغي أن تتجاوزها، فإن الأمل في تغير أحوال الكرة الأرضية مناخياً يتضاءل، بخاصة مع ارتفاع عدد السكان إلى ما فوق الـ10 مليارات نسمة بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين.

المؤلم وغير العادل في أزمة التغير المناخي، هو أن قارات بأكملها، تدفع ضريبة عالية وغالية، فيما لا تسهم في التلوث المناخي بنسب مقابلة، كما الحال مع القارة الأفريقية، التي تعاني من قبل بزوغ أزمة المناخ على هذا النحو الكارثي.
في تحليل أخير أجراه المجلس الأطلسي عن تبعات ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، نطالع علامات مخيفة في طريق المستقبل، تضاعف من ألم الحاضر وأزماته، ذلك أن المزيد من الأمراض والأوبئة سوف تنتشر، وكما أن معدلات الجريمة سترتفع من جراء التناحر والتكالب على الموارد المحدودة المتاحة للخليقة.
وبجانب ما تقدم فإن سخونة أكثر تعني انخفاض مستوى الإنتاجية، وهذا ما تم رصده العام الماضي في الداخل الأميركي، وقدرت قيمة التراجع بنحو 100 مليار دولار، وهو رقم مرشح لأن يتضاعف بحلول عام 2030.
ما المطلوب؟
المزيد من الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وأفكار الإبداع والابتكار، فيما الأهم سياسات أكثر عقلانية توقف الحروب وتسعى في طريق الحياة لا الموت، وهو ما لا يبدو قريباً ومن أسف شديد.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بطرسبرغ للمناخ وأوان الرايات الحمر بطرسبرغ للمناخ وأوان الرايات الحمر



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:00 2022 الأحد ,08 أيار / مايو

طرق ارتداء الأحذية المسطحة

GMT 07:11 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

المسحل ينسحب من الترشح لرئاسة اتحاد القدم

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 11:13 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب بحر إيجة جنوب غربي تركيا

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 12:25 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

أفضل العطور للنساء في صيف 2022

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 12:13 2024 السبت ,25 أيار / مايو

نانسي عجرم بإطلالات شبابية مرحة وحيوية

GMT 18:13 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

أسرة "آل هارون" تضم الفنانة مريم البحراوى للفيلم

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon