كلنا مسؤول في عصر كورونا

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

كلنا مسؤول في عصر "كورونا"

 لبنان اليوم -

كلنا مسؤول في عصر كورونا

هاني عوكل
بقلم : هاني عوكل

لن ينسى الناس فيروس «كورونا» الذي مس بدرجة كبيرة حياتهم الشخصية والصحية وأخذ من جيوبهم وأثر على حركة تنقلاتهم، إلى درجة أنه أحدث شللاً تاماً في مختلف مناحي الحياة، ووضع العديد من الدول على المحك وفرض عليها اتخاذ إجراءات مستعجلة لحماية نفسها.
الملايين من البشر تقطعت بهم السبل بسبب انتشار «كوفيد - 19»، والكثيرون منهم فقدوا وظائفهم وفقدوا ميزة التواصل عن قرب مع أهلهم وذويهم نتيجة إغلاق الحدود بين الدول، ومنهم من أفلس لأنه يصرف على إقامته المؤقتة من ماله الخاص، وآخرون يبحثون عن من يساعدهم للحصول على إقامة مؤقتة.
من بين هؤلاء هناك آلاف الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل في الخارج ولم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم خلال فترة «كورونا» بسبب طول مدة إغلاق الحدود البحرية والبرية والجوية بين الدول، ما وضعهم في ظروف جد صعبة لم يعودوا قادرين على تحملها.
ثمة بين هؤلاء طلبة التحقوا قبل «كورونا» بمقاعد الدراسة والكثير منهم سافر وانتشر حول العالم بواسطة المنح التي تقدمها الدول، والكثير منهم يرغب في العودة إلى فلسطين لكنهم محشورون في دول الدراسة، والسلطات المختصة غير قادرة على إجلائهم لأغراض لوجستية وأخرى تتعلق بإغلاق الحدود.
السلطة الفلسطينية غير قادرة على التعامل الفوري مع طلبات العودة إلى فلسطين، لأسباب كثيرة من بينها أنه لا توجد دولة مستقلة بمطار وميناء وحدود متفق عليها، ولذلك تجدها تستصعب التنسيق مع أكثر من دولة لإجلاء رعاياها، لأن المشكلة تتجاوز حدود الاتصال والتنسيق.
ليس الطلبة وحدهم من يعانون من هذه الأزمة المستحدثة، وإنما أيضاً الموظفون الذين سافروا في إجازة قصيرة قبل فترة انتشار «كورونا»، وها هم اليوم يندبون حظهم ويلعنون الساعة التي سافروا فيها إلى خارج فلسطين للقاء الأحبة والأقارب، ويتحسبون ألف مرة لمنغصات تتعلق بفترة انتظارهم وكذلك خط رحلتهم وصولاً إلى البلاد، والأهم خوفهم من انقطاع وظائفهم.
حتى تتمكن السلطة الفلسطينية من إعادة الفلسطينيين العالقين في العديد من دول العالم، لابد لها أن تخفف الأعباء المادية على هؤلاء، خصوصاً الطلبة الذين لا يملكون نقوداً كافية لتأمين معيشتهم المؤقتة، وكذلك أن توفر صندوقاً لدعم الأسر التي تأثرت في حركة ترحالها.
أما بالنسبة لموظفي القطاعين العام والخاص، ليس هناك من مبرر أخلاقي يجيز إنهاء خدمات الموظف لأنه لم يتمكن من الالتحاق بعمله في الوقت المناسب، ولا أن يلجأ بعض المؤسسات إلى تخفيض رواتب موظفيها أو قطعها إلى حين عودتهم، لأن أصل الحكاية يكمن في ظروف قهرية أجبرت الموظف على عدم الالتحاق بوظيفته.
بادرة طيبة وشجاعة أن تنسق السلطة الفلسطينية مع مختلف الجهات في قطاع غزة والضفة الغربية لضمان عدم المساس برواتب الموظفين العالقين في الخارج، وليس صعباً الحصول على كشوفات أسماء العالقين وهذا يحتاج إلى تعاون وتنسيق بين السفارات والقنصليات الفلسطينية في الخارج ووزارة الخارجية الفلسطينية.
أيضاً يجب الانتباه لمسألة سياسة اللجوء إلى تخفيض الرواتب والاضطرار إلى قطع الأجور بسبب سوء الوضع الاقتصادي المترتب على «كورونا»، إذ إن هذه المعالجة الاضطرارية قد تقود إلى حافة الهاوية، والأولى قبل اللجوء إليها حصر قنوات الإنفاق العام وترشيده إلى مستويات معقولة وتجاهل الإنفاق غير الضروري.
السلطة الفلسطينية نعم تحتاج إلى الأموال لدفع الرواتب بشكل منتظم، وكذلك يحتاج القطاع الخاص إلى تقديم الخدمات للحصول على الأموال التي تعينه على دفع الأجور، وهذا يعتمد على مبدأ المسؤولية الاجتماعية وانتظام الأفراد في سداد الخدمات الموفرة لهم ولو بحدها الأدنى.
الجميع واقع في وحل «كورونا»، لكن ذلك لا يمنع من تضافر الجهود لتجاوز هذه المحنة المؤقتة، سواء بفهم ظروف وخصوصيات الموظف أو حتى بالتنسيق والشراكة بين القطاعين العام والخاص للخروج من هذه الأزمة، كون أن الرهان الحالي على الدول في الحصول على النجدة المالية أمر صعب لأن الجميع تضرر من «كورونا».
هناك إدراك كبير لحجم الأعباء المادية التي يتحملها الناس، ومنهم من يلجأ إلى الاقتراض من البنوك والاستدانة من الأصدقاء للوفاء بالالتزامات الكثيرة، وآخرون أفقرهم «كورونا» عن السابق وجعلهم يتوسلون طلباً للعون، ولا ضير من تخصيص صندوق لدعم المتعثرين والعالقين من جراء «كوفيد - 19»، على أن تتوفر قنوات رسمية تخصص آلية لجمع التبرعات من داخل وخارج فلسطين.
الفلسطيني هو رأس المال الحقيقي للنضال وقدّم وما يزال يقدم كل التضحيات الممكنة للحفاظ على هويته ودفاعاً عن حقوقه الفلسطينية ومشروعه الوطني التحرري، والجميع دون استثناء من السلطة الفلسطينية إلى سلطة «حماس»، مسؤولون في تخفيف الأعباء عن كاهل الفلسطيني الذي أصابته لعنة «كورونا».
ليست وحدها السلطة الفلسطينية مسؤولة عن المتعثرين وغيرهم من أبناء الشعب الفلسطيني، وإنما الجميع مسؤول في هذا الوقت الصعب، فصائل وتنظيمات وقطاعا خاصا ورجال أعمال وأغنياء وأصحاب الطبقات المتوسطة.
نعم الجميع مسؤول في تخفيف الآثار الجانبية التي أفرزها «كورونا»، إلى أن تعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت من قبل.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلنا مسؤول في عصر كورونا كلنا مسؤول في عصر كورونا



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:03 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

العالم على موعد مع أول "تريليونير" في التاريخ خلال 10 سنوات

GMT 06:56 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أخطاء تجنبيها للظهور بصورة أنيقة ليلة رأس السنة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon