مأزق المصالحة التي لم تنجح

مأزق المصالحة التي لم تنجح..!

مأزق المصالحة التي لم تنجح..!

 لبنان اليوم -

مأزق المصالحة التي لم تنجح

أكرم عطا الله
بقلم : أكرم عطا الله

منذ اللقاء الأخير للمصالحة بين حركتي فتح وحماس ينشغل مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بوضع سيناريوهات وتقدير احتمالات إتمام هذه المصالحة والأسباب التي دفعت الطرفين لعقد هذا اللقاء في اسطنبول في الرابع والعشرين من أيلول الماضي، ويستنتج بعضها أن التحرك جاء كردة فعل على تقارب دول عربية مع إسرائيل دفع السلطة للذهاب باتجاه المحور الخصم للدول العربية.

ذلك قد يكون استنتاجا حقيقيا ولكنه مقلق بأن المصالحة تأتي كردة فعل وليس كحاجة وطنية فلسطينية، وإن كان لردة الفعل ما ينبغي من الحسابات لكن التباطؤ الذي تمر به العملية ربما يدعو لقلق حقيقي بعد أن توقفنا عن إحصاء جولات المصالحة التي تمت بين الطرفين منذ اللقاء الأول الذي بدأ العام 2008 حتى الآن.

لكن محاولة المصالحة التي تشير التقديرات الإسرائيلية إلى صعوبة تحقيقها ارتباطا بالتفاصيل التي يصعب جسرها بين الطرفين ارتبطت بالحديث بشكل شبه معلن عن ضرورة التدخل الإسرائيلي لحرف مسارها.

وجاء ذلك في ورقة خاصة صادرة عن المركز تطالب إسرائيل بالبحث عن طريق تفاوض مع السلطة وتحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في الضفة واستمرار التعاطي مع غزة وحركة حماس بشكل مختلف.

لكن الحقيقة التي يمكن أن نراها بعد أن هدأت موجة المصالحة ولم تشكل الفصائل قيادة شعبية كما تم الاتفاق بينها، ولم تقدم ورقة لاجتماع الأمناء العامين الذي قيل إنه سيكون قبل الأول من تشرين الأول وستكون الرؤية جاهزة للنقاش، فلا الورقة قدمت ولا الأمناء العامون التقوا ويبدو أن كل شيء آخذ بالفتور إلا من بعض التصريحات الباهتة التي تحاول أن تقدم مبررات لحالة السكون أو التبريد المقصود.

ولكن بعد هذا الفتور يمكن القول إن محاولة المصالحة التي لم تنجح بعد ويخشى أنها آخذة في التبدد لأسباب داخلية وخارجية عديدة منها صعوبة التعايش بالنسبة للحالة الفلسطينية التي لم تعتد على الشراكة وليست جزءا من ثقافتها السياسية أو انتظار نتائج الانتخابات الأميركية، ولكن يمكن القول إن تلك المحاولة التي كان يجب أن تحدث انفراجة في الحالة الفلسطينية يبدو أنها أدخلتها في مأزق جديد لم تحسب له الأطراف وهي تذهب تحت ردة الفعل.

المأزق هنا ربما أكثر ثقلا على السلطة وحركة فتح منه على حركة حماس بما لا يقاس حيث تبدو المصالحة عبئا على برنامجها السياسي الذي ما زال قائما ويمكن أن تعود له الروح في حال انتخب الديمقراطي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة.

فلا السلطة قادرة على التراجع أمام الشارع الحالم بعد الاندفاعة الكبيرة في موضوع المصالحة ولا هي قادرة على الاستمرار بالمصالحة لتجد نفسها عالقة في منتصف الطريق.
المأزق الآخر هو الذهاب للمحور الداعم لحركة حماس وعلى نقيض مع المحور التاريخي للسلطة «محور الاعتدال» إن صحت تلك التسميات، وهو المحور الذي تستمد منه السلطة قوتها وجزءا من فعلها السياسي في المنطقة، وقد ذهبت نحو تركيا وقطر في لحظة غضب ولكن بعد أن هدأت تلك اللحظة هناك حسابات أكبر من ردة الفعل السريعة أيضا أوقعت السلطة في مأزق جديد وهو عدم قدرتها على الذهاب بعيداً في خصومة مع محورها التاريخي، بالمقابل لا تستطيع السلطة الاستمرار مع محورها بنفس العلاقة القديمة بعد هذا التقارب المجاني مع إسرائيل.

ومن الطبيعي أن تتخذ موقفا وأن تكون رسالتها بهذا القدر بعدما اعتبرته ضربة كبيرة وجهت لها وبالتالي وقعت في مأزق أكثر ضراوة من المأزق الداخلي لا تستطيع الاستمرار ولا التراجع.

كل من فتح وحماس في مأزق وإن كانت التوازنات الداخلية متغيرة، حيث اعتبر مركز الأمن القومي في أوراقه المتتابعة منذ المصالحة أن وضع حماس أفضل قليلاً من وضع فتح بعد التطورات الإقليمية، وربما تشي التسريبات الصادرة عن حماس أو التصريحات بقدر من الشعور بالتفوق «هذا يمكن لمسه في التسريب الخاص بالسيد العاروري ولكن الحقيقة أن هذا لا يغير كثيراً في حقيقة أن كلاً من الطرفين على نفس المستوى من الأزمة بالمعنى البرنامجي الوطني وهذا يعكس مأزق الحالة الوطنية برمتها وبخياراتها.

وتظهر تلك الأزمة في استنفاد الخيارات تجاه إسرائيل، تلك الخيارات التي تعتبر البرامج التي تقوم عليها الفصائل أو الدور الوظيفي الذي يحدد استمرار هذه الفصائل وقد ذهبت في خياراتها إلى أبعد الحدود في التجربة، فقد ذهبت حركة فتح في المفاوضات بأقصى طاقتها وبكامل إرادتها وإمكانياتها وبالنهاية لم تحصد شيئا، وكذلك ذهبت حركة حماس ثلاث مرات كان آخرها حرب 2014 بأقصى طاقتها العسكرية في الصدام مع إسرائيل ولكن النتيجة أن الاحتلال لم يتراجع وحتى حصار غزة لم يتم تخفيفه وهو الحد الأدنى، وليس من أجله انطلقت وقاتلت حركة حماس .. هنا المأزق الوطني.

هذا المأزق يجد نفسه في تفاصيل المصالحة ولأسباب أخرى، ولكن الوضع الفلسطيني برمته أصبح عالقاً بحاجة إلى معجزة إن لم نفكر بهدوء ونتصرف بعيداً عن ردات الفعل.
فالقضية في أصعب مراحلها ولكنها تحتاج إلى عقل بارد يعيد تركيب الأمور برصانة شديدة وبدهاء أشد.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأزق المصالحة التي لم تنجح مأزق المصالحة التي لم تنجح



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 05:12 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 تصرفات يقوم بها الأزواج تسبب الطلاق النفسي

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 17:12 2020 السبت ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال السعودي يربط رازفان لوشيسكو بلاعبيه في الديربي

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 18:33 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

ألوان الأحذية التي تناسب الفستان الأسود
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon