فـي ظـلال الـهـزيـمـة

فـي ظـلال الـهـزيـمـة...!

فـي ظـلال الـهـزيـمـة...!

 لبنان اليوم -

فـي ظـلال الـهـزيـمـة

أكرم عطا الله
بقلم : أكرم عطا الله

لم تكن نتائج حزيران 67 مجرد نكسة كما أطلق عليها من أراد التخفيف من وطأة المأساة، بل كانت نكبة ربما أكبر من تلك التي حدثت قبلها بعشرين عاماً عندما تم احتلال الجزء الأكبر من فلسطين، ففي النكبة الأولى لم تكن هناك دول عربية وجيوش عربية تخوض معاركها المستقلة وتمنع طرد الفلسطينيين إذ كانت تلك الدول حينها تحت الاستعمار أو الوصاية.لكن السؤال الذي أصاب من عايشوا تلك الأيام الأكثر سواداً في تاريخهم كما يصفهم الصديق نبيل عمرو في روايته الرشيقة «وزير إعلام الحرب» الذين انتقلوا خلال ثلاثة أيام من النشوة ثم للشك ثم الوقوع في بئر الإحباط، أيام لم تكن كافية للسقوط من نشوة النصر لقاع الهزيمة، هو السؤال الذي ظل حائراً كيف تمكنت دولة صغيرة حديثة العهد كتلتها البشرية لم تكن قد اكتملت بعد من هزيمة ثلاثة جيوش عربية تساندها قطاعات من جيوش أخرى في ظرف أيام؟

والسؤال الآخر الآن بعد صدمة الهزيمة واقتطاع تلك الدولة الصغيرة لمساحات شاسعة من الدول العربية رفعت تلك الدول شعارات كبيرة أولها إزالة آثار العدوان وثانيها تحقيق التوازن الاستراتيجي وقد سخرت كل إمكانياتها على امتداد عقود.وأما آثار العدوان فقد ترسخت وأعيدت فقط سيناء وهي تلك المساحة الهائلة التي بالقطع لم يكن لدى إسرائيل جيش لتغطيها، لكن الجولان بقيت في قبضة إسرائيل بل ضمتها بعد خمسة عشر عاماً من الاستيلاء عليها.

أما القدس فلم تعد مادة للنقاش بينها وبين الدول العربية أو حتى مع الفلسطينيين والضفة الغربية  تستعد إسرائيل لضمها بمعنى أن آثار العدوان ترسخت وسقط شعار العرب الأول ميدانياً وبقوة الفعل.وكذلك شعار التوازن الاستراتيجي لا يتسع المقام هنا لمزيد من الهزيمة للقول إن إسرائيل أصبحت الرقم الأهم في معادلة الشرق الأوسط وبين الدول العربية، بل إن الدول التي حلمت يوماً أن تبني توازناً مقابلها لاستعادة فلسطين باتت تتقرب من إسرائيل مع ترسخ أقدام حزيران بل إن إسرائيل سبقت العرب في هذا التوازن وبات من الواضح بعد ثورة المعلومات والتكنولوجيا أن الهوة ازدادت بعشرات السنين بينها وبين العرب ولا أمل باللحاق.

وهنا ربما يمكن الإجابة عن السؤالين بتفسير واحد لأن سبب الهزيمة هو ذاته الذي يتمدد على مساحة تاريخنا، وهي طبيعة الدولة العربية التي أنشئت بعد الاستعمار وهي التي لا تزال قائمة ببنيتها البدائية البعيدة عن مفهوم الدولة الحديثة وبالنسق القبلي البعيد عن بنية المؤسسة، تلك المؤسسة وحدها القادرة على منع الهزائم أو إزالة آثارها إن تمت وكذلك ملاحقة التطور والاختراعات والتكنولوجيا والعلم وكل شيء.وهو نفس العقل العربي والبنية العربية الجاهزة للهزيمة في كل وقت عندما نطل على شكل البناء السياسي القائم مقارنة بما هو قائم في إسرائيل من مؤسسة ندرك تماماً ليس فقط لماذا انهزم العرب، بل ندرك أيضاً لماذا يقف العرب جاهزين لأي هزيمة قادمة وهو ما رأيناه في الإقليم الذي اهتز في العقد الأخير ليطيح بدول ترنحت أمام عصابات وليس أمام جيوش.

اكتشاف سر النكبة أو النكسة أبعد من قدرات عسكرية أو أعداد جيوش لأن الفعل العسكري للدول هو نتاج أو انعكاس لباقي قطاعات الدولة من صحة وتعليم وتكنولوجيا ومؤسسة وقانون يحاسب حتى الرئيس ورئيس الوزراء، ومجتمع يشعر بأن الدولة هي دولته وليست دولة الحزب الحاكم وهنا حين يصبح الفرد في المجتمع لديه هذا الشعور يدافع عن نفسه، وهناك فرق بين أن يدافع عن دولة هو غريب فيها أو عنها أو يشعر بانعدام الأمن والعدالة والمساواة كمواطن أو دولة للحزب الحاكم ثم يصبح مطلوباً منه أن يدافع عن ذلك.

ربما تقدم التظاهرات في الولايات المتحدة صورة عن أزمة الدولة العربية وبنيتها. فقد اندفعت كل الولايات الأميركية للشوارع سلباً ونهباً والبعض حمل الأسلحة وقام بعمليات تخريب لا مثيل لها وكان شكل الدولة أو المؤسسة لافتاً في التعاطي مع التظاهرات، وهو أن الشرطة لم تبطش بالمتظاهرين هذا أولاً وأن بعض حكام الولايات رفضوا الاستجابة لأوامر رئيس أحمق تسبب بزيادة العنصرية بنشر الجيش وأن الجيش حتى عندما انتشر في بعضها لم يقم بعمليات قمع كالتي حدثت في الدول العربية. هذا الأمر مدعاة للتفكير مطولاً فلماذا؟السبب يكمن في دولة المؤسسات وأن الشرطة هي شرطة الشعب وليست شرطة الرئيس أو الحزب الحاكم، وأن الجيش هو جيش الشعب وليس جيش الرئيس وأن المؤسسة مؤسسة الشعب بكل إمكانياتها.هل هذا يكفي لأن يدافع المواطن عن دولته؟ وهل ما لدينا من بنى قديمة يكفي لمسلسل الهزائم الذي بدأ في حزيران وأسس لحزيرانات لم تنتهِ بعد وما زالت ترافقنا؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فـي ظـلال الـهـزيـمـة فـي ظـلال الـهـزيـمـة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 19:30 2022 السبت ,07 أيار / مايو

حقائب يد صيفية موضة هذا الموسم

GMT 20:40 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

اتيكيت الأناقة عند النساء

GMT 20:18 2022 الثلاثاء ,10 أيار / مايو

أفكار لتنسيق الجينز مع البلوزات لحفلات الصيف

GMT 05:22 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

نصائح لاختيار أحذية الـ Pumps بشكل صحيح

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 12:49 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين

GMT 12:29 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أقوى اتجاهات الموضة لخريف وشتاء 2024-2025

GMT 08:43 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

موديلات حقائب ربيع وصيف 2023

GMT 12:48 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب السعودي يتقدم 3 مراكز في تصنيف فيفا

GMT 11:15 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

خطوات بسيطة لتنسيق إطلالة أنيقة بسهولة

GMT 21:06 2022 الأحد ,17 تموز / يوليو

القطع المناسبة لإطلالات الشاطئ

GMT 01:34 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بلقيس فتحي تطرح أحدث أغانيها "أحاول أغير"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon