إجراءات ضم الأغوار بدأت فعلياً

إجراءات ضم الأغوار بدأت فعلياً

إجراءات ضم الأغوار بدأت فعلياً

 لبنان اليوم -

إجراءات ضم الأغوار بدأت فعلياً

عبد الناصر النجار
بقلم : عبد الناصر النجار

كان أهالي قرية كردلة في الأغوار الشمالية يستعدون لسقف مدرسة الصمود والتحدي، وإذ بسلطات الاحتلال تعيد خلاطات الباطون وتمنعها بالقوة من الوصول إلى القرية، في رسالة واضحة، لن يكون هناك بناء فلسطيني جديد في المنطقة... أما جارتها بردلة فقد طالبت سلطات الاحتلال مجلسها القروي بإنزال العلم الفلسطيني من على مقره لأن المنطقة باتت خاضعة للقوانين والسيطرة الإسرائيلية.كردلة وبردلة القريبتان من الحدود الأردنية وقعت عليهما مصائب الاحتلال منذ الخامس من حزيران ٦٧، حين بدأت الاعتداءات الإسرائيلية من خلال إجراءات العزل وفرض حظر التجوال والتهجير القسري.

إجراءات الاحتلال تصاعدت أيضاً بعد اتفاق أوسلو، فقد حوصرت المنطقة ديموغرافياً وجغرافيا وزراعياً.. سكان القريتين غير قادرين حتى على وضع حجر على حجر لإقامة مساكنهم، حتى الخيام غير مسموح بنصبها.
منذ أسابيع صعدت قوات الاحتلال من اعتداءاتها على كردلة وشقيقتها بردلة وبلدات الجفتلك بشكل خاص والأغوار الشمالية بشكل عام، تصعيد غير مسبوق، فالمنطقة تشهد يومياً عمليات مطاردة ودهم ثم قرارات سريعة بهدم المساكن، وأصبحت معدلات الهدم هي الأعلى يومياً دون رادع.

حتى قبل أشهر كانت إدارة الاحتلال تراقب البناء وتمنع أي تطور عمراني حتى لو كان مسجداً صغيراً أو روضة أطفال أو غرفة صفية من الزينكو.. وكان رجال ما يسمون لجان التنظيم والبناء التابعة لإدارة الاحتلال المدنية يراقبون ويخطرون بالهدم … وفي بعض الأحيان يتركون الفرصة ليتوجه السكان إلى محاكم الاحتلال التي أيضاً كانت تستكمل دائرة الهدم والتهجير بحقهم.باتت لجان تنظيم الاحتلال لا تفارق المنطقة، على مدار الـ ٢٤ ساعة، تراقب كل حركة، ولا تكتفي بالإخطارات، وإنما تعمد إلى الهدم الفوري دون إنذار… والفئات الأكثر تعرضاً لسياسة التهجير والتطهير العرقي هم الرعاة والعائلات البدوية محدودة العدد التي تقيم في مجموعة من الخرب في المنطقة.

حتى حقول القمح والشعير لم تسلم من جرائم الاحتلال، فالجيش يتعمد إجراء مناوراته العسكرية في المناطق المأهولة والرعوية مستخدماً الذخيرة الحية، وخلال الأسبوع الماضي أحرقت قوات الاحتلال ما يزيد على ١٢ ألف دونم من أراضي الأغوار الشمالية… ومنعت سيارات الإطفاء الفلسطينية من الوصول للمنطقة إلى أن أتت النيران على المحاصيل.ما يريده قادة الاحتلال هو رؤية الحقول المحترقة لإجبار المزارعين والرعاة على الرحيل.
قبل أيام أيضا، بدأت سلطات الاحتلال إجراءات جديدة منها إزالة اللافتات الحمراء عن المفترقات التي كانت تحذر الإسرائيليين من دخول القرى الفلسطينية، كما أزالت المكعبات الإسمنتية التي تغلق بعض الشوارع الفرعية أو الترابية، اللافتات التي كانت تحمل عبارة مناطق السلطة الفلسطينية أصبحت في خبر كان، بمعنى أن الوجود الفلسطيني غير قائم في المنطقة.

جنود الاحتلال وجهوا تعليمات جديدة لسائقي سيارات النقل العمومي وحتى الخاصة محذرين من أنه مع بداية الشهر المقبل ستكون هناك إجراءات جديدة للحركة والتنقل… وربما الذين لا يحملون بطاقة هوية تؤكد أن مكان إقامتهم هو قرى الأغوار لن يتمكنوا من الوصول أو الدخول لهذه المنطقة.ضم الأرض دون سكان بمعنى أن السكان سيكون لهم فقط حق الإقامة في المساحات الضيقة لقراهم، بل أكثر من ذلك، وكما تقول مصادر صحافية إسرائيلية فإن الأراضي الفلسطينية الخاصة.. ستصنف تدريجياً أملاك غائبين، ليتم الاستيلاء عليها كما حصل في القدس الغربية وحتى في قرى الجليل والمثلث والنقب عقب النكبة، على الرغم من أن أصحاب الأرض والعقارات موجودون ولكنهم في نظر سلطات الاحتلال غائبون… وبالتالي تتم عمليات المصادرة لصالح سلطات الاحتلال التي ستمررها للمستوطنين فيما بعد أو لإقامة مستوطنات جديدة.

الاحتلال يستخدم سياسة الخطوة خطوة وهي سياسة متبعة منذ العام 67.. يبدأ بإجراءات الضم أو المصادرة مع إعطاء هامش من التحرك، ثم يبدأ تضييق هذا الهامش حتى يصل للمرحلة الأخيرة من السيطرة التامة والتهجير، وخير دليل على ذلك جدار الفصل العنصري، الذي بدأ بمقولة كاذبة تحت مصطلح السياج الأمني ثم مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي، ثم السيطرة على مصادر المياه وضمها داخل الجدار، ثم السماح للمزارعين بدخول أراضيهم بتصاريح، ثم تحديد عمر المزارعين المسموح لهم بالدخول وتحديد الأيام المسموحة.. وفي النهاية منع الأهالي من الوصول ثم المصادرة النهائية.

الأغوار بدأت فيها الخطوات الأولى للضم.. وقد يسمح لسكانها أو حتى للعاملين من الخارج بالتحرك المقيد، ثم لن يسمح للسكان من الخارج بدخولها.. ثم تضيق الدائرة على سكان القرى تميداً لتهجيرهم.قادة الاحتلال يتحدثون اليوم عن ضم 30٪ من مساحة أراضي الضفة أو ما يعادل 50٪ من الأراضي المصنفة «ج» فيما سيمنع أي نشاط أو توسع فلسطيني وخاصة في مجال البناء في النصف الآخر من منطقة «ج».ومع فرض سياسة الأمر الواقع، فإن جيش الاحتلال وعلى رأسه غانتس يستعد لمواجهة أي تحركات فلسطينية، بمعنى آخر فإن هناك خطة عسكرية موازية لخطة الضم السياسية.. في الوقت الذي لا توجد لدينا نحن الفلسطينيين أي خطة حقيقية للمواجهة.
الرد الفلسطيني يجب أن يكون قوياً، لا كما يدعي عراب صفقة القرن الرئيس ترامب (الذي ستسبب قراراته بإحراق المنطقة عاجلاً أم آجلاً) أن كثيرون يحذرونه من أن أمراً سيئاً سيحدث.. ولكن سارت الأمور بشكل جيد كما حصل في نقل السفارة والاعتراف بالعاصمة الموحدة للاحتلال أو ضم الجولان. ولم يحدث شيء.مشروع الضم إذا ما طبق فإنه يعني تغيير المعادلة مع الاحتلال بشكل مطلق، مع التأكيد على فقدان سلتنا الغذائية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إجراءات ضم الأغوار بدأت فعلياً إجراءات ضم الأغوار بدأت فعلياً



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:24 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 لبنان اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 20:45 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 11 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:08 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ربيع سفياني يكشف أسباب تألقه مع التعاون

GMT 19:29 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نائب رئيس الشباب أحمد العقيل يستقيل من منصبه

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 22:12 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:14 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 03:49 2024 الأحد ,17 آذار/ مارس

"Dior" تجمع عاشقات الموضة في حفل سحور بدبي

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 09:48 2022 الأحد ,17 تموز / يوليو

تيك توك ينهى الجدل ويعيد هيكلة قسم السلامة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon