خواطر من حرب حزيران 1967

خواطر من حرب حزيران 1967

خواطر من حرب حزيران 1967

 لبنان اليوم -

خواطر من حرب حزيران 1967

صادق الشافعي
بقلم : صادق الشافعي

أكتب يوم الجمعة 5 حزيران يوم الذكرى الـ 53 لهزيمة 1967 والمقال سينشر السبت.الهزيمة كانت لها نتائج وتأثيرات لاتزال أغلبيتها الأكبر والأهم متواصلة حتى الآن.لن أكتب عن ذلك، ما أكتبه خواطر عن المناسبة مازالت حية في ذاكرتي عن تلك الأيام عندما كنت طالباً بالقاهرة.* كغيري من الناس كنا نعيش حالة من الثقة بالنصر تصل حد الابتهاج المبكر بالنصر والهزيمة الماحقة لدولة الاحتلال. وكانت تغذي هذه الحالة وسائل الاعلام العربية والمصرية منها بشكل خاص.ركوباً على موج هذه الحالة، بادر بعض الطلاب من نابلس الى محاولة تشكيل مجموعة من الطلاب يكملون حمولة سيارة / سيارات أجرة للعودة بها براً عبر الأراضي المحررة الى مدينة نابلس. كنت واحداً ممن عُرضت عليهم المبادرة.

* قبل ظهر يوم اندلاع الحرب كنت وصديق لي في زيارة الى بيت طالبات في «مدينة نصر» الحي المشهور بعماراته العالية على الطريقة الروسية.كان مقر هيئة اركان القوات المسلحة المصرية في ذلك الوقت يقع على أطرافه.
اثناء تواجدنا في صالة الاستقبال خرجت الطالبات من غرفهن مبتهجات بخبر بدء الحرب. كان هناك زائرة من بيت طالبات آخر في نفس الحي، طلبت مني وصديقي مرافقتها لتعود الى ذلك البيت سيراً على الأقدام. خلال طريق العودة كانت هناك طائرات حربية تخترق الأجواء وكان الناس يختبئون منها.

أحدى الطائرات أطلقت زخات من الرصاص لسبب وباتجاه هدف لا نعرفهما، بعد مرور الطائرة وصفاء الجو خرج واحد من الناس مما يشبه المكمن الأرضي المتواضع جدا وقال بصوت مسموع تماماً «الله، همّ وصلوا هنا إزاي» كان قول ذلك الرجل كأول ماء بارد يسقط على رؤوسنا الحارة الواثقة بالنصر.لكننا وبسرعة، تجاوزنا سؤال ذلك الرجل واستمرينا العيش في عالم التفاؤل والثقة بالنصر.فقط مع انتهاء الحرب ونتائجها عاد السؤال للدق فوق رؤوسنا كبقية الأسئلة حول لماذا وكيف.

* في اليوم الثاني للحرب، نجح تيسير قبعة، نائب رئيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين، في الحصول على موافقة الجهات المصرية المعنية بقبول متطوعين من الطلبة الفلسطينيين للمشاركة في القتال.كنت عضوا في الهيئة الإدارية لفرع الاتحاد في القاهرة، وتولينا مسؤولية الدعوة.حددنا مكان اللقاء في مكتب منظمة التحرير القريب من ميدان رمسيس بوسط البلد.في أول يوم تجمع فقط مئات قليلة بسبب صعوبة الاتصال والإبلاغ.في الاستمارات التي وزعت علينا لملئها كان هناك سؤال حول نوع التدريب الذي تلقاه المتطوع، الجميع أجاب «راقي» مع ان الغالبية الساحقة لم تكن أمسكت سلاحاً في حياتها.

عندما اخبرت تيسير بتلك الحقيقة اجابني بان ذلك ليس مهم فجميع المتطوعين جامعيون، وأنا مستعد ان اعلمهم استعمال السلاح (البندقية) في الباص في الطريق الى مواقعنا.انتظرنا في مكتب المنظمة، من الصباح حتى المساء، باصات الجيش لتنقلنا الى المعسكرات او المواقع، ولم تصل فعدنا لبيوتنا.في اليوم التالي عدنا الى مكتب المنظمة. وزاد عددنا مئات أخرى وانتظرنا طول النهار ثم عدنا لبيوتنا كاليوم السابق. تكرر الامر ليوم او يومين آخرين وكل يوم كان عددنا يزداد.لكن لا الباصات وصلت ولا نحن التحقنا بأي موقع ... والبقية معروفة.

* بعد انتهاء المعارك وعودة الجنود الى معسكراتهم ومواقعهم. اتيحت لي وانا في دوار المطار رؤية عساكر عائدين من جهة المطار متجهين الى البلد(القاهرة).كان هناك اكثر من شاحنة محملة بالعساكر. وكان هناك مئات كثيرة من الناس قد تصل الى آلاف تجمعت في الميدان بالصدفة او بمناداة بعضهم لبعض من اهل المنطقة وجوارها (مصر الجديدة).كان مشهد الجنود محزناً. كانوا يبدون كسيري النفوس مطأطئي الرؤوس، هيابين من ملاقاة الناس. لكن أصالة المصريين واعتدادهم وثقتهم بأنفسهم كانت تطغى على مشهد الجنود:بكلام عاطفي وبهتافات عفوية ترحيبية صادرة من القلب، ومشفوعة بدموع مقدرة للجنود ومعتزة بهم ومفتخرة بدورهم وشجاعتهم وبدورهم ومشجعة لهم على رد الصاع.وكأنّ الجنود كان يأملون بمثل هذا اللقاء بل ويرجونه، فجاء تجاوبهم سريعاً عاطفياً مؤثراً ومتشجعاً. وكانت دموع التأثر بالمشهد تملأ عيون الجميع.

* شاهدت خطاب الرئيس عبد الناصر الذي أعلن فيه التنحي عن المسؤولية على جهاز تلفزيون فرع القاهرة لاتحاد الطلاب مع عشرات من الطلاب.بعد انتهاء الخطاب وما أحدثه من صدمة في النفوس لم أرغب البقاء في سكني لوحدي فوافقت على دعوة الأخوين قبعة (علي وأمين) الذهاب معهم الى سكنهم في مصر الجديدة. هذا يعنى أن نستقل الباص العمومي من ميدان التحرير، والمرور بشوارع رئيسية بالقاهرة أهمها وأطولها شارع رمسيس.وهذا ما أتاح لنا رؤية الناس بمجموعات قليلة لكن كثيرة العدد تخرج من مناطق سكنها  الشعبية المحيطة بالشارع على غير هدى وبدون أي جامع يجمعها او يوجه حركتها، وبشكل يعجز أي حزب أو جهة مهما كانت على تنظيم خروجها وتوجيهه.أولئك الناس كانوا البداية لملايين المصريين والمقيمين الذي احتشدوا في المشهد العظيم في ميدان التحرير يعلنون رفضهم تنحي عبد الناصر، ويقررون في الجوهر إعلان رفضهم للهزيمة.كنت وآلاف من الطلاب الفلسطينيين والعرب وسط تلك الجموع.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر من حرب حزيران 1967 خواطر من حرب حزيران 1967



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 22:08 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

حملة ميو ميو لصيف 2021 تصوّر المرأة من جوانبها المختلفة

GMT 15:01 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.6 يضرب منطقة شينجيانج الصينية

GMT 12:38 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يجدد عقد خليفة الحمادي 5 مواسم

GMT 18:03 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصاميم ساعات بميناء من عرق اللؤلؤ الأسود لجميع المناسبات

GMT 14:06 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

إتيكيت عرض الزواج

GMT 19:33 2022 السبت ,07 أيار / مايو

البنطلون الأبيض لإطلالة مريحة وأنيقة

GMT 11:29 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف

GMT 10:06 2022 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار الأحذية النود المناسبة

GMT 11:21 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نجم تشيلسي أندي تاونسند يعتقد أن صلاح فقد الشغف

GMT 21:17 2023 الإثنين ,20 آذار/ مارس

إطلالات عملية تناسب أوقات العمل

GMT 19:34 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

ملابس صيفية تساعدك على تنسيق إطلالات عملية

GMT 16:05 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 07:36 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon