في قصر هشام بن عبد الملك
أخر الأخبار

في قصر هشام بن عبد الملك

في قصر هشام بن عبد الملك

 لبنان اليوم -

في قصر هشام بن عبد الملك

تحسين يقين
بقلم : تحسين يقين

ما زلت حتى اللحظة، وغداً، وبعده، أؤمن بأن هناك دوماً مجالاً للحق والخير والجمال، وأنه يمكن حل المشاكل، ما بين الإنسان ومحيطه، وما بين أبحر البشر، ودولهم؛ ولا أظن مثلاً أن "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا" هذه المقولة التي أطلقها الشاعر الإنجليزي "روديارد كبلنغ" في نهاية القرن التاسع عشر، بدافع ومبررات رآها لأسباب ربما موضوعية وذاتية، فعلى الرغم من ذلك، هناك مجال، بل من الضرورة الإنسانية أن يقتربا، وليس الشرط طبعاً هو التطابق.

نعم يمكن حل النزاعات والصراعات، بين البشر، حيث كلنا نتفهم معنى المصالح، لكن لو تأملنا سنتعمق ونؤمن بأن هناك مصلحة إنسانية عليا، من المحبة أن نعليها.
والنزاع المشكلة، تعني الوجود، بل إنها في داخل جسد الإنسان ونفسه، وروحه، ولكن من غير الطبيعي والمتقبل حلها بإيذاء، لأن مسلسل الفعل ورد الفعل يطول (ع الفاضي).
طيب!
أفكر في دور الفن والأدب والإعلام والتعليم في تعميق المحبة والحنان والتضامن، "وادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم..". فصلت (آية 34).
أكمل!
في الأديان كمقدسات اتفق عليها البشر، وفي الأخلاق بل والميثولوجيا، تحفل النصوص بما يؤكد على قيمة التسامح.
.........؟
إنه يا صاح يبدأ في مقتبل العمر..
وهكذا رحت أسرد لصاحبي، ما كان من رحلة مدرسية، لنا عندما كنا أطفالاً، فهل كنا أطفالاً فعلاً؟ وهل نتذكر طفولتنا!
في يوم من الأيام.. من سبعينيات القرن الماضي، في نهار مبتسم مشرق دافئ من أيام الربيع، تجمع الأطفال مبكرين أمام المدرسة، نافضين عن أعينهم النعاس، تختلف وجوههم عن الصباحات الأخرى، حيث صار النعاس والعبوس اليومي يقظة وفرحاً..
فرح رامي وهو يجلس في كرسي الحافلة..

- ما أجمل الرحلات!
ومن القدس إلى أريحا مضت الحافلة. ولم يمض سوى ربع ساعة حتى بدأت الحافلة بالهبوط التدريجي نحو الغور.. على الجانبين مشهد التلال والرعاة ومضارب البدو.
على الرغم من فرح رامي إلا أنه كان مهموماً..

المعلم: نحن الآن متجهون إلى أريحا، مدينة النخيل، المتميزة بدفئها، من أرضها، انبثق دفء الحضارة والتمدن، لتهدي العالم فكرة المدنية والاستقرار والإبداع الإنساني الخلاّق. لقد دلت الحفريات التي جرت في بداية القرن ومنتصفه على أن أريحا القديمة هي من أقدم المدن المسورة (لها سور) في العالم، وتاريخها يعود إلى 10.000 عام. ففي تل أريحا المسمى تل السلطان نسبة إلى عين السلطان، يستطيع الزائر أن يتعرف على أول حياة مدنية عرفها التاريخ، فالمدينة القديمة كانت محاطة بسور، وفيها برج، ودلائل تشير إلى أماكن المهن والطبقات الاجتماعية، وهي مرحلة حضارية تمثل بداية الاستيطان البشري، التخلي عن حياة الرعي، إضافة إلى جوانب أخرى تخص حياة المدينة.
تحدث المعلم عن مسار الرحلة
- أرجو ألا يجعلها المعلم حصة مدرسية!
ضحك الزملاء..
وضحك علي الذي كان يجلس في الجهة المقابلة، لكن سرعان ما بدا عليه الهمّ.
علي في نفسه:

كان يوم أمس ثقيلاً، ثلاثة امتحانات..وخلافي مع رامي..
هو الذي أخطأ!
رامي لنفسه:
ليتني لست على خلاف مع أحد من زملائي..!
على مشارف أريحا، تذكر علي تفاصيل الخلاف..
لا بدّ أن رامي غاضب من كلامي معه..
رامي في نفسه: كان رد فعلي سريعاً..
علي لنفسه:
لم يكن ضرورياً أن أتسرّع..
لقد أخطأت!
لكنه أخطأ أيضاً..
ظهراً، اقتربت الحافلة من قصر هشام:
لاحظ الطلبة أن المكان خرب، لا توجد إلا هذه الأعمدة..!

المعلم: تسمى هذه المنطقة التي يوجد فيها قصر هشام بن عبد الملك خربة المفجر.. وقد بنى الخليفة الأموي هشام هذا القصر عام 733 للاستمتاع بجو الغور شتاء، وممارسة هواية الصيد وركوب الخيل. وقد تكون القصر من قاعات استقبال وحمامات ومساجد.. لكن للأسف تعرّض القصر لزلزال قوي لم يبق منه سوى القليل من الآثار..
طالب: ترى أين لوحة الفسيفساء الكبيرة التي درسنا عنها؟

المعلم: سندخل الآن لمشاهدتها..
حين أطل الطلبة رأوا لوحة الفسيفساء أسفل القاعة.

المعلم: تعد لوحة أرضية قاعة الاستقبال هذه من أجمل لوحات الفسيفساء في العالم وربما من أكبرها..
نظر رامي إلى من يقف بجانبه فكان علي... تبادلا النظرات بسرعة، لكن لم يتحدثا..
طالب: إذن هذه شجرة الحياة..!

تأمل الطلبة في اللوحة من فوق، على يمين الشجرة أسد ينقض على غزال، وعلى يسارها غزالان يقضمان ورق الشجر..
طالب آخر: يسمونها لوحة الخير والشرّ!

تتركز عيون رامي وعلي على الغزلان والأسد..
علي في نفسه: شمال الشجرة يرمز إلى الخير!
- ما أجمل الخير!
رامي في نفسه: يمين الشجرة يدل على الشرّ!
لا أحب الشرّ..

المعلم: أريحا أكبر واحة في العالم، إن المدينة والحضارة في كل عصورها مدينة للمدينة القديمة منذ آلاف السنين؛ فالمدينة لا تعني إلا مفاهيم الاستقرار والإبداع والسلام والفن والمحبة.
التقت عيون علي ورامي..
فتبادلا الابتسامة..
وتصافحا..
أكمل يا صاحبي!

طريق الخير والحق والجمال والسلام معروف، أكان بين الإنسان وأقرب الناس إليه، أو بين الحلفاء. وأنت ما ترى؟
لا بد من العمل، بأن توصل المجتمعات الإنسانية للحكم رجالاً ونساء، يؤمنون فعلاً بالسلام وثماره، من هنا إلى آخر الدنيا.
وهكذا تركت صاحبي يتأمل ويتذكر، فهو أيضاً له رحلات مدرسية، ورحلات في الحياة، وأنا وأنتم.
تلك هي الروح الحضارية لفلسطين..
جميل أن نرتقي لها جميعاً في العالم..
ضروري أن يفعلها المختلفون هنا، بدلاً من الحديث الذي طال...كثيراً.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في قصر هشام بن عبد الملك في قصر هشام بن عبد الملك



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 06:54 2023 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد وإتيكيت الحديث واتباع الطرق الأكثر أناقاً

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 12:38 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يجدد عقد خليفة الحمادي 5 مواسم

GMT 09:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

إطلالات أنيقة وراقية للفنانة اللبنانية نور

GMT 20:27 2021 الخميس ,16 كانون الأول / ديسمبر

قواعد وأداب المصافحة في كلّ المواقف

GMT 10:08 2024 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور الرجالية والنسائية للخريف

GMT 05:28 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

نسرين طافش تَسحر القلوب بإطلالة صيفية

GMT 11:15 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

خطوات بسيطة لتنسيق إطلالة أنيقة بسهولة

GMT 23:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أحذية KATRINE HANNA بإلهام من الطبيعة والخيال

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 05:07 2023 الخميس ,16 آذار/ مارس

نصائح هامة لاختيار المجوهرات المناسبة لكِ

GMT 18:43 2021 الخميس ,16 كانون الأول / ديسمبر

هدى المفتي تتعرض لانتقادات عديدة بسبب إطلالاتها الجريئة

GMT 04:53 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

مكياج العيون من وحي الفنانة بلقيس

GMT 05:00 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

تصاميم في الديكور تجلب الطاقة السلبية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon