بانتظار أنياب الاتحاد الأوروبي

بانتظار أنياب الاتحاد الأوروبي...!!

بانتظار أنياب الاتحاد الأوروبي...!!

 لبنان اليوم -

بانتظار أنياب الاتحاد الأوروبي

رامي مهداوي
بقلم : رامي مهداوي

على مدى العقود الخمسة الماضية استثمرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في تطوير المستعمرات الكولونيالية في الضفة الغربية بالإضافة إلى البنية التحتية اللازمة لربطها بمدن وبلدات دولة الاحتلال. العالم يشاهد بصمت وكذلك قياداتنا تشاهد دون فعل على أرض الواقع واكتفوا بمؤتمرات وتصريحات إعلامية.الآن ماذا تخيلتم بالضبط سيحدث؟ كان الهدف غير المعلن ولكن الواضح للعين المجردة هو جعل أماكن مثل «حلميش» المستعمرة المُقامة على اراضي قريتي دير نظام والنبي صالح _شمال غربي محافظة رام الله_ لا تختلف عن «هرتسيليا» التي تقع تحت لواء «تل أبيب» . إذاً ودون جدال يتحدى المنطق للاعتقاد بأن إسرائيل سوف لن ولم تتخل عن هذا المشروع طويل الأمد.

لنعترف بأن واقعنا الفلسطيني الذي أوصلنا أنفسنا له هو الذي وضعنا في الموقف الهزيل دون أي حركة فعلية ملموسة، بالتالي حسب وجهة نظري فإن الرد الدولي القوي وبالأخص من الاتحاد الأوروبي هو أحد الأشياء القليلة التي يمكن أن تجبر حكومة الاحتلال على التفكير مرتين قبل ضمها. بصفته مدافعًا رئيسيًا عن حل الدولتين، يجب أن تكون هذه لحظة الاتحاد الأوروبي للدفع ضد الضم.الضم _ سواء كان يبدأ من كتلة استيطانية واحدة أو معظم أو/و جزء من مناطق «ج» _ سيتجاوز عتبة يكاد يكون من المستحيل التراجع عنها مرة أخرى. هذا سوف يتحدى مصداقية الاتحاد الأوروبي وأهميته، كما أنه سيقوض أساسيات النظام الدولي القائم على القواعد ولا سيما حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة. سيواجه الانهيار الرسمي لعملية السلام المكونة من دولتين التي تم تشكيلها في أوسلو _ والتي كانت محتضرة منذ سنوات _ ويدفع الإسرائيليين والفلسطينيين إلى حقيقة الدولة الواحدة التي يعيش فيها الفلسطينيون في ظل نظام واضح من الفصل العنصري بشكل متزايد.

يجب على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه الاستيقاظ من أحلامهم الوردية. وعليهم القيام بذلك بلياقة عالية دون التباطؤ أو الكيل بمكيالين وأن يبذل ما يكفي من جهد لتحقيق دولة فلسطينية. وهذا يشمل استنهاض رغبتهم الكاملة في مواجهة الأعمال الاحتلالية غير القانونية دوليًا والاعتراف بدولة فلسطين كما فعلت السويد.إن نتيجة الرضوخ الدولي لمشروع الاستيطان السرطاني لإسرائيل هو التخلي عن الدولة الفلسطينية، وتحويلنا إلى شعب يعيش في كانتونات منفصلة تسيطر عليها إسرائيل في غزة والضفة الغربية بدلاً من الدولة المستقلة والقابلة للحياة التي وعدونا بها، بالتالي هذا جزء تتحمله أوروبا بنفسها ولو بطريقة غير مباشرة، ما أضاف ثقلا آخر على كاهلنا الضعيف.

لذلك يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعترف بأن منطق الدولتين الذي دعم سياساته الخاصة على مدى العقود الثلاثة الماضية قد لا يستمر. أيضاً يجب على الاتحاد الأوروبي أن يبدأ مراجعة واسعة النطاق للسياسة تبحث في الآثار المترتبة على الضم وانهيار حل الدولتين الذي شكلته «أوسلو» على العلاقات مع إسرائيل، ومنظمة التحرير الفلسطينية وجهودها الشاملة لصنع السلام الذي مات.لهذا أقدم النصيحة التالية: يجب على المسؤولين الأوروبيين تجنب النظر إلى الوراء فيما مضى بشغف وحنين والحديث عن ذكريات أوسلو. وبدلاً من ذلك يجب أن تضعوا للحفاظ على المعايير الدولية وقوانين الاتحاد الأوروبي وخلق سياسة جديدة بعد الضم.

على الفور وبشكل لا مفر منه، سيكون للضم أكبر تأثير على العلاقات مع إسرائيل. إن المحو الكامل للخط الأخضر قبل حزيران 1967 وسيطرة إسرائيل على أراضي الضفة الغربية ومستوطناتها يعرقلان بشكل خطير العلاقات الثنائية وخاصة في المجال الاقتصادي، على سبيل المثال لا الحصر، بالنظر إلى التزام الاتحاد الأوروبي بالتمييز بين إسرائيل والمستوطنات، وعدم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.وستكون استجابة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لهذا التحدي هي تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334 من خلال تعميق وتشديد إجراءات التفرقة ضد المستوطنات الإسرائيلية. يمكن أن يشمل ذلك تعزيز المبادئ التوجيهية المالية للاتحاد الأوروبي، وتقييد منتجات المستوطنات الإسرائيلية، ولكن يمتد أيضًا إلى مجالات أخرى، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والضرائب والخدمات القنصلية. يمكن القيام بالكثير من هذا دون الحاجة إلى قرار جديد للمجلس الأوروبي.

إن اختفاء حل الدولتين سيكون له تداعيات أعمق على المدى الطويل، ما يهدد علاقة الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل. من غير المحتمل أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من توقيع اتفاقيات جديدة مع إسرائيل بسبب معارضة بعض الدول الأعضاء على الأقل (حيث يلزم الإجماع) وداخل البرلمان الأوروبي. سيتم طرح جوانب أخرى من العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على الطاولة. على سبيل المثال وفي ضوء هذه التصريحات والبيانات المعارضة للمخططات الإسرائيلية، هل سيتخذ الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل كما فعل ضد روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم في العام 2014؟والأهم من ذلك، يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه واضحين أنه إذا لم يعد حل الدولتين خيارًا قابلاً للتطبيق، فإن الوسيلة البديلة الوحيدة المقبولة لتحقيق الحقوق المتساوية لكلا الشعبين ستكون من خلال دولة ثنائية القومية، وهذا يعني الرفض القاطع لواقع دولة الاحتلال بالمفهوم الصهيوني والدولة اليهودية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بانتظار أنياب الاتحاد الأوروبي بانتظار أنياب الاتحاد الأوروبي



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:00 2022 الإثنين ,21 شباط / فبراير

فيراري تزيل النقاب عن أقوى إصداراتها

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 22:15 2021 الخميس ,04 آذار/ مارس

طريقة عمل طاجن العدس الاصفر بالدجاج

GMT 19:09 2023 الأحد ,09 إبريل / نيسان

تنانير عصرية مناسبة للربيع

GMT 17:07 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

"جاسوس الحسناوات" انتهك خصوصية 200 ضحية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon