تحية للوزيرة

تحية للوزيرة

تحية للوزيرة

 لبنان اليوم -

تحية للوزيرة

سما حسن
بقلم : سما حسن

"الفاضي بيعمل قاضي"، ولأني مولَعة بالأمثال الشعبية فقد افتتحت مقالي بمَثل.
نعم، "هم" في حالة فراغ كبير، و"هي" مشغولة، مشغولة لدرجة كبيرة. أتذكّر أن أبي رحمه الله في وقت الامتحانات النهائية في المدرسة كان ينشغل كثيرا، وهو متأكد أن التلاميذ الملاعين الصغار يجوبون شوارع وأزقة المخيم وهم يلعبون ويشاكسون حتى "طوب الأرض"، ولكنه كان ينشغل وزملاؤه أيضا، لدرجة أن جاء أحدهم إلى المدرسة صبيحة أول أيام الامتحانات وهو يرتدي بلوزته "الكاشمير" "بالمقلوب"، فغرق الفصل كله بالضحك، ولم يقدروا انشغال المعلم الذي يجهز للامتحانات، وهو يشغل في الوقت نفسه منصب وكيل الناظر، بكل ما يعنيه ذلك من أعباء.

وهكذا لم يشعر التلاميذ بتعب وانشغال المعلم، مثلما لم ولن يشعر مواطنون كثيرون بانشغال المسؤول في ظرفنا الحالي، ماذا يعني ان تكون وزيرا للصحة في بلد محدود الإمكانيات، ولكنك تحقق نجاحا لافتا في مواجهة الوباء، بكل هذه الإمكانيات البسيطة قياسا للدول العظمى. ويكون عليك أن تخرج لكي تطمئن الناس وتنفي الشائعات التي تنتشر على مدار الساعة.لو كانت السيدة وزيرة صحتنا في دولة أجنبية لسمعنا تعليقات على غرار ما نسمع عن مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، والتي تغنى رواد المواقع التواصل الاجتماعي العرب قبل الأجانب بتواضعها وخروجها للتسوق بمفردها دون حراسة، وبأنها ترتدي ملابس سبق ان ارتدتها قبل سنوات، ولا تهتم بالماكياج ولا صيحات الموضة، ولكن وزيرة الصحة الفلسطينية التي تكرس كل وقتها لمتابعة ما يحدث في اصغر مستوصف في البلد، تتعرض لشيء من التنمر، وتسمع تعليقات ساخرة، لا تعبر إلا عن أن الناس الفاضية قد تحولت كلها إلا قضاة.
سيدة بسيطة متواضعة، وتاريخها مشرف، وهي طبيبة بالطبع، ولها بصماتها في المجال الصحي في فلسطين، وأيضا هي ليست من عاشقات الموضة ولا المساحيق، تتحدث ببساطة وتلقائية، وبالنسبة لي أشعر ببساطتها عندما تضع لي "لايك" على منشور بكل بساطة، ولم تتغير عنها قبل سنوات ومنذ أن أرسلت لي طلب صداقة في وقت الحرب الأخيرة على غزة، واليوم، عندما أصبحت وزيرة، هي لم تتغير ولم تغلق حسابها الشخصي، ولم تتوقف عن نشر صور أحفادها الصغار كما كانت تفعل من قبل.

لماذا كل هذا السخف بحق الوزيرة التي تسهر على راحتنا، وفيما يمضى معظم الناس أوقاتهم في البيوت فهي تنتقل من مستشفى لمستشفى، وتدور على مراكز الحجر الصحي ومعرضة نفسها لخطر العدوى بالطبع، وكلنا يعرف ان المسؤولين والكوادر الطبية قد تعرضوا للإصابة بفيروس كورونا لأنهم كانوا في الخط الأول للجبهة.يحق لنا أن نقدم اعتذارا للوزيرة الدكتورة مي كيلة، ويحق لنا أن نحترم ما تقوم به من جهود، وأن نحترم خصوصيتها وحريتها، سواء تمثلت بأنها لا تحب المساحيق أو أنها ترتدي ملابس عادية بسيطة وليس ماركات عالمية باهظة الثمن.

يحق لنا أن نخجل ونحن نرى سيدة ليست في سن الشباب وفي نفس الوقت تعمل على مدار الساعة لكي تطل علينا لدقائق لكي تنشر الطمأنينة في قلوبنا، قلوبنا القاسية الفارغة حين وجدت من شكل فلان أو شعر علان أو طوله ليتكم تتخيلون أنفسكم خارج بيوتكم وفي مستشفى أو مركز يعج بالمصابين، تخيلوا كيف سيكون الوضع النفسي لأحدكم، وتخيلوا أنكم لن تشعروا بالخوف على أنفسكم، ولكنكم قطعا تشعرون بالخوف على أحبتكم حين تعودون إلى بيوتكم، مثلما تشعر الدكتورة كيلة وغيرها من المسؤولين والملزمين بالخروج من البيوت التي أصبحت هي المكان الوحيد الآمن من العدوى حتى الآن.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحية للوزيرة تحية للوزيرة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon