حسّان دياب في دائرةِ الخَطَر لكنّهُ ليسَ ضعيفاً

حسّان دياب في دائرةِ الخَطَر لكنّهُ ليسَ ضعيفاً

حسّان دياب في دائرةِ الخَطَر لكنّهُ ليسَ ضعيفاً

 لبنان اليوم -

حسّان دياب في دائرةِ الخَطَر لكنّهُ ليسَ ضعيفاً

البروفسور بيار الخوري
بقلم - البروفسور بيار الخوري

ما قاله رئيس مجلس الوزراء اللبناني الدكتور حسّان دياب هو صفيرُ عاصفةٍ قوية تضرب لبنان في المُقبل من الأيام.

وجّهَ دياب كلاماً غير مسبوق لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، داعياً إياه إلى كشف الغموض المُحيط بالسلوك النقدي في البلاد، ومُكلّفاً شركات دولية مشهود لها بالتدقيق في حسابات المصرف المركزي، بعدما أشارت تقاريرٌ تقنية الى تراكم خسائر في حسابِ الأرباح والخسائر للمصرف تقترب من حجم الناتج الوطني الإجمالي ومن نصف الدين العام. ترافق ذلك مع فوضى في سوق القطع، وإجراءات تُقيِّد تداول العملات الاجنبية، والكشف عن خروج ما يقارب ستة مليارات دولار من لبنان في ظل تقييد السحوبات التي تُمارسها المصارف على سحوبات غالبية المُودِعين.

على الرغم من ذلك، فإن مسألة مُحاسبة وشفافية المصرف المركزي وحاكمه ليست مسألة تقنية بحتة، فالدور الذي لعبه الحاكم سلامة هو جزءٌ مُدمَج بالإدارة السياسية للبلاد على مدى 26 عاماً. فهو رجل زمن ما قبل 2005 وما بعده، رجل زمن 14 آذار وزمن 8 آذار، وهو أيضاً رجل أيام الرخاء واليسر وأيام العسر.

الواقع أن هناك صعوبةً فائقة في معرفة وتعيين دور هذا الرجل ضمن توازنات النظام. هل هو الذي يُديرُ النظام أم أن النظامَ يُديره؟ هُوجِمَ كثيراً، وحُورب كثيراً، واستمر ولايةً بعد ولاية بدعمٍ داخلي ودولي، وبجوائز تقدير دولية تتناسل سنة بعد أخرى.

وحده حسّان دياب كسر هذا المُحرّم في ما يشبه الوقوف عارياً في وجه ريحٍ عاتية، واستعدى بذلك قوى تخترق الإصطفافات الكلاسيكية. فإلى أين يذهب رئيس الحكومة؟

خياراتُ رئيس الحكومة مَحدودةٌ جداً، لكنها كبيرة جداً. فالرجلُ ضعيفٌ سياسياً وشعبياً، إلّا أنه لم يصل الى موقعه بالمصادفة. هو وصل لأن النظام وصل الى مأزقٍ مُستَعصٍ لم يَعُد الحكم مباشرة معه مُمكناً. أساساً فإن قبولَ دياب بهذه المهمة، كما وصفته دائماً، كان عملاً إنتحارياً، ومُحاولة اللحظة الأخيرة لإنقاذ المصلحة الجماعية للنظام التي أضاعهتا المصالح الخاصة لأركان ذلك النظام.

البلادُ اليوم في وضعٍ مُفلس، لكن إفلاسه حالة فريدة بين الدول. فهو مُفلسٌ لأن مجموعات المصالح الخاصة المُرتبطة بالسلطة قد نهبته بلا رحمة. وما لم تستطع حكومة دياب عَكسَ اتجاه المال، فانتحاره بغير ذلك هو انتحار مجاني لا يستأهل حمل هذا العبء.

الهجومُ على دياب يتركّز على المعزوفة المُملّة عينها، “إفتحوا كلّ الملفّات، وإلّا لا ملفات سُتفتَح”. كلامٌ حمى الفاسدين دوماً، وهو كمَن يقول: لا يجوز التحقيق مع أحدٍ من رؤوس المافيا طالما باقي الرؤوس فالتة.

إن مَن تابَعَ إدارة ملف محاربة الفساد في لبنان، يعلم أن النظامَ يحمي بعضه بعضاً، فلا أحد قادرٌ على البداية من أي نقطة، ولا يُمكن إخضاع الجميع معاً، فصمّام الأمان الطائفي يحمي المُتورطّين أفراداً وجماعات.

والكلّ يعلم أن خرقاً واحداً ومُكاشفة واحدة سيفتحان الجسم المُتَقَيِّح بكامله. سيجر النظام بعضه بالتتابع كما يحمي بعضه بالتتابع.

ولكن…

ما لم يكن رئيس الحكومة سطحياً، وهو ما لا يعتقده أحد، فإن الرجل يعرف أنه دخلَ معركةً قاسيةً مع طبقةٍ من الأقوياء جداً ولكن مأزومة جداً. ويعرف أنه إذا رَحل فلا أحد قادرٌ على خلافته، هذا إذا قَبِلَ أصلاً أحدٌ بذلك.

إن الحكومة غير قادرة على التقدّم الى الأمام في ظل سطوة المال والسلطة، وغير قادرة على الدخول في معركة مفتوحة مع هذه السطوة.

لذلك سوف تتجه الأمور الى توازنٍ جديد تُقيّد بموجبه الحكومة حرية سلطة المال، وتُخضِعُها لضوابط الهبوط الهادئ، وعدم استغلال المال في المغامرات السياسية، مُستفيدةً من التناقضات ضمن النظام.

وبموجب هكذا تسوية سيكون توزيعٌ لأعباء استمرار الإستقرار حيث هناك مَن سيدفع أموالاً لا غنى عنها لضمان استمرار صمود الحدّ الأدنى للبلاد وعدم الإنزلاق الى المجاعة. بغير ذلك سيلعب رئيس الحكومة أخطر أوراقه التي لا يريده أحدٌ من تحالف المال والسلطة ان يلعبها. دياب في دائرة الخطر لكنه ليس ضعيفاً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسّان دياب في دائرةِ الخَطَر لكنّهُ ليسَ ضعيفاً حسّان دياب في دائرةِ الخَطَر لكنّهُ ليسَ ضعيفاً



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 16:11 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 10 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 09:34 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

بريطانيا تُحقق في اغتصاب جماعي لفتاة بعالم ميتافيرس

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 20:21 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 3 مايو/ أيار 2023

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon