اغتيال زادة الفشل الإيراني والتخطيط الإسرائيلي البعيد

اغتيال زادة: الفشل الإيراني والتخطيط الإسرائيلي البعيد

اغتيال زادة: الفشل الإيراني والتخطيط الإسرائيلي البعيد

 لبنان اليوم -

اغتيال زادة الفشل الإيراني والتخطيط الإسرائيلي البعيد

أشرف العجرمي
بقلم : أشرف العجرمي

على الرغم من عدم وجود أدلة مادية قاطعة، يجمع غالبية المحللين العسكريين والسياسيين في إسرائيل ومعظم بلدان العالم بما فيها إيران، على أن أياد إسرائيلية هي التي نفذت عملية اغتيال كبير خبراء الذرة الإيرانيين محسن فخري زادة. وكان واضحاً منذ فترة ليست قصيرة أن الأذرع الأمنية الإسرائيلية وخاصة جهاز «الموساد» تلاحق زادة منذ فترة، وخاصة بعد أن استطاع هذا الجهاز الحصول على الأرشيف النووي الإيراني في عملية سرية معقدة نفذها في نهاية العام 2017. وقد اتضح من المعلومات التي تقول إسرائيل إنها موجودة في الأرشيف أن زادة يعكف على تطوير برنامج عسكري نووي في إيران، وأن الأخيرة تخدع العالم بشأن حقيقة برنامجها النووي السلمي.

وقد تم الكشف عن ملاحظات كتبت بخط يد العالم زادة تتحدث عن تطوير قدرات عسكرية نووية. وقد تحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو شخصياً في مؤتمر صحافي عن المخطط الإيراني وعن دور محسن زادة شخصياً فيه. وهذا الكشف هو عبارة عن تأكيد إسرائيلي خفي بأن زادة بات مطلوباً رأسه، وأنه ملاحق من قبل المخابرات الإسرائيلية.

تصفية زادة هو بمثابة ضربة موجعة لإيران ليس فقط لأنها خسرت أهم علمائها الذريين، بل وكذلك لحجم الاختراق الذي حققته إسرائيل وأجهزة استخبارات غربية في إيران، فبالإضافة إلى سرقة الأرشيف النووي، نجحت إسرائيل في اغتيال أربعة خبراء ذرة إيرانيين بين عامي 2010و2012. كما نجحت قبل اغتيال زادة في اغتيال الشخص الثاني في «القاعدة» الملقب بأبي محمد المصري في شهر آب الماضي حسب ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز».

وعلى ما يبدو كانت إسرائيل تقف وراء التفجيرات التي حصلت في إيران في الفترة الأخيرة وأهمها العمل التخريبي في مفاعل «نطنز» النووي الذي يحوي أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم الأحدث في إيران، وبعض القواعد العسكرية في استهداف واضح لبرنامج تطوير الصواريخ والبرنامج النووي. وكون إيران تعلم أن زادة كان على المهداف وخاصة في الفترة الانتقالية قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لمنصبه في البيت الأبيض، ولم تستطع حمايته فهذا يعتبر فشلاً كبيراً ومدوياً. وحتى لو كانت إسرائيل حصلت على دعم وتعاون من قبل جهات دولية أخرى كالولايات المتحدة فهذا لا يبرر الإخفاق الإيراني في الحفاظ على حياة أهم عالم ذرة في طهران وهو من يقولون إنه أبو القنبلة النووية الإيرانية أو من يقود البرنامج النووي العسكري.

يقول عاموس يادلين مدير معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل  إن من نفذ الاغتيال حاول تحقيق ثلاثة أهداف: ضرب المشروع النووي الإيراني، وخلق تصعيد ينتهي بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، ومنع عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي الإيراني. (مقال نشر في موقع N12 الإسرائيلي في 30/11/2020). أهداف كهذه تلائم إسرائيل أكثر من أي طرف آخر وبالطبع تنسجم مع أهداف إدارة ترامب وبعض الدول العربية. ولكن يبدو أن إسرائيل هي الأكثر استعداداً لتنفيذ الاغتيال من أي طرف آخر. وتقديرات يادلين دقيقة بحكم معرفته بالعقلية الأمنية والسياسية الإسرائيلية، والتخطيط بعيد المدى للإبقاء على التفوق العسكري واحتكار أسلحة الدمار الشامل.

على كل حال إيران باتت في وضع محرج جداً بل ربما مهين جداً لتتالي عمليات الاستهداف داخل العمق الإيراني دون تحقيق أي انجاز في الكشف عن عمليات الاختراق والعمل على منعها، ومع ذلك هذا لن يدفع إيران للتهور وتحقيق الأهداف التي ترجوها إسرائيل من عملية الاغتيال، فهي لن تسارع إلى رد يقود إدارة ترامب إلى القيام بعملية تدميرية واسعة للمنشآت الإيرانية، وهناك تهديد أميركي واضح بذلك، كما أنها لا تريد استباق تولي بايدن لمنصبه كرئيس للولايات المتحدة، وهي تأمل أن تعود واشنطن للاتفاق النووي الذي أخرجها منه ترامب بضغط من إسرائيل، حتى لو كانت إدارة بادين تريد التفاوض مع إيران على شروط الالتزام.


وقد تفعل طهران عكس ما تتوقعه إسرائيل وتدخل في سباق مع الزمن لإكمال برنامجها النووي العسكري بأسرع وقت تحسباً لمزيد من خسارة العلماء في مجال الذرة وتطوير الصواريخ. وربما جاء إعلان إيران عن تسريع عمليات تخصيب اليورانيوم  كنوع من رد الفعل على محاولات تدمير مشروعها، وقد لا يتعدى رد الفعل هذا ما يسمى «فشة خلق» بانتظار ما سيحصل في القريب مع إدارة بادين.

وفي كل حال لن يكون بمقدور إيران أن تمر مر الكرام على هذا الاغتيال الذي يرقى لجريمة تنتهك سيادتها وكل القوانين والأعراف الدولية، وتقتل مواطناً بدرجة عالم في موطنه وليس في ساحة حرب أو مواجهة عسكرية. وهي بكل تأكيد ستحاول الانتقام لهذه الخسارة وللمساس بهيبتها وكرامتها وسيادتها. وقد يكون الرد عبر حلفائها في دول الإقليم، وبما لا يعرضها لعقوبات قاسية أو ردود تدميرية، ولهذا فاختيار الزمان والمكان والأهداف أمور مهمة للغاية في الرد الإيراني وفي توقع النتائج المترتبة عليه. ولكن على إيران أن تفحص جبهتها الداخلية، وطبيعة النظام الذي يسهل اختراقه بوجود معارضة واسعة وقوية تسعى للإطاحة به.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اغتيال زادة الفشل الإيراني والتخطيط الإسرائيلي البعيد اغتيال زادة الفشل الإيراني والتخطيط الإسرائيلي البعيد



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon