عن سورية الروسية

عن سورية الروسية!

عن سورية الروسية!

 لبنان اليوم -

عن سورية الروسية

بقلم : عبير بشير

بعد أيام من مقتل قاسم سليماني، طار القيصر بوتين إلى دمشق، وجال سائحا في شوارع العاصمة، واستدعى بشار الأسد للقائه في مركز لتواجد القوات الروسية في العاصمة دمشق، بدلا من لقاء الأسد في قصر الرئاسة.
كان يفترض أن يحط الرئيس الروسي في القاعدة الروسية في اللاذقية لمعايدة جنوده في الساحل السوري، لكن غياب مهندس المشروع الإيراني «قاسم سليماني» أتاح فرصة لبوتين لم يتردد في اغتنامها كعادته. واستعجل الانتقال إلى دمشق، ليعلن من هناك عن ولادة سورية الروسية، وأن موسكو باتت الحاكم الفعلي لدمشق وليست طهران، وأنه غير مسموح للأسد باللعب في مجرى التصعيد الأميركي – الإيراني.
لم يعلن القصر الرئاسي في سورية عن زيارة بوتين، بل كان الكرملين هو المتحدث عنها. وانتشرت الصور الأولى، لبوتين والأسد داخل القاعة في القاعدة العسكرية الروسية، التي كانت مزدانة بصور لبوتين، وزعماء وجنرالات روس، وغابت عنها صور بشار الأسد، في تحطيم واضح لصورة آل الأسد. بل بدا وكأن بوتين مالك الأرض وبشار ضيف لديه يجلس بهدوء يستمع إلى كلامه بينما ظهر وزير الدفاع السوري علي أيوب جالساً على كرسي منخفض أقل ارتفاعاً من وزير الدفاع الروسي، وكما لو أن الجيش السوري سرية تابعة لإمرة الجنرالات الروس. وعنونت مواقع دولية، بأن بوتين يستقبل الأسد في دمشق!
نسي القيصر بوتين، بأن النظام السوري أهداه أكبر هدية، حينما استدعاه لإنقاذه من السقوط المدوي عبر عرابه قاسم سليماني، لقد منح النظام بوتين نقطة البدء ليدشن مشروعه بالثأر من التاريخ، بعدما قلصت الأحداث الجسام، أحجام الإمبراطوريات، ودفعتها إلى العيش في خرائط أقل بكثير من تلك التي كانت في عصورها الذهبية. ولطالما نظر القيصر بوتين الجريح إلى الخريطة الجديدة لروسيا، بوصفها سجنا ضيقا. فقد سأل صحافي الرئيس بوتين عن الحدث التاريخي الذي شهدته روسيا، وكان يود تغييره، فسارع إلى الرد: «انهيار الاتحاد السوفيتي». هو أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين، ... والذي أفقد موسكو والكرملين الكثير من الكبرياء والسطو.
لقد أصبح الحضور الروسي في سورية، هو المايسترو الذي يضبط إيقاع الصراع في سورية وعليها، وأصبحت هناك حاجة إيرانية، تركية، إسرائيلية، عربية لهذا الدور للجم هذا الحريق السوري.
تجول بوتين في شوارع دمشق كما يتجول في شوارع موسكو، وسعى من وراء ذلك، إلى تظهير النسبة العالية من الأمان الذي تحقق في سورية بمساعدة روسية فاعلة، وقد أوضح هذا بقوله، إنه تم قطع شوط كبير في إعادة بناء الدولة السورية ووحدة أراضيها.
وزار بوتين الجامع الأموي ووقع على لوحة «الشرف» في المسجد الأموي وهو الصرح الديني الإسلامي الأبرز في سورية، اختار بوتين زيارة الجامع الأموي ليقول ضمناً، إنه لا يقف ضد الإسلام. وظهر مع الأسد في الكنيسة المريمية الأثرية بدمشق بحضور البطريرك يوحنا اليازجي - بطريرك أنطاكية وسائر المشرق.
لقد أطلقت زيارة بوتين المفاجئة لدمشق بعيد مقتل سليماني، رشقة من الرسائل إلى من يهمه الأمر، فقد أراد بوتين، التأكد من أن بشار الأسد لن ينخرط بأي خطة إيرانية للانتقام من مقتل سليماني، وأن سورية لن تكون منصة للعمليات ضد إسرائيل عبر الجولان، أو ضد قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا، شرق الفرات عبر الميليشيات الإيرانية المتواجدة في سورية، وأن على دمشق احترام التفاهمات بين واشنطن وموسكو التي تعود إلى 2017، ونصت على أن شرق الفرات لأميركا وحلفائها وغرب الفرات لروسيا.
ويمكن القول، إن طهران لم تكن مرتاحة لـ»رسائل» بوتين، الأمر الذي عبر عنه النائب الإيراني علي مطهري المقرب من الرئيس حسن روحاني، الذي قال، إن سلوك الرئيس بوتين في زيارته إلى سورية كان مهيناً مثل سلوك نظيره الأميركي ترامب في زيارتيه إلى أفغانستان والعراق، فبدلاً من زيارة بوتين للرئيس الأسد في مقر الرئاسة، جلس في القاعدة العسكرية الروسية في دمشق، واستدعى الأسد للقائه، ولم يحترم بوتين تضحيات وشهادة قاسم سليماني، بل سارع إلى استغلال هذا الحدث الأليم وتجييره لمصالحه.
لقد أضعف مقتل سليماني جناح – بشار - ماهر - والفرقة الرابعة التي يعتبرها الروس «إيرانية»، وهو ما تحاول طهران إخفاءه. وقد بدا بوتين أكثر حماسة في جعل هوية العاصمة السورية أقرب إلى الكيان الروسي، بعدما بدا في مرحلة ما، أن هوية العاصمة، حسمت لصالح الإيرانيين، برغبة من بشار الأسد وشقيقه ماهر، اللذين لا يثقان كثيرا بالروس، ويعرفان أنه غير مسموح باللعب مع الدب الروسي.
بالأساس، لقد بدأ بشار الأسد يستشعر بغياب تدريجي للقوة الإيرانية الداعمة له بثقلها  خلال سنوات الحرب، من خلال الاستهداف الإسرائيلي للوجود الإيراني، فغابت رايات الميليشيات الشيعية أو غيبت وتراجعت هيمنة «حزب الله» التي كانت بارزة من خلال الشعارات والسيارات التي ملأت شوارع العاصمة ... ليبدأ العصر الروسي في سورية الأسد كما أكدت زيارة القيصر أو كما حاولت أن ترسل إشارات واضحة في هذا الاتجاه لجميع المعنيين والأطراف في المنطقة والعالم.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن سورية الروسية عن سورية الروسية



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:24 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 لبنان اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 05:12 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 تصرفات يقوم بها الأزواج تسبب الطلاق النفسي

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 17:12 2020 السبت ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال السعودي يربط رازفان لوشيسكو بلاعبيه في الديربي

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 18:33 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

ألوان الأحذية التي تناسب الفستان الأسود

GMT 17:16 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إلغاء بطولة العالم للشابات في كرة اليد فى لبنان

GMT 17:21 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon