اقتلاع ترامب لا يعني اقتلاع الترامبية

اقتلاع ترامب لا يعني اقتلاع الترامبية

اقتلاع ترامب لا يعني اقتلاع الترامبية

 لبنان اليوم -

اقتلاع ترامب لا يعني اقتلاع الترامبية

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

رغم أن فوز جو بايدن وكامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية يعني اقتلاع ترامب من البيت الأبيض، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال اقتلاع الترامبية.
ليس فقط لأن ترامب يرفض الإقرار بـ «الهزيمة، ويصر على أنه الفائز بالانتخابات، ويمضي في مسار قانوني، لا أحد يعرف كيف يمكن أن ينتهي. بل لأن الموضوع أعمق من ذلك بكثير.

فالحقيقة التي تجلت في الانتخابات أن «الترامبية» ستبقى تياراً قوياً في السياسة والمجتمع الأميركي، حتى لو خسر ترامب معاركه القضائية التي سيخوضها، وليس من المستبعد أن تكون المحدد لمعالم سياسة التيار اليميني الأميركي لسنوات مقبلة، بقدرة عالية على الاستنفار، وقدرة أعلى على الاستقطاب، وسينظر إليها في أنحاء العالم كدليل على انحطاط الديمقراطية في أميركا، التي تميزت لعقود طويلة بالانتقال السلمي للسلطة والاستقرار في الحكم.

ولعل إقدام الرئيس الأميركي على «إقالة» وزير الدفاع مارك أسبر، في «الوقت الضائع» ما بين الولايتين، يشكل خير دليل على أن الرجل لم يستسلم»، ولم يرفع «الراية البيضاء»، وأنه يعد لشيء ما.

حيث إن أسبر لم يؤيد استخدام قوات الجيش لقمع الاحتجاجات واسعة النطاق التي أثارها مقتل جورج فلويد على يد الشرطة، كما يريد ترامب
وبانتظار «نضوج» الصورة النهائية للانتخابات الأميركية، تتكثف علامات الاستفهام، فماذا لو فعلها ترامب وأقدم في ربع الساعة الأخير على عمل «مجنون» يستهدف إيران أو غيرها؟ خصوصاً مع جولة غير مألوفة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ستقوده إلى سبع دول حليفة للولايات المتحدة.

ولم تخف رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي خشيتها من أن إقالة ترامب لإسبر دليل على نية ترامب «زرع الفوضى» في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، هذا إذا أضفنا ذلك إلى إقالة ترامب لمسؤولين بشتى أجهزة الحكومة، إلى جانب استقالة عدد من كبار موظفي وزارة الدفاع.

فاليوم وبعد نحو 70 عاماً على «المكارثية»، نشهد ظاهرة «الترامبية» التي أصبحت تياراً قوياً في الولايات المتحدة سيبقى فاعلاً بالساحة، حتى بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض.

وكان الديمقراطيون يأملون أن يتبرأ الناخبون من ترامب بسبب جائحة «كورونا» والفوضى التي اتسمت بها فترة رئاسته، وتصريحاته الداعية للانقسام في الحملة الانتخابية، وبدلاً من ذلك حصل ترامب على حوالى 7.3 مليون صوت زيادة على الأصوات التي فاز بها في 2016. كما كسب الجمهوريون 5 مقاعد جديدة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.

وقد أظهرت نتائج الانتخابات أن ترامب باق، حتى لو ذهب، وأن نصف الأميركيين يريدون بقاء «الترامبية»، وهم في الحقيقية مؤيدون للحمائية والانعزالية كما أن «الترامبية» ستكون قوة مجتمعية وثقافية وسياسية قائمة لسنوات.
وستبقى لترامب قاعدة شعبية صلبة، ولا يستبعد أن يسعى إلى الترشح للرئاسة في انتخابات 2024.
وقال مايك مدريد الذي شارك في تأسيس مشروع لينكولن لإسقاط ترامب وانتخاب بايدن: إنه يعتقد أن الترامبوية ستبقى قلب الحزب الجمهوري.

وأضاف: «ستستمر الترامبوية والنزعة الوطنية الشعبية والسياسة القائمة على شكوى البيض المتعلقة بالهوية».
ولم يفقد ترامب جاذبيته في عيون المتدينين بمن فيهم الإنجيليون والجمهوريون المهتمون بدخلهم الذين أعجبتهم تخفيضاته الضريبية والناخبون البيض في الأغلب من غير الجامعيين والذين كانوا في وقت من الأوقات من أنصار الديمقراطيين. وكان لجعجعة ترامب وقع كبير لدى ذوي الأصول اللاتينية.

وفي مقال لوناثان تبرمان، في مجلة فورين بوليسي، فإن «نصف الناخبين الأميركيين تقريباً أيدوا كاذباً متسللاً قومياً أبيض، أخطأ بشكل مذهل في أخطر أزمة صحية منذ قرن، لقد تجاهلوا عن قصد، أو تبنوا عن قصد، قسوة ترامب الصارخة والتمييز على أساس الجنس، وافتقاره إلى المعرفة بشأن الحكومة والعالم، وازدراءه للقيم الأميركية التقليدية مثل اللعب النظيف وسيادة القانون، وحرصه على هدمه مؤسسات الحكم.

هذا يعني أن الترامبية ليست حدثاً عابراً، والرئيس الذي صعد على إيقاع أزمات العولمة وتوحش النيوليبرالية التي أعادت العالم إلى الصراعات الإثنية والقومية والدينية، لن يكون عابراً.

ترامب الذي أسس مسرح اللامعقول في السياسة الدولية، وأحاط نفسه بعصابة من الصهاينة، وعلى رأسهم سفيره في إسرائيل دافيد فريدمان، ليس حدثاً عابراً، بل هو جزء من المنظومة الأميركية التي تدعم إسرائيل بشكل مطلق، والتي لن تختلف في المضمون بوصول بايدن إلى سدة الرئاسة. ولكن مع العودة إلى لغة القفازات الناعمة، عبر الحديث عن عملية السلام. فصديق إسرائيل (بايدن) لا يريد للدولة العبرية أن تكشف عنصريتها على طريقة نتنياهو.
والأهم أن القاعدة الكبيرة التي أتت بترامب ستقاتل بحماسة دفاعاً عن بنادق زعيمها الذي يفكر مثلها.

وشعارات «أميركا أولاً»، و»لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، و»ضرورة بناء أسوار وحواجز لمنع الهجرة»، كلها شعارات لم يخترعها ترامب؛ بل هي موجودة، ولم تختف منذ تأسيس الدولة الأميركية، ولن تختفي حال هزيمة ترامب.

وتبقى نقطة في غاية الأهمية، وهي أنه على الرغم من أن دونالد ترامب كان رئيساً سمجاً وبذيئاً، ولكن أخطر ما في الأمر «أميته» التي كشف الكثير منها كتابا بوب وودوورد وجون بولتون، فهو لا يعرف شيئاً عن السياسية، ولا عن القوانين الدولية. وهو كان رئيساً من العالم الثالث حكم أميركا.

ولا نتوقع أن خروج ترامب من البيت الأبيض يعني اندثار التيار والخط الفكري الذي عبر ترامب عنه، وامتطاه خلال السنوات الأربع الأخيرة. سيجدد هذا التيار نفسه من خلال فرز عدد من الزعامات، التي اقتربت من ترامب واستفادت من كشفه لطبيعة هذه التيارات اليمينية والتعبير الصريح عن هواجسها وتفضيلاتها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اقتلاع ترامب لا يعني اقتلاع الترامبية اقتلاع ترامب لا يعني اقتلاع الترامبية



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon