الحريري يصالح بعبدا

الحريري يصالح بعبدا

الحريري يصالح بعبدا

 لبنان اليوم -

الحريري يصالح بعبدا

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

تحركت المياه الحكومية الراكدة في لبنان، ويجري التعامل مع «حجر» الحريري الذي رماه قبل أيام بقوله، أنه مرشح طبيعي للحكومة، على أنه النقطة التي سيفيض بها كأس الحكومة، وأنها مبادرة الفرصة الأخيرة، فإما يجري تلقفها والبدء العملي بمناقشتها، او ان الأمور ستذهب نحو الإطاحة ليس فقط بما تبقى من المبادرة الفرنسية بل بالحد الأدنى من هامش الاستقرار الاجتماعي على أبواب الذكرى الأولى لـ ١٧ تشرين.

بدأ الحريري يوزع رسائله، على طول الطريق إلى الخميس المقبل موعد انطلاق الاستشارات النيابية، على طريقة هبّة باردة وأخرى ساخنة، في اتجاه مختلف القوى اللبنانية، لانتزاع التأييد على تسميته. فكلام الحريري الى حزب الله ضمّنه رفضاً لدور سلاحه في الإقليم، و»لطشات» عن تأثير العقوبات على اللبنانيين جميعاً، في حين بدا كلامه مختاراً بعناية تجاه رئيس التيار الوطني الحر الذي لم ينعته بمواصفات رئيس الظل. وجاء ذلك كتمهيد لوصل ما انقطع مع الرئيس عون والتيار الوطني الحر. 

والمواقف المخففة تجاه بعبدا والتيار جاءت لإدراك سعد الحريري ان تشكيل الحكومة لا يمكن ان يمر من دون موافقة التيار الوطني.
وإلى جانب رغبة الرئيس سعد الحريري بالعودة إلى السراي الكبير، فقد جاء إعلان عن «الاتفاق الإطار» للتفاوض مع إسرائيل حول الحدود. وتولّي رئيس الجمهورية مهمة تشكيل الوفد المفاوض وإدارة مراحل المفاوضات السياسية ومسارها الدستوري حتى إقرارها، ليشكل إغراءً إضافياً للحريري كي يرأس الحكومة المقبلة، بحيث يكون الحريري رئيس الحكومة المواكبة والداعمة للوفد المفاوض، وما يمثل فرصة أن يكون شريكاً في المفاوضات ولاعباً خلال مجرياتها ومستفيداً من نتائج نجاحها.

وعملياً، فإن لقاء الحريري في قصر بعبدا مع عون يعوّل عليه الكثير وسيبنى على نتائجه خلال الأيام المقبلة، بعدما رفعت قوى سياسية أهميته إلى حدود أن جعلته بوصلة لاستئناف مسار الحركة الايجابية.

وبعد اللقاء، صرح الحريري: «لقد قلت إن هدفي هو تعويم مبادرة الرئيس ماكرون، لأنها الفرصة الوحيدة لوقف الانهيار وإعادة إعماربيروت، وأبلغت فخامة الرئيس أنني سأرسل وفدا للتواصل مع جميع الكتل السياسية الرئيسية للتأكد من أنها ما زالت ملتزمة بالكامل ببنود الورقة التي وافقت عليها في قصر الصنوبر بحضور الرئيس ماكرون. وفي صميمها حكومة اختصاصيين لا ينتمون للأحزاب، تقوم بإصلاحات محددة بجدول زمني محدد، لا يتعدى أشهراً معدودة، وهي محددة ومفصلة بورقة قصر الصنوبر، التي هي بمثابة بيان وزاري للحكومة الجديدة.

وفي الأساس، يأتي لقاء الحريري بعون بعد قطيعة طويلة دامت نحو عام، بحكم النزاع المتبادل والسقف المرتفع بين الجانبين. أكثر من محاولة جرت لطيّ صفحة الخلاف بينهما كان آخرها محاولة سبق وان عمل رئيس مجلس النواب نبيه بري على انضاج ظروفها دون أن يُكتب لها النجاح لأسباب عدّة من بينها تشدّد الحريري. وبالنسبة إلى التّيار الوطني الحرّ، كان لقاء عون - الحريري بمثابة بوصلة لتأمين ظروف لقاء الحريري - باسيل المتوقع في حال سار خط بعبدا - الوسط كما هو مخطط.

ويبحث الحريري عن تكليف في الاستشارات، لكن ذلك لا يعني ان مهمة التأليف سهلة، حيث تبرز مخاوف من إفراغ مبادرته من مضمونها حتى لو حصل التكليف، فهو سيواجه بمعادلة «سعد الحريري مقابل جبران باسيل» في الحكومة. وبشروط حزب الله، الذي سيعود الى نغمة تسمية الوزراء الشيعة، ورفض شروط صندوق النقد الدولي والضرائب الجديدة.
وبمقدار الارتياح الذي أبداه نبيه بري خلال إعلانه، عن التوصل إلى اتفاق إطار حول ترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل، هناك قلق مستمر لدى الثنائي الشيعي، بخصوص شكل ومضمون الحكومة

القادمة، في ظل هواجس طائفية وسياسية لم يعالجها الدستور ومطالب رفضها معظم الحلفاء وكل الخصوم.
وعلى حد وصف الثنائية الشيعية، فإنها تبحث عن رئيس «عاقل»، أي: من الصعوبة بمكان أن يصل إلى السراي الكبير رئيس حكومة قد يقوم، من باب رد الفعل، بما قام به الرئيس حسان دياب عندما طرح الانتخابات النيابية المبكرة المرفوضة بالمطلق من الثنائي الشيعي، الأمر الذي أدى إلى استقالته وإسقاط حكومته. والأصعب تكرار تجربة تكليف شخصية كالدكتور مصطفى أديب الذي بالغ وبعناد لافت في التزام الشروط الخارجية واتباع التعليمات الداخلية. أما المستحيل فهو السماح لرئيس حكومة فاعل، أصيلاً كان أم وكيلاً، بأن يصبح ملكاً ويجعل من لبنان مملكة.

وبالنسبة للثنائي الشيعي، فإن الحريري هو من عاد إلى الخطوط الطبيعية، و»الثنائي» لا مشكلة لديه بملاقاة الحريري في منتصف الطريق ليستبقيه إلى مائدة الحكومة ضمن الشروط التي أعلن الثنائي عنها وباتت بالنسبة إليه من الثوابت.

فالحزب، ومعه حركة أمل اللذان لم يعطيا أديب ما أراده لجهة حكومة مستقلّة يتعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون لتشكيلها، وأصرّا على الاحتفاظ بحقيبة المالية ضاربين عرض الحائط مبدأ المداورة الذي اتّفقت عليه معظم القوى السياسية، لا يبدو انهما سيتنازلان عن مطالبهما الحكومية لجهة الاحتفاظ بالمالية وتسمية الوزراء الشيعة ولو انهما «منفتحان» على المشاورات التي يُجريها الرئيس الحريري.

اليوم، يقف الحريري على رصيف الانتخابات الرئاسية الأميركية حاملاً مظلة المبادرة الفرنسية، من خلفه قيود خارجية، ومن أمامه إغراء إضافي داخلي، والتاريخ السياسي القريب يشهد أن معظم السقوف السياسية للرئيس الحريري كانت متحركة، أفقياً مع حلفائه وعمودياً مع خصومه.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحريري يصالح بعبدا الحريري يصالح بعبدا



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 10:05 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
 لبنان اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 19:03 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

إسبانيا تواجه البرتغال وديا في أكتوبر

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 19:48 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

نصائح للتخلّص من رائحة الدهان في المنزل

GMT 13:50 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

دليل "عالم المطاعم في أبوظبي" من لونلي بلانيت

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 21:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

مايك تايسون في صورة جديدة بعد عودته لحلبة الملاكمة

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 19:09 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

راين كراوسر يحطم الرقم القياسي العالمي في رمي الكرة الحديد

GMT 12:27 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

أنغام وأصالة تتصالحان وتتبادلان القبلات عقب خلاف دام 5 سنوات

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon