«حزب الله» واللعب في الساحة الخلفية في لبنان

«حزب الله» واللعب في الساحة الخلفية في لبنان

«حزب الله» واللعب في الساحة الخلفية في لبنان

 لبنان اليوم -

«حزب الله» واللعب في الساحة الخلفية في لبنان

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

غادر «بابا نويل» مودعاً الأطفال بعدما وزع عليهم هداياه، في وقت ظلت العيدية الميلادية الحكومية التي انتظرها اللبنانيون من ساستهم حبرا على ورق. بعد أن تم نسف مسودة التشكيلة الوزارية التي قدمها سعد الحريري إلى الرئيس ميشيل عون، بفعل تقاطع محلي وإقليمي، وترحيل الحكومة إلى العام القادم. بينما غادر القائمون على تشكيل الحكومة للاحتفال بعيد رأس السنة!!!

وعمليا، دخلت عملية تأليف الحكومة في لبنان «كوما»، بعدما فشلت كل المحاولات في إنعاشها، إضافة لوجود «فيروس» متحور هو رغبة عون في الاستحواذ على كل الوزارات الأمنية والقضائية في الحكومة الجديدة، من أجل تعزيز النظام الرئاسي الذي يحلم به، وحجر نفسه في قصر بعبدا، وكسر تقليدا تاريخيا بعدم حضوره قداس الميلاد في بكركي، بعدما صوب الراعي في عظته نيرانه السياسية اتجاه قصر بعبدا، بسبب إصراره على عدم الإفراج عن الحكومة، رغم وساطة البطريرك الراعي.

ولم يشفع الانهيار الاقتصادي والسياسي في لبنان، والمنحى الطائفي الذي يشق طريقه وينذر بعواقب وخيمة، والمخاوف من انفلات الأوضاع على أكثر من خلفية سياسية واقتصادية وطائفية، وفي ظل حرب الملفات والتحقيقات الجارية بانفجار المرفأ في آب، لم يشفع لدى السياسيين في لبنان، لتقديم التنازلات المطلوبة من أجل ولادة الحكومة، كشرط أساسي للجم أو إدارة الانهيار الحاصل.

ويبدو أنها نهاية العونية السياسية. بعدما انفجر نظام «المافيا والميليشيا» الذي أوصل عون إلى الرئاسة، سقط وسقط معه لبنان. وليس أدل على ذلك من تصدر بكركي والبطريرك الراعي محاولات الحل، بالاتكاء على المبادرة الفرنسية، في مقابل استشراس الطبقة السياسية في الدفاع عن وجودها ومصالحها.

العونيون يقولون، إن الهدف من وراء مسار التلكؤ الذي ينتهجه الحريري في تشكيله لحكومته الجديدة، «إظهار فشل ميشيل عون» أو عملياً القضاء على الحالة العونية في تولي السلطة وإدارتها، وبالتالي القضاء على حظوظ جبران باسيل في وراثة والد ابنته.

• لكن الحقيقة على أن الخلاف ليس كذلك، وهو أيضا لا يقتصر على تشكيل الحكومة وعلى الأسماء والحقائب والثلث المعطل، بل بدأ يتخذ مساراً يتعلق بالنظام السياسي والطائفي. وأزمة التشكيل تتمدد وتطرح أسئلة عن الحكم ومستقبل البلد واتفاق الطائف والصيغة في ظل الانهيار الذي يشهده لبنان في مؤسسات الدولة.

• حتى مبادرة الراعي، الذي تم تمييعها، كانت محاولة لإعادة إنتاج نفس السلطة في لبنان بنفس تحاصصي، وتجاوز الفراغ الذي يدق الأبواب ليس في الحكومة فحسب، إنما في رئاسة الجمهورية بعدما يصل لبنان إلى الاستحقاق الرئاسي قريبا، لكن الراعي يبدو أنه لا يمتلك عناصر الدفع اللازمة لإخراج هذه التسوية التي ستكون على حساب الإصلاح.

• وحتى إن برز فريقا عون والحريري في الصفوف الأمامية من مشهد تقاذف كرة الاتهامات المتبادلة بتعطيل تأليف الحكومة، إلا أن الأصابع تشير إلى دور كبير لـ»حزب الله»، والذي قرر اللعب في الساحة الخلفية. واكتفى بدور المتفرج طالما أن ثمّة من يضطلع بمهمة تعطيلية عوضاً عنه وهو جبران باسيل.

• لقد استطاع «حزب الله» أن يلعب في الساحة الخلفية، بعدما صور المشكلة على أنها خلاف مسيحي سني، وليس خلافا على سلاحه وهيمنته.

ويبدو أن «حزب الله» يتريث في ملف تأليف الحكومة بالشكل الذي يطرحه الحريري، وهو يفضل تمرير الأسابيع المتبقية من ولاية دونالد ترامب بأقل الخسائر، حسب ما جاء في المقابلة الأخيرة مع حسن نصر الله.

وباستطاعة «حزب الله» الاختباء وراء الفريق الرئاسي لتأخير تأليف الحكومة إلى أجل غير مسمى، طالما هناك من ينوب عنه في وضع العراقيل وتضخيم المطالب باسم حقوق المسيحيين والشراكة في اختيار الوزراء وفي تقاسم الحقائب.

وبات واضحاً أن لا حكومة في المدى القريب، لأسباب محلية وأخرى إقليمية مترابطة. إذا كانت المعضلة المحلية، أطلت بقوة في اللقاء الذي جمع عون مع الحريري،
ولم يعد خافيا من أن عون يخطط لحكومة على قياس تياره السياسي، ويريد حكومة على شاكلة حكومة الحريري الثانية في عهده، إذ إن الحريري الذي كان وضعه مأزوماً في تلك الفترة بسبب الحصار الذي فرض عليه، ولم يكن يقوى على ممارسة دوره واستخدام صلاحياته في موقع الرئاسة الثالثة، وكان يتولى وزير الخارجية وقتها جبران باسيل، دور الوزير الملك، وضابط إيقاع مجلس الوزراء متكئا على دعم عون في كل الملفات الحساسة، فيما دعم «حزب الله» كان حاسماً على كل الصعد. وهكذا كان النقاش في الموازنة وفي ملفات مثل الكهرباء التي كانت تفرض فرضاً على الحريري.

لكن سعد الحريري يقدم نفسه، اليوم، بصورة جديدة عن النسخة التي ترأست حكومتين في عهد عون، فهو يقدم نفسه، اليوم، بأنه ممثل للموقع الذي كُلف به في الرئاسة الثالثة وممثل للسنية السياسية. وواجه الحريري لاءات عون بالإصرار على موقفه من الحكومة، فرفض الثلث المعطل من عون وتياره السياسي المرتكز على الوزراء المسيحيين.

غير أن الحريري سقط في الفخ الذي نصب له، إذ تراجع رئيس الجمهورية بشكل مفاجئ عما اتفق عليه قبل يوم واحد بعد وساطة البطريرك الراعي الذي أكد له أن عون تنازل عن الثلث المعطل، ليطالب عون الحريري في اللقاء الأخير الذي جمعهما بالوزارات الحساسة بدلا من الثلث المعطل.

ووسط المعمعة الاقتصادية والمالية التي يغرق فيها لبنان وفوضى تأليف الحكومة. برز تصريح لافت لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مفاده أن «الولايات المتحدة لا تزال مستعدّة للوساطة في نقاش بناء بين إسرائيل ولبنان، رغم تباين مواقف الطرفين في مفاوضات ترسيم الحدود.

ويتساءل المحللون عن مدلولات الموقف الأميركي في هذه اللحظة تحديداً؟ وهل توجد علاقة بين ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وتأليف الحكومة اللبنانية؟
يبدو أن الثنائي الشيعي ومن خلفهما إيران الذين يمسكون بملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، أدركوا بعد صدور رزمة العقوبات الأميركية، في عز المبادرة الفرنسية، بعد انفجار المرفأ، أن جل الأمر يعود لواشنطن وليس لباريس، في حين أنها كانت تظن أن ماكرون نسق مبادرته من لبنان مباشرة مع واشنطن، وحظي بمباركتها.

وبالتالي، كان مفاجئاً ظهور المبادرة الأميركية لترسيم الحدود البحرية، في اليوم الذي سقطت به مبادرة ماكرون. حينها كانت حظوظ ترامب ما زالت مرتفعة بالفوز بالرئاسة، وحصل إطلاق مفاوضات ترسيم الحدود بضوء أخضر من طهران وكـ»دفعة على الحساب»، لإدارة ترامب حول وجود حسن نوايا.

أما، اليوم، فإيران و»حزب الله»، ينتظران الفريق الجديد في إدارة بايدن وما ستكون أولوياته. من أجل المساومة على الإفراج عن الحكومة اللبنانية، وتقديم تسهيلات في ملف ترسيم الحدود، مقابل سلسلة طويلة من المقايضات مع إدارة بايدن الجديدة.

أما اللبنانيون، فليس دورهم فقط انتظار نهاية عهد ميشيل عون الذي انتهى بالفعل، والذي انتهى معه، لبنان بأدواره الثقافية والسياحية والحضارية التي مضت ولن تعود. ولكنهم مدعوون لإعادة ابتكار معنى لبلدهم.. معنى جديد غير الذي اعتادوا عليه، في هذا العالم الصاخب، الذي تحدث فيه المتغيرات بسرعة الريح.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» واللعب في الساحة الخلفية في لبنان «حزب الله» واللعب في الساحة الخلفية في لبنان



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 02:24 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الحبوب وأكثرها فائدة لصحة الإنسان

GMT 02:03 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مشاهير عالميون حرصوا على أداء مناسك عمرة رمضان 2024

GMT 15:36 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon