سعد الحريري رئيساً مكلفاً

سعد الحريري رئيساً مكلفاً

سعد الحريري رئيساً مكلفاً

 لبنان اليوم -

سعد الحريري رئيساً مكلفاً

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

إنّها «لعبة الكرسي» التي تعيد سعد الحريري إلى السراي الحكومي في الذكرى الأولى على انتفاضة 17 تشرين الأول، وبعد عام على التمام والكمال من خروجه.
سنة مرت بكل ما شهده لبنان من تدهور مالي واقتصادي، وكأنه كتاب قلبت صفحاته ليكون الحريري رئيساً مكلفاً، بإدارة تقنية عالية الجودة لـ»الثنائي الشيعي» ودعم الحزب القومي السوري الاجتماعي، حليف دمشق، في حين امتنع التيار العوني، وحزب القوات عن تسمية الحريري.

65نائباً منحوا الحريري فيزا عودة لا تشبه أيّاً من تلك التي منحت له منذ دخوله المعترك السياسي. حتى الرجل لم يعد هو نفسه في سلوكه وأدائه وطموحه وفي الحصار السياسي والمالي الذي يعاني منه، ووصل به الأمر إلى حدّ طلب «النجدة» من الحزب القومي السوري، والتسلل إلى بعض الكتل لسحب ما أمكن سحبه من أصوات.

في العام الماضي، وفيما الثنائي الشيعي يناشده العودة الى رئاسة الحكومة برّر سعد الحريري لسائليه: وكيف أقبل من دون غطاء مسيحي، سأظهر كمرشح «أمل» و»حزب الله» و»القومي».

وشكلت تسمية الحريري من القومي مفاجأة - 3 مسيحيين - وجاءت بعد اتصال الحريري شخصيا مع أسعد حردان، بينما سماه النائب جهاد الصمد على عكس رغبة «اللقاء التشاوري»، فيما عدل النائب نهاد المشنوق قراره في اللحظات الأخيرة وسمى الحريري تماشياً مع رغبة الشارع السني.

لقد انتظر الحريري سنة ليقدم نفسه مجددا رئيسا لحكومة الاختصاصيين التي طالب بها المجتمع الدولي، بعدما غادر مركب العهد وكل ما يتصل به من تسويات وقرر الوقوف في موقع المتفرج على الانهيارات المتلاحقة في بنية النظام اللبناني.

ووجد الحريري في استقالة حسان دياب فرصة للعودة إلى الساحة السياسية من بوابة الاختصاص، ومناديا بتطبيق الورقة الفرنسية التي تنادي بالإصلاح وبإبعاد الطبقة السياسية الحاكمة عن السلطة أقله لمدة ستة أشهر، كما قال في مقابلته التلفزيونية الأخيرة.

ولكي يصل إلى ذلك، باشر الحريري بتدشين مروحة الاتصالات مع دول إقليمية، بشأن عودته إلى السراي الحكومي، ضمن صفقة تشمل، ترسيم الحدود، وتحديد العلاقة مع «حزب الله» في ظل التطورات الإقليمية ولاسيما التطبيع الإسرائيلي الخليجي.

غير أن رئيس الجمهورية ميشيل عون، الذي استشعر خطر تطويقه، بادر إلى توجيه رسالة عالية النبرة وجافة، قبل حصول موعد الاستشارات بيوم، فهم منها بأنه ليس راضيا عن عودة الحريري الى الرئاسة الثالثة، ومحملا النواب مسؤولية اختيارهم، وهو ألمح الى ان تجربة الحريري في السلطة لم تكن ناجحة.

وقرئ من بين سطور، كلمة عون، بأن الأخير ينتظر الحريري عند التأليف، بعدما اجتاز مصاعب التكليف رغما عن أنف صهره جبران باسيل، وليذكر الحريري، بأنه شريك دستوري في عملية التأليف، ولا يمكن تجاوزه.

كما وجه عون كلامه إلى الحريري، بأنه لا يمكنه وضع مكوّن مسيحي وازن «كالتيار الوطني الحر» الذي يمثل شريحة واسعة من اللبنانيين خارج الحكومة، ولا يتواصل مع رئيسه النائب جبران باسيل، وعليه ان يعود عن تعنته ويعيد التفاهم مع باسيل ليتشاركا معا في إخراج لبنان من ازمته المالية.

غير أن الحريري سارع إلى التأكيد بأنه سيعمل على «تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، التي التزمت الكتل الرئيسة في البرلمان بدعم الحكومة لتطبيقها».

هذا يعني أنّه حسم الجدل حول هوية حكومته. شطب احتماليّ الحكومة السياسية والحكومة التكنوسياسية. وحدهم الاختصاصيون مخوّلون ولديهم امتياز الجلوس الى طاولة الحكومة.
ما يعني لا مكان للحزبيين أو لحاملي البطاقات السياسية.

صحيح أن الحريري أعلن أنه يريد حكومته أن تكون من ذوات الدم الاختصاصي الصرف، لكن التمعّن في الواقعية السياسية لا يوحي بذلك إطلاقاً، بدليل أن إبرام الحريري لصفقات «تحت الطاولة» مع كتل تمثّل أحزاباً على حافة التكليف، ولن يكون مردودها حكومة اختصاصيين صافية، في أقل تقدير يُرجح أن تأتي على صفات حكومة اختصاصيين يسمون من قبل أحزابهم.

وهذا يعني أن مشاركة القوى السياسية في التسميات ليس محرّماً، ويفترض أن تتشارك مع رئيس الحكومة في طرح الأسماء وتبادلها إلى حين الاتفاق على السلة الحكومية وفق مندرجات المبادرة الفرنسية، وما يسري على الثنائي الشيعي، سيتعمم على القوى المسيحية، وفي مقدمها رئاسة الجمهورية.

وسارع جبران باسيل – الذي امتنع وتكتله عن تسمية الحريري، للقول بعد الاستشارات في مجلس النواب، إننا إيجابيون إلى أقصى الحدود، وهمنا تشكيل حكومة تستطيع ‏تنفيذ البرنامج الإصلاحي في المبادرة الفرنسية، ولم نطرح أي طلب أو أي شرط سوى ان تكون هناك، معايير موحدة في تشكيل الحكومة، أما اعتماد مكاييل ومعايير غير موحدة فهذا يؤدي الى العرقلة.

كان يمكن لهذا الاستحقاق ان يكون عادياً لولا ظروف الحكومة المقبلة والمطلوب منها. ليس صحيحاً أنها ستكون عبارة عن حكومة مهمة لفترة ستة اشهر، ولا التعاطي معها يتم على هذا الأساس بدليل خفايا الخلاف بين الحريري وباسيل وأبعاده المتصلة بالانتخابات النيابية والرئاسية لاحقاً.

فالعامل الأهم الذي يتمحور حوله تشكيل الحكومة هو ذاك الخلاف الخفي الذي يدور في فلك معركة رئاسة الجمهورية. فريق لا يرغب بعودة الحريري الى رئاسة الحكومة كي لا يكون لاعبا أساسيا عند الاستحقاق الرئاسي، ولنفس السبب لا يريد الحريري عودة باسيل الى الحكومة كي لا يفسح المجال لتعويمه سياسياً وشعبياً، وهو ما يؤمنه وجوده في الحكومة. يريده ان يصل الى الانتخابات النيابية وقد تراجعت شعبيته، خصوصاً وان موعدها يسبق الانتخابات الرئاسية.

حضرت معركة الرئاسة في تشكيل الحكومة فشعر «حزب الله» بنفسه عاجزاً عن التدخل. حتى بات يقف عند حدّي الحفاظ على تفاهمه مع «الوطني الحر» بأبعاده الإستراتيجية، وحرصه على عودة الحريري انطلاقاً من الحاجة لإيجاد حلول للأزمة المالية.

وفي خضم أزمة لبنان المالية والاقتصادية، لم يجد رئيس مجلس النواب نبيه بري لحظة مناسبة أكثر للدعوة الى مناقشة قانون جديد للانتخاب! وتزامنت دعوته مع حديث الحريري ووليد جنبلاط عن قانون جديد للانتخاب.

وامتعاض بري وجنبلاط والحريري من قانون الانتخابات الحالي جاء، لأن الحصص المسيحية الصافية في المجلس النيابي للتيار العوني والقوات اللبنانية، ارتفع عددها وتضاعف، على حساب الودائع التي كانت تحرص الكتل الأخرى على التمسك بها، وتأثيرات هذه النتائج كما أظهرت التجربة لاحقاً، بإعطاء القوى المسيحية دوراً أكبر في مفاصل الدولة، تارة بالضغط وأخرى بالحرد، مع جنوح أكثر نحو التشدد أو حتى «التعنّت» في مفاصل حساسة، أظهرت الحاجة الى مراجعة قانون الانتخاب مجدداً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعد الحريري رئيساً مكلفاً سعد الحريري رئيساً مكلفاً



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:44 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

اقتحام مقر وكالة الأنباء الليبية في طرابلس

GMT 17:17 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

بسمة تضجّ أنوثة بفستان أسود طويل مكشوف عن الظهر
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon