العقوبات تدخل الحكومة اللبنانية في كهف الانتظار

العقوبات تدخل الحكومة اللبنانية في كهف الانتظار

العقوبات تدخل الحكومة اللبنانية في كهف الانتظار

 لبنان اليوم -

العقوبات تدخل الحكومة اللبنانية في كهف الانتظار

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

إنه زمن سقوط «الأصهرة»، من الولايات المتحدة الأميركية مع صهر ترامب، وكبير مستشاريه جاريد كوشنر، إلى تركيا مع صهر أردوغان، ووزير المالية برات آلبيراق، إلى المحطة الأخيرة في لبنان، مع صهر الجنرال ميشيل عون، ورئيس تياره جبران باسيل.

لقد شكل الأصهرة في كل تلك الدول الخاصرة الرخوة للعهود الرئاسية، في الولايات المتحدة، وتركيا، ولبنان.
طبعاً، لم يكن من المتوقع بأن يطول سقوط صهر الرئيس، بل سرعان ما قام، وبادر في تسويق سقوطه وتحويله إلى بطولة وشجاعة، وركب الموجة عبر تغريدة قال فيها: لا الامتيازات أغرتني، ولا العقوبات أخافتني».

وهو بذلك يسلف حزب الله ديناً كبيراً، بأن إصراره على عدم فرط التحالف مع الحزب وراء تلك العقوبات، وأنه تلقى عرضاً سخياً، مقابل فك الحلف معه. وطبعاً معروف ثمن رد هذا الدين وهذا الجميل، وهي رئاسة الجمهورية اللبنانية.

وثمة من يلوح بيده شاكراً إدارة ترامب، وهو حزب الله، فمن خلال رزمة العقوبات التي أسقطتها عليه قد أعاد اللحمة إلى تحالف تيار عون مع حزب الله بروح جديدة، وجاءت العقوبات في وقتٍ كانت تحتاج العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ إلى دخول حجرة الصيانة.

 نشير هنا إلى أن السفيرة الأميركية في لبنان، اعتمدت في مكان آخر أسلوب الوشاية بحق باسيل، فهي حاولت الايحاء أنه كان «يفاوض» حول أثمان بيع علاقته مع حزب الله وأنه كان في صدد فك الارتباط معه.

لكن حزب الله قرر، بأن ما بعد العقوبات على باسيل ليس كما قبلها، وهو سيقف معه في مطالبه من تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، بعدما كان وقفاً على الحياد. ويعتبر الحزب بأن الحريري، حاول استخدام سلاح العقوبات التي فرضت على جبران باسيل، لدفعه إلى تقديم التنازلات، والقبول بشروط الحريري لتشكيل الحكومة، وإنقاذ المبادرة الفرنسية.

 صحيح بأن سعد الحريري راهن سابقاً على المبادرة الفرنسية وانتظرها ثم وقف متفرجاً على مسار تهاويها ثم عاد، ممسكا بها، بعد تكليفه رسميا، ثم راهن على العقوبات الاميركية وأن في إمكانها انتشال «واقع التأليف»، من قمقم بعبدا، لكنه اكتشف بأن العقوبات زادت التأليف صعوبة.

كان هناك شعور يلف ميشيل عون، وجبران باسيل، بأن ملف الحكومة والمبادرة الفرنسية، كانت تستعمل كأداة لسحب تنازلات منهم أو «سحقهم» بالمعنى السياسي، ولكن قصر بعبدا كان مرغماً يسير في رؤية الحريري لتوزيع الحكومة وهو الـ18 مقعداً، بصفة لا سياسية، ولكن ما إن صدرت العقوبات، حتى استعاد الاثنان زمام المبادرة، وانقلب عون على التفاهمات مع الحريري، وبات يسعى لحكومة من 24 مقعداً، وبعدما كان عون في واجهة التكليف، وكان باسيل يختبئ في الظل ويرسل الاشارات باتجاه قصر بعبدا خوفاً من العقوبات التي كانت بمثابة سيف مسلط على رقبته، أما بعد فرض العقوبات فلم يعد هناك لباسيل ما يخشاه، وبالتالي فهو بدأ بحجز مكان له على طاولة المشاورات الحكومية لتحقيق الشراكة الكاملة مع الحريري، ووضع يده على الحكومة.

ولقد زاد باسيل دلالاً بعد خطاب «نصر الله» الأخير بعد العقوبات، والذي أبدى فيه تعاطفاً وتقديراً كبيرين لباسيل، وشعر بأن يديه أصبحت مبسوطة في موضوع تأليف الحكومة.

وفي المحصلة النهائية يمكن القول إن خطاب نصرالله شكل نقطة تحّول في العلاقة بین الحزب وباسيل، وأن حزب الله طوى عملیاً صفحة «العماد عون» لیفتح صفحة «الوزیر باسيل»، ولتأسيس اتفاق جديد قائم على الواقعية والصراحة. وهذا على النحو الذي يُعيد تشكيل «جبهة» تتكفل بإعادة جبران إلى الحكومة ولو بعناصر تمثيلية سياسية. وهذا ما يستدرج «التسييس» إلى كل ملف التأليف، على اعتبار أن الحالة الراهنة حساسة، وهذا لن يكون في مقدور أي وزير خالٍ من الدسم السياسي تحقيقها.

لذا، بتنا عملياً في مربع حكومة محكومة أن تذهب الحقائب السيادية الأربع فيها + العدل إلى وزراء تسميهم الكتل السياسية الرئيسية. وبات الحريري من الآن محكوماً بالتفاوض تحت هذا السقف.

وهذا مربط مخاوف الحريري المستجدة، إذ أن الحريري صار يحتسب لمحاذير تشكيل حكومة تحمل بصمات «حزب الله»، تخوفاً من ان تصيبه عقوبات واشنطن، خصوصاً مع التلويح باحتمال شمولها شخصيات قريبة منه.

لقد دفعت العقوبات الأولى على وزيرين، فريق 8 آذار الى التشدد في الشروط، ما حمل مصطفى أديب الى الاعتذار عن مهمة تشكيل الحكومة، وبات الحريري يخشى بأن الموجة الثانية من العقوبات التي طالت باسيل، ستدخل الحكومة اللبنانية في كهف الانتظار.

ولم تنجح زيارة مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى إلى بيروت، موفداً شخصياً عن الرئيس ماكرون، في حلحلة العقد الحكومية، خصوصاً أن دخول الأميركي على عملية التأليف من خلال العقوبات كشريك مضارب أضعف النفوذ الفرنسي، وفخخ المبادرة الفرنسية.
وبات أكثر المتفائلين ضمن مسار التأليف لا يتوقع إنتاج حكومة في غضون الأسبوعين المقبلين! كلام من هذا القبيل ينقلنا إلى «مهلة مفتوحة للتأليف».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقوبات تدخل الحكومة اللبنانية في كهف الانتظار العقوبات تدخل الحكومة اللبنانية في كهف الانتظار



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 02:24 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الحبوب وأكثرها فائدة لصحة الإنسان

GMT 02:03 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مشاهير عالميون حرصوا على أداء مناسك عمرة رمضان 2024

GMT 15:36 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon