إدلب آخر قطعة في الكعكة السورية

إدلب آخر قطعة في الكعكة السورية

إدلب آخر قطعة في الكعكة السورية

 لبنان اليوم -

إدلب آخر قطعة في الكعكة السورية

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان لا يزال كل منهما يلصق أوراقه إلى صدره. المسرح هو إدلب. بوتين قاد هجوم قوات بشار الأسد لاستعادة السيطرة على الطريق السريع بين حلب ودمشق وتوسيع دائرة السيطرة على العاصمة الاقتصادية لسورية- حلب.

حيث إن الأولوية بالنسبة للقيصر بوتين حالياً هي لفتح الشرايين الاقتصادية لحكومة دمشق، كما أنه معني بفرض حقائق على الأرض مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية السورية في منتصف 2021، بما يسمح لروسيا كي تقود حملة علاقات عامة لـشرعنة النظام، وإعادة دمشق إلى الأسرة العربية، ويسعى بوتين لشراء أكبر كمية من الوقت يمكن من خلالها تمكين النظام السوري من بسط نفوذه على شطر أوسع من إدلب وتغيير اتفاقيات التفاوض مع تركيا، تركيا التي حاولت تنفيذ عملية محدودة في إدلب للرد على تقدم الجيش السوري وإظهار قدرتها على تنفيذ وعودها وشعاراتها بشأن دفع قوات النظام إلى خارج اتفاق خفض التصعيد.
لكن بوتين لم يعر اهتماماً لأردوغان، واستمر الكرملين بالسيناريو المعتاد ملقياً اللوم على تركيا التي تقف عاجزة عن فصل المعارضة المسلحة عن الفصائل المتشددة في إدلب، وأن روسيا لا تجد في عملية النظام السوري لمحاربة الإرهاب في إدلب تناقضاً مع اتفاق سوتشي.
وعلى الأرض، استهدفت القوات الروسية مواقع المدفعية التركية، فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن على تركيا التوقف عن دعم “مجموعات إرهابية” في محافظة إدلب.
لقد وضع أردوغان قوات بلاده في موقف صعب بمواجهة الغارات الروسية التي استهدفتها بإدلب وسط تساؤلات إن كان الرئيس التركي سيتصدى لتلك الغارات بالباتريوت الأميركي، بعد أن أدار الظهر لعلاقته بواشنطن بمنظومة الدفاع الروسية، وبعد رهان أردوغان الكامل على روسيا، وخسارة الدعم الأميركي، لجأ أردوغان إلى طلب الدعم الأميركي، ووفقاً لمسؤول تركي كبير في أنقرة، طلبت تركيا من الولايات المتحدة نشر بطاريتي صواريخ باتريوت على حدودها الجنوبية لصد أي هجوم جوي لقوات النظام السوري.
إذاً هي ليست معركة بين النظام السوري وفصائل المعارضة فحسب، بل معركة بين الحليفين الروسي والتركي ولو لم تأخذ شكل الحرب المباشرة، لكنها لا تخرج عن كونها الصدام الأول بين القوات الروسية والتركية على الأرض السورية.
لذلك لم يكن خبر استهداف قوات النظام السوري في جبلة الساحلية قرب القاعدة العسكرية الروسية ليمر عابراً لارتباطه مكانياً وزمانياً بتطورات الوضع في إدلب، وذلك بعد يومين فقط على استهداف القاعدة بطائرات مسيرة، وعلى مهلة أردوغان للنظام السوري للانسحاب من إدلب إلى خلف نقاط المراقبة التركية والتي تنتهي في آخر شباط الجاري. وإلا سيتعرض الجيش التركي لقوات النظام في كل مكان.
رغم أن أردوغان هو نفسه الذي هدد بشار الأسد أكثر من مرة وتوعد بعدم تكرار مجزرة حماة مرة ثانية، شهد بالصمت على عشرات المجازر التي ارتكبها النظام بحق الشعب السوري، وتحولت المنطقة العازلة التي نادى بها لحماية المدنيين إلى اقتطاع لأراض سورية وبسط الهيمنة التركية برفع العلم التركي على المرافق العامة، وكتابة اسماء المؤسسات والمراكز باللغة التركية فضلاً عن حكومة شكلية تجتمع في تركيا وتدير ما سمّي بالمناطق المحررة في إدلب وريفي حلب واللاذقية.
لقدد بدا تحرك روسيا، حاسماً، بقوته النارية، في «تثبيت» خريطة انتشار قوات النظام في إدلب، واستعاد السيطرة على طريق حلب الدولي متوغلاً في عمق إدلب حتى بلغ سراقب، رغم نزوح مئات الآلاف من السوريين باتجاه الحدود التركية.
  فوزارة الدفاع الروسية تريد تقديم نسخة سورية من «نموذج غروزني» القائم على «الهندسة الاجتماعية بإفراغ المدن من البشر وإعادة إعمارها وإسكانها، بما يتلاءم مع مصالحها.
وحول أزمة النازحين السوريين على حدود تركيا، تنفي موسكو، نزوح مئات آلاف المدنيين من إدلب نحو الحدود مع تركيا بسبب العمليات ضد ما يصفهم بـ «الإرهابيين»، في حين أن تركيا لن تسمح بالمقابل بدخول مليون نازح جديد إلى أرضها بل تعارك لاقتطاع منطقة من إدلب تصلها بالشريط الحدودي الذي امتدت اليه من منبج بريف حلب نحو القامشلي أقصى الشرق، في ثلاث عمليات نفذت فيها تركيا مطامعها.
ورغم أن الحديث يدور حول خلاف بين موسكو وأنقرة حول النفوذ في سورية، وتنازعها على أهم المواقع والمرافق الحيوية في أرياف حلب وإدلب، لكن الصحيح أيضاً أن ثمة معالم ومصالح مشتركة قوية تشجعهما على وأد ما يحصل من خلافات أو محاصرتها في أضيق الحدود.
نهج براغماتي أصيل عند كليهما، يفتح الباب أمام استعداد متبادل لتقديم التنازلات وتثبيت التوافقات، وتجنب دفع الأمور نحو معركة كسر عظم، ما يفسر تكرار تصريحات الجانبين عن تمسكهما بالاتفاقات المبرمة في سوتشي والأستانة، حيث أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن أنقرة لا تسعى إلى «مواجهة» مع روسيا بسبب التوتر المتزايد المتعلق بهجوم قوات النظام السوري في محافظة إدلب.
لذلك، لا يزال الباب مفتوحاً لعقد صفقة سياسية بين السلطان والقيصر، عنوانها الرئيسي خطوط تماس جديدة تكون شمال طريقي حلب - دمشق وحلب - اللاذقية مقابل انتشار القوات التركية في «منطقة خفض التصعيد» الجديدة. وفتح نوافذ سياسية بين دمشق وأنقرة، وإنشاء «غيتو للنازحين، يشبه تماماً وضع قطاع غزة».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدلب آخر قطعة في الكعكة السورية إدلب آخر قطعة في الكعكة السورية



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم

GMT 05:28 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

نسرين طافش تَسحر القلوب بإطلالة صيفية

GMT 08:42 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

اتجاهات الموضة في الأحذية لربيع عام 2022

GMT 19:00 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

سعر الذهب يصل لمستويات غير قياسية جديدة

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

زيوت عطرية تساعدكِ في تحسين جودة النوم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon