كان الاحتفال مبكراً

كان الاحتفال مبكراً

كان الاحتفال مبكراً

 لبنان اليوم -

كان الاحتفال مبكراً

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

لا شك أن حزب الليكود حقق تقدماً كبيراً في هذه الانتخابات، ولا شك أن نتنياهو قد لعب دوراً محورياً في هذا التقدم.
لم تكن الحملة الانتخابية لكل من الليكود ونتنياهو مجرد معركة انتخابية، بدت في بعض اللحظات وكأنها معركة حياة أو موت.
لم يكن نتنياهو على خطأ حين اعتبرها كذلك، ولم يكن كامل معسكر اليمين في إسرائيل يشعر ويستشعرها الا كذلك أيضاً.
وهذه الانتخابات بالذات بقدر ما كانت ـ وربما ما زالت ـ فرصة لهذا اليمين، الا انها وخلافاً عن كامل باقي القوى السياسية في إسرائيل هي ورطة كبيرة ان ضاعت الفرصة أو أفلتت من بين ايدي هذا اليمين.
تماسك اليمين كان مهماً للغاية من اجل الوصول الى «الواحد والستين» مقعداً، وما زال مهماً من أجل المناورة مع عضو هنا وآخر هناك مع هذه القائمة أو تلك.
هنا بالذات يصعب الحديث عن أساليب سياسية متعارف عليها للوصول الى الهدف. هنا في عرف نتنياهو، وعرف الليكود، وعرف كامل مصفوفة اليمين الأمر يتعلق بأحط  أشكال الابتزاز، وأخس الوسائل، وبما يتشابه كثيراً، وربما يتماهى مع الأساليب المتبعة في مافيات بداية القرن العشرين.
ومازال تماسك اليمين ضرورياً الى أبعد الحدود حتى لو فشل هذا اليمين بتأمين العدد المطلوب لتشكيل الحكومة وإنقاذ نتنياهو، ذلك ان اليمين لديه مهمة أخرى إضافية وهي منع حزب «ازرق ـ ابيض» من تشكيل هذه الحكومة او اي شخصية او حزب آخر.
احتفل نتنياهو على خجل، ولم يحرق كامل سفنه في ذلك الاحتفال المبكر، لكن شعر بما يشبه نشوة الانتصار، وكأنه في لحظات معينة اتضح ان الأمور في طريقها إلى الحل.
الآن يمكن القول ان ذلك الشيء الذي يشبه نشوة النصر قد تلاشى بالكامل، والأمل بأن يشكل الحكومة بدأ يختفي، رويداً رويداً، وانقاذ نتنياهو تحول الى مهمة صعبة.
استمالة مجموعة من أعضاء الكنيست من بين صفوف «ازرق ـ ابيض» ما زال ممكناً نظرياً، أما استمالة أحد أعضاء حزب العمل فيبدو انها أصبحت بلا جدوى طالما ان هذه الاستمالة لا تؤدي إلى تشكيل الحكومة. اليمين في إسرائيل تكتل حول نتنياهو على الرغم من العبء الأخلاقي لهذا الموقف، بسبب ذلك الربط المحكم بين بقاء نتنياهو، ودوره في قيادة حكومة يمين، وبين بقاء اليمين في الحكم أو التشظي المحتوم بدون سدة الحكم في إسرائيل.
وإذا فشل نتنياهو خلال أسبوع واحد أو عشرة أيام بدءاً من صباح هذا اليوم في إيجاد مخرج لتشكيل الحكومة فإن مصيره المحتوم هو العزل او الاعتزال او السجن.
العزل لأن القائمة المشتركة مع تحالف حزب العمل وحزب «ازرق ـ ابيض» وحزب ليبرمان لديهم أكثر من واحد وستين عضواً للمطالبة بعزله، أو منع ترشحه.
لو تأكد هذا التوجه فالعزل يصبح مؤكداً.
الاعتزال هو ان يذهب نتنياهو بنفسه الى النائب العام ويعقد معه صفقة للاعتزال السياسي مقابل إسقاط التهم، او ضمان عدم الذهاب الى السجن على أقل تقدير.
أما إذا ركب نتنياهو رأسه، وأصر على انه يواجه «مؤامرة»، وان الذي يجري ضده هو «انقلاب» كما أشاع ويستمر في التحريض ضد جهاز الشرطة والنيابة العامة والمستشار القضائي، فإن احتمال الذهاب الى السجن يصبح هو المرجّح.
بكل هذه المعاني فقد كان الاحتفال مبكراً، وما كان لشخص مثل نتنياهو أن يقبل بخداع نفسه وخداع جمهور الليكود. كل القوى السياسية تشعر بخيبة الأمل، وعلى رأس كل القوى حزب «ازرق ـ ابيض»، الذي لم يتمكن من التقدم، ولم يتمكن من المحافظة على قوته في الانتخابات السابقة.
كل القوى تراجعت إلا «شاس»، والقائمة المشتركة، والتقدم الذي أحرزه الليكود كان مهماً، ولكن ليس إلى درجة تحقيق الهدف.
وبما أن تقدم «شاس» هو في المحصلة لمصلحة تحالف اليمين، ولمصلحة نتنياهو، فإن تقدم «المشتركة» بمقعدين وملامسة خط التماس لعدة مرات للمقعد الثالث هو الضربة القاصمة التي وجهت لنتنياهو. وحدها القائمة المشتركة هي التي ركلت اليمين، ووحدها أفقدت هذا اليمين صوابه وتوازنه.
صحيح أن القائمة المشتركة أبقت لليمين حتى هذه اللحظة بصيص أمل خافتاً، وصحيح أنها «المشتركة» لم تحسم المعركة نهائياً، الا ان الواقع يقول بكل وضوح ان هذه القائمة بدعم غير مسبوق من جماهير شعبنا قد ردت لهذا اليمين ولنتنياهو الصاع صاعين على حملات التحريض على شعبنا وعلى قيادته هناك.
بلغت نسبة المشاركة الفلسطينية في هذه الدورة من الانتخابات حوالي 68%، وهي نسبة عالية للغاية وتفوقت عن النسبة السابقة بحوالي 9 نقاط.
وبلغ تأييد «المشتركة» من الأصوات الفلسطينية ما يقارب الـ89% وتجاوزت هذه النسبة الـ90% في بلدات كثيرة. لاحظ القاصي والداني كيف واصلت قيادة الجماهير العربية في الداخل الليل بالنهار جنباً إلى جنب مع قيادات المشتركة، وخصوصاً زعيمها أيمن عودة، وكيف وصلوا الى كل بيت وركن وزاوية إيماناً منهم بخطورة المرحلة، وأهوال التحديات القائمة والقادمة. وإذا قدّر لهذه الانتخابات ان تودي بالحياة السياسية لنتنياهو، وان تشتت معسكر اليمين في إسرائيل، وان تمنعه من المضي قدماً في برنامج الضم والتوسع والاستيلاء التوسعي، وأن تحبط مخططاته «للتخلص» من أهل المثلث درءاً لأخطار الديمغرافيا الفلسطينية على المشروع الصهيوني، فإن التاريخ الفلسطيني سيسجل للقائمة المشتركة ولجماهير شعبنا في الداخل صفحات مشرّفة ومشرقة وبأحرف من ذهب.
اما الصورة المحزنة والتي تدمي القلب وتبعث على اشد درجات الحزن والشفقة والغضب في الوقت نفسه، فهي صورة هؤلاء الذين كانوا «يحرضون» على المقاطعة.
أيعقل أن يصل العمى والانغلاق الأيديولوجي إلى هذه الحدود من عدم التمييز بين ما هو ضروري سياسياً في مراحل فاصلة، وبين ما هو عارض ولحظي ومؤقت؟!
أيعقل ان تكون محصلة المواقف، ومحصلة التحريض لليمين الصهيوني تنسجم وتلتقي بالكامل مع تحريض دعاة مقاطعة الانتخابات دون فرق يذكر؟!
أيمكن أن يكون 90% من شعبنا في الداخل هم من السذّج والجهلة باستثناء العباقرة والحكماء الذين واصلوا الليل بالنهار للتحريض على المقاطعة؟!
الأمل أن يعود هؤلاء عن هذا النهج الصبياني، وأن يعاودوا الانخراط في معركة شعبهم المصيرية، وأن يستيقظوا قبل أن يجدوا أنفسهم في أحضان نتنياهو وبينيت وهم غافلون.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كان الاحتفال مبكراً كان الاحتفال مبكراً



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:09 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 13:32 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 17:30 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن

GMT 19:00 2022 السبت ,14 أيار / مايو

موضة خواتم الخطوبة لهذا الموسم

GMT 04:58 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 12:27 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 15:46 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

مكياج ربيعي لعيد الفطر 2022

GMT 09:02 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

لمسات ديكورية مميزة للحمام الصغير

GMT 05:47 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الإثنين 22 أبريل / نيسان 2024

GMT 20:37 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

مجموعة من افضل العطور الشرقية النسائية لشتاء 2021

GMT 07:00 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أفضل 5 مطاعم عربية يمكنك زيارتها في برلين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon