تـطـبـيـع الـحـالـة الـوطـنـيـة

تـطـبـيـع الـحـالـة الـوطـنـيـة

تـطـبـيـع الـحـالـة الـوطـنـيـة

 لبنان اليوم -

تـطـبـيـع الـحـالـة الـوطـنـيـة

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

ليس ثمة احتمال أن تتمّ حالة مجابهة ناجحة لمشروع الضمّ المطروح على جدول الأعمال المباشر هذه الأيام في ظل ما نشهده من بؤسٍ في الحالة الوطنية.وقبل الحديث عن ترميم البيت الداخلي، وإعادة ترتيبه، وقبل الذهاب إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وقبل التقدم باتجاه تفعيل مؤسسات العمل الوطني وإرساء كامل للنظام السياسي الفلسطيني على أسس ومرتكزات قوية وراسخة، وقبل أن يتم استكمال بناء شراكة وطنية حقيقية، قادرة على تحمّل الأعباء الوطنية الثقيلة.. قبل كل ذلك نحتاج على ما يبدو إلى ما أسمّيه تطبيع الحالة الوطنية.

وعندما ندعو إلى تطبيع الحالة الوطنية فإننا نقصد أن الحالة القائمة ليست طبيعية بأي حال.كما نقصد أن الذهاب إلى الملفات الكبيرة في استعصاءات الحالة الوطنية يحتاج إلى وقت، وإلى ظروف «مواتية» أكثر مما هي عليه هذه الظروف، كما يحتاج إلى حوارات وتمهيدات يصعب توفيرها للفترة الحرجة والحاسمة التي تتعلق بالضمّ.لم تتقدّم الحالة الوطنية قيد أُنملة بالرغم من الإعلان عن «صفقة القرن»، ولم تتزحزح سنتمتراً واحداً عندما تم الإعلان عن «الصفقة» ونشرها. تماماً كما لم يؤدّ نقل السفارة للقدس إلى تحريك شيء يعتدّ به على هذا الصعيد.

لم يتوفر من الظروف «المواتية» لترميم الحالة الوطنية، بالرغم من كل هذه الأهوال، وبالرغم من كل هذه المخاطر والتحديات شيء يمكن الاعتماد عليه والاستناد له في قراءة الحالة الوطنية في المدى المباشر.بل على العكس من ذلك كله؛ إذ ازدادت حالة التردي، وازدادت العلاقات الوطنية تأزماً، واستشرَت مظاهر الخصومة على درجة العداء الصريح أحياناً، وتفاقمت أزمة الثقة، وتحول الصراع على جبهة المحورة والتجاذب، وخلق البدائل والموازيات، والصراع على التمثيل والشرعية إلى معارك مفتوحة، وإلى ساحات للتراشق الإعلامي، والتنابز بالألقاب والصفات والمواصفات على اختلاف أنواعها وأعيرتها، وانفلات كامل في استخدامها وتوظيفها.

لا يعقل والحالة هذه أن نتوقع الانتقال الجاد نحو بحث الملفات الكبرى لترميم الحالة الوطنية من زوايا المؤسساتية والشرعيات وضوابط النظام السياسي كله، ومن زاوية أوضاع المنظمة والسلطة وقضايا التمثيل الشرعي والموحد، ووحدة السلطة وإنهاء كل مظاهر الازدواجية فيها.. لا يعقل قبل تطبيع الحالة الوطنية.وإذا كنّا نتحدث الآن واليوم عن مجابهة مشروع الضمّ، فإننا من حيث مقياس الزمن أمام أقل من شهرين لاتخاذ القرار بشأنه والبدء بتنفيذه على الأرض من قبل إسرائيل وإدارة ترامب. والأمر هنا لا يقع ضمن دائرة التوقع والتخمين، بقدر ما أن المعلن عنه فاضح وواضح، وسعي الإدارة الأميركية ودعوتها للمسارعة به مفضوح حتى وصل الأمر إلى توقع وصول وزير خارجية الولايات المتحدة إلى إسرائيل على جناح السرعة، بعد أن كان السفير فريدمان قد استبقه بالحديث المباشر حول أهمية عامل السرعة والزمن في مشهد غير مسبوق من قبل الإدارة الأميركية من السباق مع هذا الزمن.

تطبيع الحالة الوطنية يحتاج إلى إيجاد صيغة لحوار وطني سريع بمشاركة الجميع دون استثناء وفي مدى زمني لا يزيد على أسبوع واحد.يمكن أن يتمخض عن صيغة كهذه توجهات بعقد دورة للمجلس المركزي بحضور كافة المشاركين في الحوار، وعلى أن تعقد هذه الدورة، إذا ما تم التوافق على عقدها بعد عطلة عيد الفطر مباشرة، إذا كانت «الحالة الصحية في البلاد» تسمح بذلك، أو أن يتم عقد اجتماعات متتالية لتنفيذية المنظمة بحضور كافة الفصائل المشاركة في دورة الحوار.

وربما يحتاج الأمر إلى أشكال مبتكرة للشروع في هذا الحوار، وليس مهماً أين يعقد وكيف بقدر ما أن الحوار والجلوس على طاولته أصبح من الضرورات المباشرة للحالة الوطنية ولتطبيع هذه الحالة.
عندما يلتئم الحوار، وإذا ما توفرت نوايا صادقة نحو تطبيع الحالة الوطنية تمهيداً لإعادة بنائها من جديد شرعياً ودستورياً ومؤسساتياً، فإن شكل الشراكة الوطنية لمجابهة مشروع الضمّ يصبح مهماً وحيوياً بقدر ما يوفّر من عناصر المجابهة، وبقدر ما يحشد من طاقات.لنترك لجلسات الحوار إن عقدت أن تختار، وسنساهم مع الكثيرين في إنضاج وبلورة الخيارات والتوجهات في حينه وذلك بالاستناد إلى الحقائق والمتغيرات والمستجدات التالية:

أولاً: تدخل السلطة الوطنية في مرحلة «الضمّ» ومعها مرحلة جديدة أشبه بالمرحلة الانتقالية زمنياً ووظيفياً. فإما أن تتصدى وتقاوم مشروع الضمّ لكي تخلق وقائع سياسية جديدة لا تقوى إسرائيل على المغامرة بسحقها، أو أن تراهن هذه السلطة الوطنية على «التعايش»، مع بقائها كسلطة لحكم ذاتي محدود ومقلص ومحاصر وتحت الضغط والابتزاز المباشر، أملاً في توفّر وتوفير ظروف أفضل إقليمياً ودولياً، وبذلك تغامر في تحلل دورها واضمحلاله من هنا وحتى نهاية السنوات التي حددت في الخطة الأميركية، وهي سنوات أربع على أبعد تقدير.

ثانياً: في الخطة التنفيذية للضمّ توضع السلطة الوطنية تحت اختبار [الجدارة والاستحقاق]، فإما أن تتكيف مع «دولة» فلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية، أو تجهيز البدائل عن هذه السلطة من قوى تقليدية، عشائرية وحمائلية واقتصادية مرتبطة بصورة وثيقة بالاحتلال، لكي تتولى السلطة في المعازل الفلسطينية المنوي إقامتها.

ثالثاً: في نفس الوقت وبنفس الوتيرة يتم العمل على تحويل قطاع غزة إلى حالة «مستقلة» ومنفصلة تمثل الكيان «الرسمي» للفلسطينيين، وتلحق المعازل الفلسطينية بهذا الكيان إدارياً، دون أن يكون هناك تواصل مباشر إلاّ عَبر الاحتلال وأدواته اللوجستية المباشرة.

رابعاً، في حال ان قبلت حركة حماس بهذا الدور فإن الخطة الأميركية تقوم على معالجة المشكلات الحياتية للقطاع، وستقوم بتسمين الدور السياسي لحماس، وسيتم التعامل معها باعتبارها «الكيان الوطني» للفلسطينيين.
كل شعارات العالم الرنّانة عن المقاومة وعن التصدي للخطة الأميركية و»للعدو» الصهيوني لن تتمكن من تغيير الواقع الذي يتم التخطيط له وإعداده وتجهيز تحويله إلى أداة رئيسة من أدوات تنفيذ مخطط تصفية القضية الوطنية الفلسطينية.

خامساً: لا يوجد، ولم يكن موجوداً سابقاً ولن يوجد لاحقاً شيء اسمه الذهاب إلى مشروع الدولة الواحدة.

هذه أوهام فلسطينية قاصرة ومعتلّة فكرياً وسياسياً.لن تعدم إسرائيل الوسائل للفصل التام بين الأرض والسكان. وهي لن تسعى بالمطلق لضم ولا مواطن واحد.والانتقال بعد فشل «حل الدولتين» إلى مرحلة بدء «حل» الدولة الواحدة بصورة تلقائية أو توقّع التحول بهذا الاتجاه هو الخيار الأسوأ من بين كل الخيارات السيئة، لأنه سيعطي لإسرائيل فرصة ترسيم الضم وتحويله إلى آليات مباشرة لإعادة هندسة الديمغرافيا الإسرائيلية تحت نظام من الفصل العنصري التام مع فارق وحيد عن حالة جنوب افريقيا وهو: في جنوب افريقيا كان النظام مرفوضاً من أساسه وكانت تتم مقاومته على هذا الأساس.في حالتنا (إذا اعتبرنا خيارنا هو خيار الدولة الواحدة) فإن هذا النظام سيكون «مقبولاً» ولكننا سنحاول مقاومته.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

كيف سنواجه خطة "الضمّ"؟

«الضمّ» وما سيترتّب عليه

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تـطـبـيـع الـحـالـة الـوطـنـيـة تـطـبـيـع الـحـالـة الـوطـنـيـة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 09:07 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

صفقة نفطية لشركات أجنبية تُفجر خلافاً واسعاً في ليبيا

GMT 10:20 2023 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

الجينز واسع والألوان الجريئة أبرز صيحات الموضة لعام 2024

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 19:50 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة السيدة الأميركية الأولى السابقة روزالين كارتر

GMT 00:54 2023 الخميس ,27 إبريل / نيسان

أفضل الإكسسوارات والمجوهرات لهذا الموسم

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان

GMT 15:38 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

150 شركة تبدأ إضرابًا في إسرائيل أبرزها "ماكدونالدز"

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 19:00 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

سعر الذهب يصل لمستويات غير قياسية جديدة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon