ليس بعد الضم ذنب

ليس بعد الضم ذنب !

ليس بعد الضم ذنب !

 لبنان اليوم -

ليس بعد الضم ذنب

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

منذ احتلالها للضفة؛ لأرض دولة فلسطين عام 1967، وإسرائيل تواصل زرع المستوطنات، وتقيم من أجل بقائها، البنى التحتية من أجل تواصلها، وبعد أن كانت تفاوض الطرف الفلسطيني خلال السنوات الماضية، على أساس التفريق بين المستوطنات الكبيرة مثل معاليه أدوميم، غوش عتصيون وأريئيل، لدرجة أن الطرفين كانا على وشك الاتفاق على تبادل أراض ما بين 3_5%، حيث أن مساحة كل المستوطنات هي أقل من 2%، يجري حديث الضم هذه الأيام عن ضم نصف المنطقة المصنفة ج أي نحو 30% من مساحة الضفة الغربية دون القدس، وذلك بسبب ضم المستوطنات النائية والمتناثرة، وقليلة العدد بساكنيها، بسبب ربطها بشبكة الطرق والبنى التحية بإسرائيل، وهذا في حقيقة الأمر، يعني تحقيق هدف منع إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث يستحيل مع الضم بهذا الشكل إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتصلة، كما كان قد قال قبل عدة سنوات الرئيس الأميركي الجمهوري جورج بوش الابن !

كانت إسرائيل على الأرض وطوال سنوات حكم اليمين تواصل هذه السياسة، بشكل حثيث ودائم، فيما كان الإعلان الرسمي يحتاج إلى ظروف إقليمية ودولية مناسبة، ترى إسرائيل أنها باتت مواتية حاليا، لذا فبعد نحو ست سنوات من وقف التفاوض، وبعد تربع إدارة منحازة جدا لليمين الإسرائيلي في البيت الأبيض، فإن إسرائيل أخذت تفصح دون تلعثم عن هدفها دون أن يعني ذلك بأنها ستضع حداً أخيراً لحدودها الخارجية، كما صرحت بذلك أوساط أميركية مؤخرا، لكن ما لا بد من قوله هنا، بأن ضم أراض بقوة الاحتلال يقطع الطريق تماماً على الحل السياسي السلمي التفاوضي، وهنا لا بد لنا من استحضار التجربتين المصرية والأردنية مع إسرائيل.
فبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، نشأ الخلاف المصري/الإسرائيلي حول طابا، ورغم أن مساحة سيناء تعتبر ضعف مساحة فلسطين الانتدابية كلها، ورغم أن مساحة طابا، لا تشكل شيئا من مساحة سيناء، إلا أن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل تعلقت بعقب طابا، وبعد ثماني سنوات من اللجوء للقضاء الدولي، استقرت اتفاقية السلام بين الجانبين، بعد أن عادت طابا إلى مصر.
كذلك كان الحال مشابها مع اتفاقية وادي عربة، بين الأردن وإسرائيل، فبعد أن مضت مدة 25 سنة على تأجير الغمر والباقورة، وهما منطقتان صغيرتان بالمساحة، ضغط الشارع الأردني، لعدم تأجيرهما مجددا، وكادت تطير اتفاقية وادي عربة، لو أصر الجانب الإسرائيلي، على الاحتفاظ بهاتين المنطقتين، لكنه رضخ لواقع القانون الدولي، وسلم المنطقتين لأصاحبهما، حيث رفع العلم الأردني خفاقاً فوقهما.
مجمل القول بأنه لا يمكن أن يستوي السلام بين طرفين واحدهما يواصل احتلال مناطق تعود للطرف الآخر، ولعل في واقع حال تايوان وهونغ كونغ، ما يشير إلى أحد أشكال ومظاهر التوتر بين الولايات المتحدة والصين، منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، كذلك كان الحال فيما يخص الجولان وشاطئ طبريا الذي حال إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بجزء منه دون التوصل لاتفاق السلام مع سورية/حافظ الأسد، قبل سنوات، وكذلك يحول احتفاظ إسرائيل بمزارع شبعا دون التوصل لاتفاق سلام مع لبنان .
ما تفعله إسرائيل كدولة احتلال، وليس بعد الاحتلال من ذنب أو كفر، وذروته أن لا يكون الاحتلال مجرد نتيجة لحرب أو لخلاف حدودي بين دولتين، ولكن أن يتبعه إعلان بأن «غنيمة الحرب» قد صارت ملكاً للمنتصر فيها، يشبه السطو على بنك، ومحاولة تبييض الأموال المسروقة منه، ولهذا فأن يمر مثل هذا الأمر، يعني بأن قانون الغاب قد صار حاكماً وحكَماً بين الناس، ولعل حساسية أوروبا التي شهدت حروبا داخلية طاحنة بين دولها في القرنين التاسع عشر والعشرين بسبب قيام بعض الدول بضم أراض أو مقاطعات لها، يجعل من الجرم الإسرائيلي المتعلق بضم مناطق من الضفة الغربية، مناسبة لتذكيرها وهي التي تعرف ذلك جيدا، بأن ذلك ما هو إلا وصفة لإطلاق العنان لنزعة الحرب، بل ولإشعال النار مجدداً في الشرق الأوسط كله.
في حقيقة الأمر، أوروبا تبدو كما لو كانت «الزوج المخدوع» من قبل إسرائيل وأميركا، فهي دعمت اتفاق السلام الذي جرى على أرضها، في أوسلو، وكانت الممول الرئيسي لهذا المنحى، وهي تعتبر أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمثابة حديقة خلفية لها، وأن الوضع في هذه المنطقة، الأمني منه خاصة يؤثر بشكل مباشر وتلقائي عليها، ذلك أن الحروب التي فجرتها وساعدت عليها إسرائيل وأميركا من العراق إلى ليبيا، وسورية دفعت بملايين المهاجرين إليها.
والمتضررون كثر، فإن ترفق إسرائيل قرار ضم المستوطنات بضم غور البحر الميت يعني بأنها قد دفعت بجيشها إلى الحدود مع الأردن، وأن فلسطين لم تعد بمثابة جدار صد أمام الأطماع الإسرائيلية تجاه الحدود الشرقية، لذا فإنه يمكن بل لابد من الذهاب إلى أعلى درجة من التنسيق بين فلسطين والأردن، وصولا لعقد اتفاقية دفاع مشترك، مثلا، وحتى يمكن هذا مع كل دول الجوار الأخرى، مصر وسورية ولبنان .
إسرائيل التي تريد تمرير الإعلان بأقل الخسائر، تتلاعب بالألفاظ وتقول تطبيق القانون الإسرائيلي كما قال أبا ايبان وزير خارجيتها بعد إعلان ضم القدس عام 67، لكن بعد إعلان م ت ف الانسحاب من الاتفاقيات مع إسرائيل وأميركا، فإن الرد العملي ضد قرار الحكومة الإسرائيلية المرتقب على إعلان الضم، وحتى يتحول الرفض الأوروبي من القول إلى الفعل، لابد من المواجهة الميدانية، وهذا امتحان للفصائل، وعلى مستوى رد الفعل الميداني ستتوقف حدود الرد الأوروبي، الذي يمكن أن يتراوح بين فرض العقوبات على إسرائيل والاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67، وبين أن يعتبر الخطوة الإسرائيلية مجردَ خرق للقانون الدولي، وعلى فلسطين أن لا ترتجف، ففرنسا أعلنت الجزائر لمدة 130 سنة جزءاً من فرنسا، ثم انسحبت بعد حرب التحرير الجزائرية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس بعد الضم ذنب ليس بعد الضم ذنب



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:03 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

العالم على موعد مع أول "تريليونير" في التاريخ خلال 10 سنوات

GMT 06:56 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أخطاء تجنبيها للظهور بصورة أنيقة ليلة رأس السنة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon