هل تنجح أميركا فيما فشلت فيه إسرائيل

هل تنجح أميركا فيما فشلت فيه إسرائيل؟

هل تنجح أميركا فيما فشلت فيه إسرائيل؟

 لبنان اليوم -

هل تنجح أميركا فيما فشلت فيه إسرائيل

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

ما أن فتح الباب وإن كان موارباً، حتى أطلت العنصرية البغيضة في الولايات المتحدة برأسها القبيح، وبعد أن ظهرت جلية وحشية الشرطة الأميركية البيضاء، في عملية قتل المواطن الأميركي من الأصول الأفريقية جورج فلويد، أثارت واقعة موت مواطن آخر في مدينة بالمديل بكاليفورنيا الجماهير الغاضبة، التي طالبت بالتحقيق الجدي في الواقعة بعد أن أعلنت سلطات الولاية بأن وفاة روبرت فولر كانت نتيجة الانتحار، وهذا يكشف حالة التوتر التي ما زالت قائمة في الولايات المتحدة، التي ظهرت على شكل احتجاجات شعبية متواصلة، تخطت حدود البلاد إلى العديد من عواصم ومدن الغرب، حيث ظهر جلياً بأن «حقوق الإنسان» حتى في سويسرا ليست كما يجب أن تكون.

المهم في الأمر، هو أن مقتل فلويد كشف مدى الوحشية المتكئة على الجذر العنصري، لدى الشرطة الأميركية، بما يعني بأنه بعد نحو مائتي عام من الحرب الأهلية، وإلغاء الرق والعبودية في أميركا، ما زالت جذور العنصرية موجودة لدى العديد من المواطنين ذوي النفوس المريضة البيضاء، والتي وجدت فرصتها في الظهور للعلن، والتشجيع على ممارسة ما كانت لا تفكر القيام به، في السنوات التي مضت، بعد العديد من التصريحات والمواقف التي صدرت عن سيد البيت الأبيض، التي اظهر فيها كراهيته الصريحة، لكل من هم من أصول أخرى غير الأوروبية في الدولة الأميركية، وحتى لمنافسيه من الخصوم السياسيين، ولكل من هم خارج الولايات المتحدة من دول وشعوب العالم بأسره.

تذكر شخصيات مثل دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، بشخصيات قادت العالم إلى كوارث، بسبب نزعة التفوق وكراهية الآخر، وعدم القناعة بالمساواة بين الناس. وهذا يعني بأنه ما لم يتم وضع حد لشخصيات تبث الكراهية والحقد والتمييز بين البشر، مبكرا وفي الوقت المناسب، خاصة بعد وصول أمثال هؤلاء لسدة الحكم، في دول قوية لديها القنابل النووية كما هو حال الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن العالم سيدفع بعد ذلك ثمناً باهظاً، سيكون من نصيب الدول التي تنتج هؤلاء، نصيباً كبيراً، كما حدث مع ألمانيا، بعد تلك الحرب.

بالعودة إلى الأسباب المباشرة التي أدت للحرب العالمية الثانية، يمكن القول إن حرب اليابان على الصين، التي بدأت باحتلال منشوريا، كذلك احتلال ايطاليا لأثيوبيا، ومن ثم اجتياح ألمانيا لبولندا، وكان عجز عصبة الأمم المتحدة التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى عن منع تلك الدول عن التوسع خارج حدودها، سبباً في اندلاع الحرب الثانية، بعد أن تحالفت دول التوسع، ألمانيا، اليابان وإيطاليا في ما سمي بدول المحور، الأمر الذي يشبه إلى حد ما، ما يحدث حالياً، حين نلحظ عجز الأمم المتحدة عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، ولأراضي دول عربية أخرى، فيما التحالف بين أميركا/ترامب وإسرائيل/نتنياهو صار بلا حدود، وبشكل صريح وفظ، خاصة بعد إعلان صفقة ترامب.

التاريخ لا يكرر نفسه، نظراً لاختلاف الظروف، وحرب عالمية اليوم تعني دمار البشرية، بسبب تسلح العديد من الدول بالقنابل النووية، لذا فان المجال الاقتصادي بات هو ساحة الحرب حالياً، لكن ما زال الوقت يسمح باحتمال ردع تلك القوة المدمرة عن التحكم بقدر البشر، ولعل إخفاق بنيامين نتنياهو خلال العام الماضي وبعد ثلاث جولات انتخابية في الفوز مجددا، والتحكم بمقود السياسة الإسرائيلية، كان دليلاً على ما يشعر به المجتمع الإسرائيلي من خطر قادم، ناجم عن بقاء ذلك الرجل في سدة الحكم، ولعل اجتماع الخصوم السياسيين المختلفين ما بين يسار وأمن وبعض اليمين على بند إسقاطه، كان يعبر عن ذلك، لكن النتيجة كانت، هي أن تدخل ترامب أبقى على حليفه نتنياهو في الحكم لمدة عام ونصف آخر، بهدف تمرير احتلال ارض دولة فلسطين، وضمها إلى أرض «دولة إسرائيل».

لم تنجح محاولة وقف نتنياهو من داخل إسرائيل، نظراً إلى أن «تداول الحكم» في الدولة التي تدعي الديمقراطية لم يعد قائماً منذ عقود، وقد فشلت محاولة الوسط أن يكون بديلاً عن اليسار، حتى وهو يتحالف مع جنرالات الجيش السابقين ومع الحزب اليميني الليبرالي «إسرائيل بيتنا»، لذا فان الولايات المتحدة باتت اليوم على مفترق طرق، فهل ينجح الحزب الديمقراطي فيما فشل فيه خصوم نتنياهو في إسرائيل، أي في إسقاط دونالد ترامب، ووقف عملية جر العالم لأجواء الاحتقان السياسي، كما كان حاله عشية الحرب العالمية الثانية؟!

في أميركا ما زال الحزب الديمقراطي قوياً، وقادراً على الاستمرار في منافسة الحزب الجمهوري على تداول السلطة، وهو على حال مختلف عن حزب العمل الإسرائيلي، وقد جاءت الظروف مواتية له فيما يخص استحقاق الثالث من تشرين الثاني القادم، خاصة بعد ما أحدثته «كورونا» من انكماش اقتصادي، وما أحدثته واقعة مصرع فلويد من احتجاج شعبي، لذا فان المعادلة الدقيقة باتت تتأرجح حول صفقة ترامب التي تكثف الشراكة بين ثنائي الكراهية والتمييز العنصري، وتحديدا ببندها الخاص بضم الضفة الغربية، حيث يجمع العالم كله، على رفضها في مواجهة الثنائي الوحيد الذي يقول بها، بشكل يضرب عرض الحائط ليس بقرارات الأمم المتحدة وحسب، بل وبالقانون الدولي كله ومن الأساس.

إن إسقاط ترامب بعد خمسة شهور من الآن، سيمنع كارثة محدقة بالعالم، ومن ضمنه الولايات المتحدة نفسها، وسيساعد على طرد نتنياهو من الساحة السياسية الإسرائيلية، في الوقت الذي يشكل فيه التشبث بقرار الضم، خشبة الخلاص لكليهما، وهنا تبدو الأيام القليلة القادمة فاصلة، فالمعارضة الدولية لا تكفي لردع ثنائي الشر عن جريمته الوشيكة، لذا لابد من فعل رادع جدي وحقيقي، لمنع كارثة لن تقتصر على «التضحية» بالشعب الفلسطيني، فتقديم فلسطين قربانا لوحش الكراهية، سيطلق مارد  حرب متعددة الأشكال والساحات، لن ينجو العالم من تبعاتها لعقود قادمة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تنجح أميركا فيما فشلت فيه إسرائيل هل تنجح أميركا فيما فشلت فيه إسرائيل



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 22:08 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

حملة ميو ميو لصيف 2021 تصوّر المرأة من جوانبها المختلفة

GMT 15:01 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.6 يضرب منطقة شينجيانج الصينية

GMT 12:38 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يجدد عقد خليفة الحمادي 5 مواسم

GMT 18:03 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصاميم ساعات بميناء من عرق اللؤلؤ الأسود لجميع المناسبات

GMT 14:06 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

إتيكيت عرض الزواج

GMT 19:33 2022 السبت ,07 أيار / مايو

البنطلون الأبيض لإطلالة مريحة وأنيقة

GMT 11:29 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف

GMT 10:06 2022 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار الأحذية النود المناسبة

GMT 11:21 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نجم تشيلسي أندي تاونسند يعتقد أن صلاح فقد الشغف

GMT 21:17 2023 الإثنين ,20 آذار/ مارس

إطلالات عملية تناسب أوقات العمل

GMT 19:34 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

ملابس صيفية تساعدك على تنسيق إطلالات عملية

GMT 16:05 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 07:36 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon