صدّام حسين رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم

صدّام حسين: رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم!

صدّام حسين: رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم!

 لبنان اليوم -

صدّام حسين رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

«أنا نادم على تحطيم التمثال».

هكذا قال المواطن العراقي كاظم الجبوري أشهر عراقي هاجم تمثال الرئيس العراقي السابق، صدّام حسين، المضُحّى به في عيد النحر يوم 30 ديسمبر (كانون الأول) 2006.

في يوم 9 أبريل (نيسان) 2003 شاهد مئات الملايين حول العالم، جنود المارينز الأميركي وهم يسقطون تمثال صدّام المهول، الذي كان يبلغ ارتفاعه 12 متراً، وينشرون علم أميركا على وجه صدّام... البرونزي.

كان البطل الرياضي الآسيوي، كاظم الجبوري، هو العراقي الأشهر حول التمثال في ذلك اليوم، من أيام بغداد العصيبة... وما أكثرها في روزنامة التاريخ!

في مقابلة مع برنامج «حكايتي» على شاشة «العربية» تمنّى كاظم، أن يعود صدّام، مع أنه، كما قال، كثيراً ما تمنّى قبل الغزو الأميركي تحطيم تمثال الرئيس كونه قتل كثيراً من أفراد عائلته.

لماذا يا كاظم؟

يجيب - بعد مرور أكثر من 20 عاماً على ذلك اليوم - بأن حال العراق كانت أفضل كثيراً أيام حكم صدّام مما هي عليه اليوم، في إشارة إلى الأحزاب السياسية التي تولّت السلطة بعد الغزو.

هذه الأحكام تنتمي إلى ما يُعرف بـ«الحكم بأثرٍ رجعي»؛ أي الحكم على الماضي بخبرة اليوم، ونتائج اليوم، وهذا ظلم للماضي، وجهل بالحاضر.

الحال أن صدّام حسين لم يكن الحاكم المثالي للعراق، وله حماقات كبرى، يكفي منها غزو الكويت الذي جرّ عليه، وعلى العراق، وعلى العرب، كل هذه المصائب الاستراتيجية.

لو عُدنا لمسيرة صدّام السياسية في العراق، منذ محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم 1959 إلى لحظة خنق الميليشيات الطائفية له، لوجدنا حصاداً، ليس بذاك المثالي.

نعم عهد صدّام، ليس كلّه سيئاً وشيطانياً، كما هي دعايات الأحزاب الشيعية الطائفية، ومن يصدّق «خرابيطهم» السياسية، وخرافاتهم التاريخية، ففي عهد صدّام كانت البنية التحتية جيدّة، والخدمات كذلك، كان الأمن متوفّراً، وكان العراق بعيداً عن الطائفية، بالمعنى التمييزي، وكان جملة من قادة حزب البعث والدولة، من جذور جنوبية شيعية.

صدّام لم يكن طائفياً، كان حاكماً حديدياً، يقضي بشراسة على كل من يهدّد حكمه ومصلحة العراق - حسبما يتصّورها ورفاقه - شيعياً كان أو سنّياً أو كردياً، لا فرق أمام قبضة صدّام في ذلك.

الواقع أن التاريخ سلسلة حلقات متصلة ببعضها، فأخطاء العهد القاسمي (عبد الكريم قاسم) أفضت لبزوغ العهد البعثي، وعثرات العهد الملكي، تحت قيادة نوري باشا والوصي عبد الإله، قادت إلى حكم الضبّاط شبه الشيوعيين بقيادة قاسم.

هذا أمر - وهو يسري على كل التاريخ - والأمر الآخر، أننا يجب أن نحكم على الشخصيات والعهود والسياسات ضمن سياقها الزمني.

لا يمكن لنا إدانة الإمبراطوريات القديمة مثل الرومان والفرس والبيزنطيين والعرب، بدعوى أنهم لم يحاربوا الرقيق، أو ينصروا حقوق المرأة، أو يحترموا حدود الدول... هذا كلام فارغ من العلم والعقل، لأن كل هذا الأمور «حدثت» بعد أن لم تكن حادثةً أو مُفكَّراً بها حينذاك.

وعليه، فإن الواقع العراقي البئيس اليوم، تحت حكم الجماعات والميليشيات الطائفية الرثّة، وغيرهم من فسَدة السياسة وناهبي المال العام، لا يسّوغ المديح المُطلق لصدّام وزمن صدّام.

إلا إذا كان ذلك على سبيل التسلّي ومواساة النفس الجريحة، على طريقة الشعر المنسوب للخليفة علي بن أبي طالب:

عَجباً للزمان في حالَتَيهِ / وبلاءٌ ذهبتُ مِنهُ إِلَيهِ

رُبَّ يَومٍ بَكَيتُ منهُ فَلمَّا/ صرتُ في غيره بكيتُ عليهِ!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صدّام حسين رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم صدّام حسين رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 02:24 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الحبوب وأكثرها فائدة لصحة الإنسان

GMT 02:03 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مشاهير عالميون حرصوا على أداء مناسك عمرة رمضان 2024

GMT 15:36 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:38 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح عند اختيار طاولات غرف طعام مستديرة

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:47 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفكار لارتداء إكسسوارات السلاسل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon