لبنان والأمل الذي لا شفاء منه

لبنان والأمل الذي لا شفاء منه!

لبنان والأمل الذي لا شفاء منه!

 لبنان اليوم -

لبنان والأمل الذي لا شفاء منه

رضوان السيد
بقلم: رضوان السيد

عدتُ إلى لبنان في إجازة الربيع، فشهدتُ الاشتباكات في كل شيء وعلى كل شيء.. من الصراع على التوقيت الصيفي أو الشتوي، إلى صراعٍ على صفقةٍ لزيادة مباني المطار أو توسيعه، إلى إضراباتٍ لمتقاعدي الجيش، إلى الإضراب المتمادي لموظفي شركات الاتصالات وتهدد البلاد بانقطاع الإنترنت. وفي الآونة الأخيرة، فإنّ الإضرابات سببها المطالبة بزيادة المرتبات التي لم تعد تُساوي شيئاً بعد الانهيار النهائي لليرة اللبنانية. ويتنافس الناس أمام الفضائيات بالشكوى من غلاء الأسعار تارةً ومن الجوع تارةً أخرى في رمضان!
وهناك المشكلتان الرئيسيتان اللتان لم يجدْ لهما البرلمانُ وحكومةُ تصريف الأعمال حلاً.
البرلمان مهمته الحاضرة والوحيدة، حسب الدستور، انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لكنّ رئيسه قرر إقفاله بعد أحد عشر انعقاداً، دونما قدرة على الوصول لانتخاب الرئيس العتيد. الثنائي الشيعي (حركة «أمل» و«حزب الله») رشَّح النائب والوزير السابق سليمان فرنجية للرئاسة. لكنهما لا يملكان الأكثريةَ اللازمةَ لانتخابه. بيد أن معظم النواب المسيحيين يعارضون هذا الترشيح مع عدم الاتفاق على الخيار البديل. ولذا عندما كان البرلمان يجتمع، إما أن يقاطع الاجتماعَ الثنائيُّ الشيعيُّ، أو يقاطعه المعارضون لانتخاب فرنجية.. وفي الحالتين يتعذر الانعقاد!
أما رئيس الحكومة فهو عاجزٌ أمام مطالب إضرابات مختلف الفئات، لأنّ الخزينة مفلسة ولا تستطيع الاستجابة لمطالب الزيادات من سائر الفئات. بيد أن رئيس الحكومة عاجزٌ عن أداء مهمةٍ أكبر، وهي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على تقديم قرض للبنان لإخراجه من الأزمة. صندوق النقد يطالب منذ سنتين بالإصلاحات التي تؤهّل لبنان للحصول على القروض من الصندوق. والحكومة لم تتقدم خطوةً في هذا السبيل. ولا يمضي أسبوع إلاّ وتتلقى الحكومةُ ورئيسُها تأنيباً من صندوق النقد أو من الاتحاد الأوروبي أو من الولايات المتحدة. بل وتأتي وفودٌ من الجهات الثلاث للمطالبة بنفس المطالب تقريباً ولا من مجيب. وما عاد رئيس الحكومة يكلّف نفسَه مشقةَ الرد أو التوضيح، سواء لجهة عدم السير في الإصلاحات، أو ماهي خطته (وهو رئيس السلطة التنفيذية) للخروج من المأزق.
إنّ هذا التعداد المملّ واليائس للتأزمات يعني في الوقت نفسه الانسدادَ وابتعاد الحلول. لكنّ الأمر لم يعد مقصوراً على ذلك. بل إنّ التأزمات تتحول إلى عنف ليس في الشارع فقط، بل في أوساط البرلمان والحكومة. وما يزال العنف بين النواب والوزراء كلامياً، لكنه يمكن أن يصبح عنفاً قاتلاً.
لماذا حصل ويحصل كل هذا؟ من المراقبين مَن يعيده إلى طبيعة النظام السياسي والذي تتعاقب فيه وعليه الأزمات كل عشر سنوات أو خمسة عشر عاماً. ومن المراقبين مَن يتجه للتفسير الوقائعي أو المباشر. فملف الكهرباء المقطوعة دائماً كان يمكن أن يجد حلاً قبل عشر سنواتٍ أو أكثر، وكذلك الإصلاحات.. لكنّ الجميع متورطون بحيث إنّ المضيّ خطوةً إلى الأمام يمكن أن يضر بأحد الأطراف فيعترض، حتى ولو كانت المصلحة الوطنية الضرورية تقتضي التوافق على الأساسيات.
لا أعرف مَن الذي قال لأول مرة العبارةَ: الأمل الذي لا شفاء منه! فلا يستطيع المرءُ إلاّ أن يعيش أملاً من نوعٍ ما بوطنه وبني قومه. لكنه يظل وسط هذه الظروف موقوفاً لأنه لا شروط له تؤدي إلى إمكان تحققه!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان والأمل الذي لا شفاء منه لبنان والأمل الذي لا شفاء منه



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 02:24 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الحبوب وأكثرها فائدة لصحة الإنسان

GMT 02:03 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مشاهير عالميون حرصوا على أداء مناسك عمرة رمضان 2024
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon