زعامة المحافظين وعودة الصحافة البريطانية المطبوعة

زعامة المحافظين وعودة الصحافة البريطانية المطبوعة

زعامة المحافظين وعودة الصحافة البريطانية المطبوعة

 لبنان اليوم -

زعامة المحافظين وعودة الصحافة البريطانية المطبوعة

يقلم:رضوان السيد

انتهت المرحلة الأولى من إجراءات ترشيح نائبين من حزب المحافظين الحاكم لطرح اسميهما على أعضائه في بريطانيا، للتصويت خلال ستة أسابيع لاختيار بديل لبوريس جونسون، الذي استقال في السابع من الشهر الحالي من زعامة الحزب التي تولاها في 2019 (ولا يزال رئيساً للحكومة). وكما عودنا القراء نود مشاركتهم في ملاحظات من زوايا مختلفة عن تناول الآخرين.

الصحافة والشبكات الأجنبية (غير البريطانية) تتساءل: هل اقتصار اختيار زعيم سيصبح رئيساً للحكومة بعد ستة أسابيع على تصويت مائتي ألف (حاملي بطاقة عضوية الحزب) في مملكة سكانها ستون مليوناً يعد ديمقراطية؟
الإجابة نعم؛ لأنه في النظام البريطاني الفريد من نوعه، الحكومة تكونها الأغلبية البرلمانية، والناخب في المملكة المتحدة ينتخب أحزاباً سياسية لا رئيساً مباشراً للدولة كحال الولايات المتحدة، أو فرنسا، أو (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا). ولذلك تقتصر المرحلة الأولى لاختيار زعيم للحزب على نوابه، يقدمون اسمين في المرحلة التالية لتصويت قواعد الحزب لواحد منهما؛ وبالطريقة نفسها، سواء في الحكم أم المعارضة (كانتخاب مارغريت ثاتشر في 1975 وديفيد كاميرون في 2005).
الملاحظة الأخرى مفاجأة الصحافيين الأجانب من بلدان ثقافتها السياسية غير أوروبية الأصل (أقصد ديمقراطيات تطورت عن النظم الأوروبية في القرن الماضي)، الذين يتعجبون من احتمال متزايد، (حسب استطلاعات الرأي)، أن يكون الرئيس القادم لحكومة بريطانيا غير أبيض، ابناً لأبوين مهاجرين هنديين.
فقد انحصرت المنافسة بعد انتهاء التصويت بين نواب المحافظين، الأربعاء، في مرشحين اثنين: إليزابيث ترس، وزيرة الخارجية، ولو انتخبت ستكون ثالث سيدة تتزعم الحزب العريق (تأسس في ثمانينات القرن الثامن عشر) وثالث رئيسة لوزراء بريطانيا (الليدي ثاتشر 1979 - 1990؛ وتريزا ماي 2016 - 2019)؛ المرشح الآخر ريشي سوناك، ابن الثانية والأربعين عاماً، وهو من أبوين مهاجرين من الهند يتولى ثاني أقوى وأهم منصب وزاري في المملكة المتحدة، وزيراً للمالية والاقتصاد والمعاملات التجارية؛ سابقه كان ساجد جويد 2019 - 2020 ابن مهاجرين من باكستان، وعمل والده سائق أوتوبيس. خليفة سوناك، ناظم زهاوي، مهاجر من العراق من أبوين كرديين، كان مرشحاً لتولي الزعامة، وأيضاً كيمي بيدنوك، ابنة مهاجرين من نيجيريا، وكانت وزيرة في عدة وزارات منذ 2015 (المساواة وتكافؤ الفرص؛ وتبادلات الخزانة؛ الأطفال وشؤون الأسرة في وزارة المعارف).
سبب هذه الملاحظة أسئلة صحافيي يبدون الاستغراب (وبعضهم يبدون التعجب الاستنكاري) من أن مجموع أصوات نواب المحافظين، البيض من مواليد الأمة البريطانية وخلفيات أوروبية ذهبت أغلبيتها للمرشحين الملونين المهاجرين - الطريف بعض المراسلين سألوني عن وزير المالية زهاوي «العراقي»، وكيف ينتخب البريطانيون «عراقياً كانت بريطانيا في حرب مع بلاده؟»؛ منظور غير معتاد للتناول الصحافي يحتاج إلى دراسة منفصلة، لأن الخلفية العرقية أو أصل المرشح لا تهم الناخب المحافظ ولا نوابه. تقديري أن مصدر معظم الصحافيين العرب عن الحياة السياسية البريطانية هو الصحف اليسارية كـ«الغارديان»؛ لأنه فقط اليسار البريطاني الذي يدعي التقدمية وينادي بالمساواة، هو من يحمل - ربما في العقل اللاشعوري - النظرة العنصرية، بمعني أن المهاجرين، أو الأقليات العرقية والدينية يجب، في الفلسفة اليسارية السائدة اليوم في بريطانيا والغرب عموماً، أن تسير وراء راية اليسار الذي يرى مسلماً، أو يهودياً أو امرأة داكنة البشرة، «كضحية لعهود الاستعمار» مكانهم فقط في الأحزاب الاشتراكية كالعمال أو الديمقراطيين الأحرار، أما انتماؤهم للمحافظين فهو خيانة للطائفة والعرق ومبدأ اليسار نفسه. المفارقة أنه لم يحدث أبداً أن تولى وزارات سيادية كالمالية والداخلية، أو الصناعة، والصحة في حكومات العمال (التقدمية) شخص أسود. بعكس المحافظين، حيث تولي (ولا يزلون) السود وأبناء المهاجرين وزارات كبرى (المالية، والداخلية، والصحة، والمعارف، والطاقة والصناعة والتجارة).
اختلاط الأمر على الصحافة من منطقة الشرق الأوسط، يجرنا إلى ملاحظة أخرى في الوسط الذي يستخدمه المرشحان، المدام ترس، والسيد سوناك، في التواصل مع المحيط الأوسع من ناخبيهم (وللتذكير هم أعضاء الحزب في القواعد وليس الناخب العام)؛ إنها العودة للصحافة المطبوعة (وأكرر المطبوعة الورقية وليس المكتوبة على مواقع الإنترنت).
فصبيحة اختيارهما كتب المرشحان، ترس وسوناك، مقالات تشرح سياسات كل منهما في صحف المحافظين التقليدية كـ«الديلي تلغراف»، و«الديلي ميل» و«الديلي إكسبرس»؛ بعكس الانتخابات العامة، عندما استخدم المرشحون التلفزيون أداة تواصل، عامة، أما مرشحو الدوائر فكانوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي مع أبناء الدائرة، بجانب الصحف والإذاعات المحلية. مرشحا الزعامة يستخدمان الصحف القومية من يمين الوسط. فالناخب المحافظ، بحكم التعليم والدوائر الريفية، والسن، يعد الصحيفة المطبوعة مصدراً موثوقاً به، ونادراً ما يستخدم التواصل الاجتماعي والتلفزيون. إحصائية «أوف - كوم» (مكتب ترخيصات ومتابعة البث) هذا الأسبوع وجدت 29 في المائة من الصغار يعتمدون على «إنستغرام»، و28 في المائة على «تيك توك» كمصدر الأخبار، ولا يفوقها إلا الثرثرة مع الأقارب (65 في المائة) كمصدر، ولا يثق 30 في المائة منهم بـ«فيسبوك» (النسبة 80 في المائة بين كبار السن)، ونادراً ما سيكون بينهم أعضاء في حزب المحافظين. مضمون جدل المرشحين على أعمدة الصحف المطبوعة يثر ملاحظتين؛ الأولى العودة للقول المأثور «إنه الاقتصاد يا غبي»، بينما التواصل الاجتماعي وشبكات التلفزيون تركزان على الأمور الشخصية والإيقاع بالمرشح من لسانه (كسقوط جونسون ليس لأداء اقتصادي أو إخفاق سياسي وإنما لتصيد أخطاء من تصرفات شخصية). المرشحان يسوقان فكرتين، في دائرة محيرة كسؤال من يسبق: البيضة أم الفرخة. ترس تريد تخفيض الضرائب لتحفيز النمو وجذب الاستثمارات لمواجهة غلاء المعيشة وأزمة أسعار الوقود؛ وسوناك، يجادل بأنه لا يمكن تخفيض الضرائب إلا بعد الخروج من الأزمة أولاً بدفع الديون عبر جباية الضرائب لمواجهة معدلات التضخم. الملاحظة الثانية استشهاد سوناك بالسياسة الثاتشرية في الثمانينات، مكرراً اسم الزعيمة الراحلة عدة مرات، بينما ترس، تستشهد هي الأخرى بالسيدة الحديدية، في سياسة تخفيض الضرائب والتصريحات القوية الموجهة للرئيس الروسي في أزمة أوكرانيا والاتحاد الأوروبي. أعضاء الحزب يتساءلون: أي منهما ستباركه روح ثاتشر؟!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زعامة المحافظين وعودة الصحافة البريطانية المطبوعة زعامة المحافظين وعودة الصحافة البريطانية المطبوعة



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 16:11 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 10 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 09:34 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

بريطانيا تُحقق في اغتصاب جماعي لفتاة بعالم ميتافيرس

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 20:21 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 3 مايو/ أيار 2023

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon