ظريف لا يحق لماكرون التدخل في لبنان

ظريف: لا يحق لماكرون التدخل في لبنان

ظريف: لا يحق لماكرون التدخل في لبنان

 لبنان اليوم -

ظريف لا يحق لماكرون التدخل في لبنان

جوني منير
بقلم : جوني منير

إحتار العديد من المراقبين في تفسير المغزى الحقيقي لزيارة الرئيس سعد الحريري الى قصر بعبدا غداة عودته من جولته الخارجية، لا سيما بعد لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون صاحب المبادرة الوحيدة لإنقاذ لبنان من أزمته الحكومية والاقتصادية. الزيارة التي لم تحمل جديداً، والتي لم يسبقها أي تمهيد حقيقي، خصوصاً بعد الكلام القاسي الذي كان قد أطلقه رئيس الجمهورية بحق الحريري في الشريط المسرّب «خطأ»، كما جرى التبرير لاحقاً، كان من الطبيعي ان تكون قصيرة ومتوترة. وعليه، لا بد من طرح السؤال حول اسباب حصولها؟ وما اذا كانت تمهيداً لتطورات لاحقة ستظهر تباعاً؟

الواضح أن التوتر السياسي والاعلامي مرشّح للتصاعد خلال المرحلة المقبلة، فكلا الفريقين رفعا السقف السياسي الى الحد الأقصى وبات معه من الصعب لأيّ منهما التراجع خطوة واحدة الى الوراء لأنه سيحسب في خانة الخسارة. المخرج الوحيد المُتاح هو من خلال ضغط خارجي باتت باريس تعمل على تأمينه، لا بل انّ العاصمة الفرنسية مقتنعة ضمناً بأنّ ثمة تشجيع إقليمي لاستمرار المواقف على حدّتها. وخلال الايام الماضية استعادت الحركة الخارجية بعض حيويتها باتجاه لبنان بالتناغم مع المستجدات الدولية المطروحة حيال المفاوضات الاميركية - الايرانية والملف اليمني، وهو ما أنتَج عودة السفير السعودي الى بيروت واستعداد الرئيس الفرنسي لزيارة السعودية والامارات. لكنّ الحركة الفرنسية قوِبلت باعتراض ايراني، وانعكست نتائجها السلبية على الساحة اللبنانية، فما الذي يحصل؟

مؤخراً، دعا وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الاتحاد الاوروبي للتوسّط بين بلاده والولايات المتحدة الاميركية لإنقاذ الاتفاق النووي. لم يتأخّر الرئيس الفرنسي في إطلاق مبادرة عنوانها دفع الحوار بين واشنطن وطهران، مع تضمين اقتراحه ضَم السعودية واسرائيل الى المفاوضات. هذا في وقت أعلنت إدارة جو بايدن نيتها ضَم ملف البرنامج الصاروخي لإيران الى المفاوضات الملف النووي. وسرعان ما أعلنت طهران رفضها مبادرة الرئيس الفرنسي. وفي نهاية الشهر الماضي أعلن قائد الحرس النووي الايراني حسين سلامة أنّ ايران ليست على عجلة من أمرها للعودة الى الاتفاق النووي، وانّ بلاده يمكنها الاستمرار في العيش في ظل العقوبات. والأهم هو ما قاله ظريف لنظيره الروسي، ففي 26 كانون الثاني الماضي زار وزير الخارجية الايراني موسكو للمرة الخامسة في أقل من سنة بعد تأجيل لهذه الزيارة التي كان من المفترض ان تتم في تشرين الثاني الماضي، في اطار جولة كانت ستشمل اذربيجان.

في الزيارة الاخيرة، وعلى غرار الزيارة التي كانت قد سبقتها في 24 ايلول الماضي، تطرّق المسؤول الايراني الى الملف اللبناني من زاوية المبادرة الفرنسية. في الزيارة الرابعة سأل ظريف مُستهجناً: «ماذا يفعل ماكرون في بيروت؟». اما في الزيارة الاخيرة، اي الخامسة، فإنّ وزير الخارجية الايراني اعترض على سَعي ماكرون لتشكيل حكومة في لبنان على قياسه، معتبراً انه يتدخل في شؤون لبنان الداخلية وانه لا يحق له ذلك، ولا يحق له حتى تسمية وزير واحد.

في الواقع، كان ظريف يرد «التحية» لماكرون الذي بَدا ساعياً لإشراك السعودية واسرائيل في مجموعة الدول التي تفاوض حول النووي. وتدرك ايران انّ الرئيس الفرنسي يحمل مشروعاً سياسياً عنوانه «الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا»، وهو ما يتضمن تعزيز القدرات الدفاعية الاوروبية المشتركة في شمال افريقيا وعند الساحل الشرقي للبحر الابيض المتوسط، وهما يعتبران المدى الامني الحيوي لأوروبا. وهنالك ثغرتان أساسيتان تتمثلان بالساحة الليبية في افريقيا، والساحلين السوري واللبناني في الشرق الاوسط.

واذا كان التنافس الفرنسي مع تركيا هو في ليبيا، فإنّ تَعارُض المصالح مع ايران حاصِل في لبنان وسوريا. صحيح أنّ فرنسا عادت لتتقدم بحَذر في لبنان تحت غطاء اميركي لا يبدو بعد حاسماً بما فيه الكفاية، الّا انّ ايران تعمل للعب على الحساسيات الاوروبية الداخلية، خصوصاً الحساسية الالمانية التي تَرتاب من الطموح الفرنسي لبسط نفوذه على القرار الاوروبي. لكنّ التحرك الفرنسي المستجد يسعى للعمل تحت العباءة الاميركية في ظل ادارة جو بايدن المرحّبة بإشراك الاوروبيين في الجهود الحاصلة.

إلّا أنّ المرحلة ما تزال مرحلة ترتيب الساحة قبل دخول قاعة المفاوضات، وهذا الترتيب يحصل بالرسائل الحربية في بعض الاحيان.

فمثلاً، أرسلت الادارة الاميركية الديبلوماسي المخضرم تيموني ليندركينغ الى الرياض في مهمة إنهاء الصراع في اليمن. لكن، ولحظة وصوله، أرسلت ايران من خلال الحوثيين عدة طائرات مسيرة مفخخة، واستهدفت مدينة أبها ومطارها جنوب غرب السعودية.

كذلك، فإنّ الضغوط تشتد على الخط البري الذي سَعت طهران دائماً لتأمينه للربط بين اراضيها وجنوب لبنان وسط تصاعد الغارات الاسرائيلية التي اصبحت اكثر عنفاً، خصوصاً في محيط مطار دمشق الدولي وعند الحدود السورية - العراقية.

في المقابل، باشرت طهران التلويح بفتح خط بحري مع الساحل السوري، كرديفٍ للخط البري.

ومؤخراً، لَمّح المسؤولون الايرانيون الى انّ بلادهم ستدخل حمى الحملات الانتخابية بدءاً من الشهر المقبل، ما يعني ضمناً عدم رغبتها بأيّ مفاوضات قبل حزيران المقبل، فيما واشنطن تعمل لترتيب هذه المفاوضات خلال المرحلة المقبلة وقبل موعد الانتخابات الرئاسية الايرانية.

كلّ هذه الصورة الاقليمية المتشابكة تؤثر بالعمق في الساحة اللبنانية، أضِف الى ذلك التدهور المستمر للواقعين الاقتصادي والمالي، والذي بات يهدد وجود الدولة اللبنانية.

فرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب أبلغ الجميع أنه لن يعود عن قراره بعدم دعوته لعقد جلسة حكومية لمناقشة الموازنة أو لأي أمر آخر. وبالتالي، فهو لم يعد مستعداً لاتخاذ اي قرار حول ترشيد الدعم نظراً لانعكاساته الصعبة على الناس. وهو رَدّد امام زواره: «شكّلوا حكومة جديدة ولتتحمّل مسؤولياتها». وهو ما يعني اّن الصراع القائم مرشّح لأن يَشتَد. لكن من المفترض ان يكون هذا الصراع على طريق التسوية، وليس المواجهة المفتوحة. وفي بعض التفاصيل يمكن استنتاج الكثير، بعيداً عن الرسائل الحامية المتطايرة.

ففي الاحتفال الذي أقيم للصلاة على روح لقمان سليم، ظهرت إشارتان لا يمكن إغفالهما. الاشارة الاولى جاءت مع عدم حضور سفيرة فرنسا. وفي هذا التَغيّب إشارة الى الحرص على عدم استفزاز «حزب الله»، رغم حضور العديد من السفراء الاوروبيين. والاشارة الثانية جاءت هذه المرة من «حزب الله» مع سلوك موكب السفيرة الاميركية شوارع الضاحية الجنوبية من دون ظهور تجمّعات مُعترضة، ولو بأعداد صغيرة، لنساء او اطفال كما يحصل عندما تزور السفيرة الاميركية الجنوب، حيث يجري رَشق الموكب بالحجارة. هذا مع العلم انّ هنالك توجيهات صارمة من وزارة الخارجية الاميركية لطاقم السفارة في لبنان بتفادي أيّ اصطدام من هذا النوع.قد تكون تحية من بعيد، وسط ضجيج المواقف العنيفة والرسائل النارية والمناورات الخطرة.

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظريف لا يحق لماكرون التدخل في لبنان ظريف لا يحق لماكرون التدخل في لبنان



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

كارمن بصيبص بإطلالات أنيقة تناسب السهرات الرمضانية

بيروت - لبنان اليوم

GMT 21:29 2023 الإثنين ,08 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 8 مايو / آيار 2023

GMT 05:06 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 18 مارس/ آذار 2024

GMT 06:58 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

توقعات الأبراج اليوم الإثنين 25 مارس/ آذار 2024

GMT 19:45 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 2 مايو/ أيار 2023

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 15:13 2022 السبت ,07 أيار / مايو

اتيكيت تقديم الطعام في المطاعم

GMT 07:15 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

تخفيف الإجراءات الامنية في وسط بيروت

GMT 23:24 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

طريقة وضع المكياج على الشفاه للمناسبات

GMT 23:19 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

موضة المجوهرات الصيفية هذا الموسم

GMT 20:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

أبرز اتجاهات الموضة في حقائب اليد هذا الصيف

GMT 17:21 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

التنورة الماكسي موضة أساسية لصيف أنيق

GMT 22:46 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

جوسيب يحقق رقمًا قياسيًا ويفوز بالذهبية

GMT 19:41 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وزير الرياضة المصري يستقبل رئيس نادي الفروسية

GMT 15:36 2023 السبت ,15 إبريل / نيسان

إتيكيت إهداء العطور النسائية

GMT 14:00 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

نصائح "فونغ شوي" لسكينة غرفة النوم

GMT 17:30 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon