محاباة الأقارب وخراب البلاد

محاباة الأقارب وخراب البلاد

محاباة الأقارب وخراب البلاد

 لبنان اليوم -

محاباة الأقارب وخراب البلاد

د.مصطفى علوش
بقلم : د.مصطفى علوش

«لَم أَرَ مِثلَ جَمعِ المالِ داءً وَلا مِثلَ البَخيلِ بِهِ مُصابا

انَّ البِرَّ خَيرٌ في حَياةٍ وَأَبقى بَعدَ صاحِبِهِ ثَوابا

وَأَنَّ الشَرَّ يَصدَعُ فاعِليهِ وَلَم أرَ خَيِّراً بِالشَرِّ آبا

عَجِبتُ لِمَعشَرٍ صَلّوا وَصاموا عَواهِرَ خِشيَةً وَتُقى كِذابا»

من المثير أن نعرف أنّ لفظة «واسطة» أصبحت إحدى الكلمات المستعملة في اللغة الإنكليزية أحياناً للتعبير عن محاباة الأقارب في التعيينات في مناصب معينة، وربما أنها بقيت لتطبع هذا الشرق الحزين وتصبح سفيرته في الأدبيات الأجنبية. وفي التعريف عن المحاباة، فهو مبدأ مَنح النافذين في مواقع السلطة، بمختلف أشكالها، وظائف غير مستحقة لأقربائهم، أي بغضّ النظر عن كفاءتهم للحصول على المنصب حتى وإن كان آخرون أحَقّ منهم بالوظيفة. والأسوأ هو عندما يصرّ صاحب النفوذ على مُحاباة أحد الأشخاص حتى وإن أدّت إلى تخريب المنظومة القائمة.

الأمثلة في التاريخ كثيرة، وهي ممارسة لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، وإن كانت بعض الأنظمة ذات الطابع المؤسساتي تمكّنت من الحَد من تلك الممارسات وصولاً إلى تَجريم من يمارسها في السلطة.

الإشكالية الإضافية لممارسة الواسطة هي في تأثيرها الشديد السلبية على إنتاجية وطموح الآخرين الذين لا تشملهم رعاية المحاباة، فيتحولون إلى السلبية أو اللامبالاة في ممارسة وظائفهم. وبالنتيجة، فإنّ ذلك ينعكس بنحوٍ خطير على المنظومة من أصغر دائرة وصولاً إلى الدول التي قد تنهار كليّاً على وَقع هذا النوع من الممارسات. الكارثة تحلّ عندما يكون صاحب السلطة شديد النرجسية لدرجة استِسهال دمار الهيكل بكامله على طريقة شمشون. يعني: عليّ وعلى أعدائي. كما أنّ المصيبة تصبح مضاعفة عندما يكون المورث والوريث بالمقدار نفسه من النرجسية الفَجّة التي لا ترى إلّا انعكاس ذاتها في المرآة ولا تأبَه بما يَرزَح تحته البشر من معاناة يسبّبها الإصرار المَرَضي على التوريث على رغم من كل المعوقات.

«لعيون صهري ما تِركَب حكومة!» قد تكون هذه الجملة الأكثر تداولاً بين الأقوال المأثورة لرئيس جمهوريتنا المعذّبة، الى درجة لم يعد أحد يتذكّر «يا شعب لبنان العظيم»، بعد أن أوصَله صاحب القول إلى أبواب جهنم. كل إشارات التفاؤل التي كان ينام عليها اللبنانيون بعد كل زيارة يقوم بها الرئيس المكلّف ، يأتي زوّار الليل وعلى رأسهم ولي العهد، ِليُحبطوا آخر بصيص أمل بوقف الانهيار، وكل ذلك «لعيون الصهر». الواقع، لا يمكن لأحد أن ينكر على وليّ العهد طموحه، ومن خلال ما رأيناه منه على مدى السنوات العجاف، فلا شك أنه طموح وفَطِن، لكنّ الفِطنة والطموح ليستا ملكاً حصريّاً للرجل، وهناك عشرات الآلاف من البشر في لبنان ممّن يتمتعون بالصفات نفسها ويزيد، لكن ما يزيد عند ولي العهد هو التضَخّم الهائل في انعكاس شخصه في المرآة. وبكل موضوعية، ومن دون غرضية أو ضغينة سياسية، فلولا كونه الصهر المفضّل لرئيس الجمهورية  بين كل أصهرته، ولولا الظروف السياسية التي سمحت له بالنجاح الأسطوري في شؤونه الخاصة، وحتى في الجزء العام الذي حَوّله مصلحة خاصة، لَما كانت كل تلك الفِطنة التي يتحدث عن نفسه بها لِتؤهّله لأيّ منصب كان. ولكن، على رغم من كل ذلك، فلو كان قد نجح في إنجاز ملف الكهرباء وحده، لَما كان لأحد أن يعترض على تَوليته ما يراه في نفسه في الحكم. لكنّ المريب هو كيف لِمَن فَشل في ملف ذي طابع حيوي، مثل الكهرباء، تَسبّب بخسارة اللبنانيين نصف مدّخراتهم بسبب الدعم، أن يدّعي أنه سينجح في أن يقود البلاد؟ لكنّ الأسوأ اليوم هو أنه بعد أن سقط في دائرة العقوبات، وتمّت شَرشَحته على يد السفارة الأميركية في خصوص المساومات الفاشلة والمشينة لتفادي تلك العقوبات، يأخذ البلد بكامله رهينة في تعطيل تأليف الحكومة في انتظار أن تأتي إدارة أميركية جديدة تَعفو عنه أو تتغاضى.

لكن ما هو معروف هو أنّ الوقت ينفد بسرعة أمام لبنان، وولي العهد يحاول ابتزاز العالم بأخذه لبنان رهينة وهو يردّد في نفسه «ما هَمّ إن بقيَ البلد أم ذهب إن لم أكن أنا الحاكم؟». رحم الله مَن قال: «ما بيهِمّ مين بيروح ومين يبقى، المهم البلد يبقى».

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاباة الأقارب وخراب البلاد محاباة الأقارب وخراب البلاد



GMT 22:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الشباب والهجرة

GMT 22:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 22:18 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 22:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 22:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الحقّ الفلسطيني وحياة القادة وموتهم!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:34 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

موضة ألوان طلاء الجدران لعام 2024

GMT 12:50 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 14:06 2022 الثلاثاء ,25 كانون الثاني / يناير

خطوات تطبيق المكياج الخليجي للمحجبات

GMT 11:15 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

خطوات بسيطة لتنسيق إطلالة أنيقة بسهولة

GMT 19:02 2021 الثلاثاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

النجمة يخرج العهد من كأس لبنان

GMT 19:52 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إصابة 17 مشجعاً إثر حادث تصادم جماعي في بريطانيا

GMT 14:28 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 05:22 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

نصائح لاختيار أحذية الـ Pumps بشكل صحيح

GMT 16:47 2022 الإثنين ,07 آذار/ مارس

أفضل العطور في العام الجديد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon